loading

ميساء يوسف.. فنانة فلسطينية ترمم لوحاتها من تحت الركام لتوثيق مآسي الحرب

بشار عودة

وسط الدمار والركام، تقف الفنانة التشكيلية ميساء يوسف، تنفض الغبار عن لوحاتها التي انتشلتها من تحت أنقاض منزلها، الذي دمره القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة. 

بعيون تملؤها الحسرة، ولكن بإصرار لا ينكسر، تحاول ميساء، الأم لثلاثة أطفال، إعادة إحياء أعمالها الفنية التي أفنت سنوات عمرها في إنجازها، فبرغم فقدانها مَرسمها وأغلب أدواتها، لم تفقد شغفها، بل واصلت طريقها لإيصال صوتها وصوت وطنها للعالم.

تعمل ميساء بأسلوب فن الكولاج، وهو فن معاصر يعتمد على دمج خامات بيئية متنوعة، مثل “الورق، والكرتون، وورق الجرائد”، لإنتاج أعمال تحمل في طياتها ذاكرة الأرض والإنسان الفلسطيني.

وخلال مسيرتها الفنية التي امتدت لأكثر من 14 عامًا، نجحت يوسف في توثيق القضية الفلسطينية عبر عشرات اللوحات التي تعيد سرد النكبة وما تبعها من تهجير وتشريد، مؤكدةً أن ما يحدث اليوم ليس سوى استمرار للمأساة ذاتها.

 وتقول  يوسف في حديث  لـ”بالغراف”:”نحن نعيش حرب إبادة، نفقد منازلنا، وحقوقنا الأساسية في الغذاء والمسكن والأمان. الحياة في غزة مجرد محاولة مستمرة للبقاء وسط الموت المتربص بنا”.

وأشارت إلى أن الفلسطينيين لا يزالون حتى اليوم يعيشون في الخيام، تحت القصف والجوع والحصار المستمر منذ 17 عامًا.

خلال الحرب الإسرائيلية على غزة ، تحول منزلها إلى كومة من الأنقاض، ومعه ضاعت معظم أعمالها الفنية التي كانت توثق سنوات من النضال البصري. ورغم ذلك، لم تستسلم، بل بدأت في ترميم بعض اللوحات التي استطاعت إخراجها من بين الركام، محاولةً الحفاظ على ما تبقى من عالمها الفني.

وتضيف “قد نفقد بيوتنا، لكننا لا نفقد أفكارنا. لا يزال لدينا الأمل، وطالما نحن أحياء، سنظل نُنتج فنًا يعبر عن الواقع وينقل مأساة غزة للعالم.”

قبل عامين من الحرب، أطلقت يوسف معرضها المميز “أليس في فلسطين”، والذي عرض لمرة واحدة فقط، لكن مع القصف، وجدت لوحاته متناثرة تحت الركام، لكنها لم تفقد الأمل في ترميمها وإعادة عرضها، ليكون شاهدًا على معاناة الفلسطينيين، ورسالة بصرية توثق قصص النازحين والضحايا الذين عاشوا تحت القصف والتشريد.

وضم المعرض 20 عملًا فنيًا بأحجام مختلفة، وكان الأول من نوعه الذي استخدمت فيه أحجامًا كبيرة تعكس عمق التجربة الفلسطينية، لكن الحصار منع خروج أعمالها إلى معارض دولية، ما حال دون تحقيق حلمها في وصول فنها إلى العالم الخارجي.

ورغم كل العقبات، لا تزال يوسف تحلم بأن تجوب لوحاتها العالم، لتروي قصة فلسطين بألوان الكولاج، ولتنقل للعالم الخارجي الحقيقة كما عاشها الفلسطينيون، لانها تؤمن أن الفن ليس مجرد ألوان وأشكال، بل هو شاهد على الوجع والأمل، ورسالة توثق تاريخًا يُعاد كتابته بالدم والدمار.

ورغم الدمار الذي حل بمرسمها ومنزلها، تؤكد الفنانة التشكيلية أن “الأمان في غزة مجرد حلم، لكننا نعيش على أمل الاستمرار والإبداع، وسنواصل الرسم ما دمنا على قيد الحياة”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة