محمد أبو علان
مستوى العلاقة المتردية بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه يواف جالنت تحولت لمادة دسمة في الإعلام الإسرائيلي، غالبية فترة الحرب بشكل عام، وفي الأيام الأخيرة بشكل خاص، في هذا السياق كتبت موران أزولاي مراسلة يديعوت أحرنوت للشؤون السياسية والبرلمانية: ” العلاقة بين الاثنين وصلت لطريق مسدود، لا ينجحون بالعمل معاً، نتنياهو قلق من إقالة جالنت، وجالنت لا يريد الاستقالة، الانتخابات يمكن أن تكون الحل”
وتابعت مراسلة يديعوت أحرنوت: المظاهرات الواسعة في اليومين الماضيين كانت على خلفية مقتل ستة أسرى إسرائيليين في أسر حماس في قطاع غزة، في شبكات التواصل الاجتماعي أطلقوا على هذه التظاهرات “ليلة جالنت 2” نسبة للمظاهرات الضخمة التي خرجت في إسرائيل عندما أقال نتنياهو جالنت خلال مرحلة الإصلاحات القضائية قبل الحرب على قطاع غزة.
الواقع الحالي من الظاهرات تزامن مع علاقة متوترة ومعقدة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب جالنت، السؤال الذي بقي معلق في الهواء، ماذا يريد كل طرف منهم؟، هل انتهى نتنياهو من إمكانية إقالة جالنت، وإدخال شخص آخر لوزارة الحرب الإسرائيلية؟، وهل يرى جالنت إنه استنفذ دوره، ووجد نفسه في واقع تتخذ فيه قرارات أمنية من فوق رأسه؟، أم إنه يرى أن هذا الوقت هو الذي يجب عليه البقاء في منصبه؟ .
جهات على علم دقيق بطبيعة العلاقات بين الطرفين، ويشاركون في نقاشات قضايا حساسة تطفوا على السطح فيها الخلافات الجوهرية بينهما، يدعون أن السؤال المركزي، أيٍ منهم سينكسر أولاً، هل سيعلن نتنياهو أولاً إنه غير قادر على إدارة الحرب ولجانبه جالنت، أم يعتبر جالنت التصويت في الكبنيت على البقاء في محور فيلادلفيا القشة التي قسمت ظهر البعير ويستقبل.
وتابعت يديعوت أحرنوت: نتنياهو معني باستبدال وزير الحرب الحالي جالنت بشخصية سياسية تتوافق معه في مجريات الحرب، وفي موضوع صفقة تبادل الأسرى، لكنه مضطر لضبط النفس، وهناك أسباب عدة تجبره على ذلك، من غير المقبول إقالة وزير حرب في ذروة الحرب، والتي قد تتوسع، كما أن إقالة جالنت ستزيد من مستوى الاحتجاجات الشعبية، وبدون جالنت ستكون لنتنياهو ليس فقط حكومة يمينية، بل حكومة تفتقر للخبرة الأمنية.
وعن سياسية نتنياهو بشكل عام كتبت الصحيفة العبرية: عبر سنوات عمله السياسي اعتاد نتنياهو إحاطة نفسه بعدد من الشخصيات المعتدلة، ولكن ليست حمائم، لكنها تشكل وزن مهم أمام البيئة اليمنية التي تحيط به.
يائير لبيد وبني جنتس ويهود باراك وتسيبي لفني وموشه كحلون، كل هؤلاء كانوا هناك، وكانوا الجدار العازل الذي يكبح جماح المعسكر الصهيوني، إن التخلي عن مثل هذا الدرع ا في مثل هذا الواقع المعقد للحرب وخاصة عندما يكون جالانت بالفعل الأقلية في الحكومة، هذا يتعارض مع “الحمض النووي” السياسي لنتنياهو.
يوم الخميس الماضي، وبعد الطرح المفاجئ لنتنياهو التصويت على ضرورة بقاء الجيش الإسرائيلي محور فيلادلفيا في أي حل كان في المستقبل، الخطوة التي خلقت مزيد من التوتر بين نتنياهو وجالنت، قال جالنت لوزراء الكبنيت:” تصويتكم اليوم يخلق مؤشران رديئان، إما أن يموت الأسرى، أو أن تضطروا لتغيير القرار”، وقال أيضاً، ليس لدى الأسرى وقت، في سياق محاولته منع التصويت، لكنه بقي وحيداً أمام وزراء الكبنيت.
وحول خيار استقالة جالنت كتبت يديعوت أحرنوت: حتى بينه وبين مقربيه، لا يطرح جالنت إمكانية استقالته، وهي ليست على جدول اعماله مطلقاً، استقالة جالنت لن تكون مجدية للبلاد، ولن تساعد في تحقيق أيٍ من أهداف الحرب، لا في إعادة المخطوفين، ولا في هزيمة حماس، ولا على الجبهة الشمالية.
شخصيات تحدثت مؤخراً مع جالنت، قالت بانه يرى في نفسه خط الدفاع الأول عن قادة المؤسسة الأمنية، وبشكل خاص رئيس الأركان هرتسي هليفي ورونين بار رئيس جهاز الشاباك، الذين يتواجهون بشكل دائم مع المستوى السياسي على قضايا جوهرية، وبدونه سيكون الوضع صعب بالنسبة لهم، وحال استقال، هم أيضاً سيستقيلون، وما يقلق وزير الحرب من سيتم تعينهم بدلاً منهم.
في الليكود لا يلون أهمية لتسريبات وتصريحات وزير الحرب جالنت، ويقولون حتى لو أقيل/استقال وحظي بشعبية، ستكون شعبية مؤقتة لإسبوع أو اثنين، وستحل على جدول الأعمال قضايا أخرى أهم، وترى شخصيات في الليكود أن جالنت كان يجب أن يستقيل بعد السابع من أكتوبر، وأن يخرج مطأطئ الرأس، وإن كل ما يريده جالنت تقليل حجم الضرر الشعبي بحقه، الوضع الأمثل لنتنياهو لإقالة جالنت هو الإعلان عن موعد الانتخابات القادمة، مسألة مهمة أن يصل جالنت الانتخابات القادمة كوزير حرب، أو بدون وزارة مطلقاً.
وعن المستقبل السياسي لوزير الحرب الإسرائيلي ختمت يديعوت أحرنوت: الواقع الحالي لا يعني أن مستقبل جالنت السياسي بات وراءه، هناك من يعتقد أن جالنت سيحاول تشكيل معسكر جديد من النوع الجاري الحديث عنه منذ سنوات، يمين رسمي أكثر، متوازن أكثر، ويمكنه الخروج بعلنية ضد نتنياهو، على شاكلة نفتالي بنت وجدعون ساعر، السؤال، هل سيكون جالنت حلقة في هذه السلسلة، الكلمة الأخيرة لم تقال بعد.