محمد عبد الله
رغم إطلاق منصة إلكترونية للحجز المسبق من قِبل شركة “جيت” الأردنية بهدف تخفيف الازدحام على جسر الملك حسين، إلا أن الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى الضفة الغربية وجدوا أنفسهم أمام أزمة جديدة، وواقع أكثر تعقيدًا، زاد من ساعات الانتظار والإذلال، تحت أشعة الشمس وفي ظروف قاسية، دون أي مظهر من مظاهر الكرامة الإنسانية.
وعبر عدد من المواطنين عن سخطهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من تعرضهم للاستغلال أو الانتظار لساعات طويلة، منذ إعلان شركة النقل الأردنية “جيت” عن منصة إلكترونية للحجز المسبق قبل السفر، قالت إنها تهدف من ورائها إلى ضبط الأمور وتخفيف أزمة المسافرين.
وأرفق المسافرون صورًا ومقاطع فيديو أظهرت آلاف المسافرين ينتظرون منذ ساعات الفجر خارج بوابات جسر الملك حسين، وطوابير طويلة عند منطقة المسافرين بخدمة VIP، بعد تعذر حصولهم على حجز مسبق
مديرة العمليات في الائتلاف من أجل النزاهة والمسائلة “أمان”، هامة زيدان، قالت لموقع “بال غراف”، إن الائتلاف رصد شكاوى المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وشكاوى المواطنين الأقارب لهم، من سافروا في آخر يومين.
وعبّرت زيدان عن استغرابهم من تفعيل منصة الحجز المسبق من قبل شركة “جيت” في الوقت الذي نحن فيه في أوقات الذروة والصيف، والتي تترافق مع تقليص ساعات العمل من قبل الاحتلال.
وأكدت زيدان أن أي خدمة يتم تقليصها، تكون هناك فرص لزيادة الفساد أكبر، ولذلك يتم التدخل من قبلهم مباشرة، لتفويت فرص الفساد هذه.
وأوضحت زيدان، أنه بعد بدء العمل عبر المنصة، انتشرت سوق سوداء في الجانب الأردني، بحيث يقوم بعض الأشخاص أو المسافرين أو العاملين على الجسر أو السائقين، بحجز أعداد كبيرة من الحجوزات وبيعها للمواطنين واستغلالهم بأسعار كبيرة، في بعض الحالات وصلت بدلًا من 5 دنانير إلى 70 دينارًا.
وأضافت زيدان، أن الضغط الموجود على الجسر في الطرف الأردني، دفع المواطنين للتوجه إلى خدمة VIP، وباتت السبيل الوحيد لمن يريد العودة، ولم يجد حجزًا على المنصة.
ونوّهت إلى أن أي خدمة فيها طلب عالٍ وعرض قليل تظهر فيها الرشوة، وهناك من دفع مبالغ كبيرة في خدمة VIP من أجل تجاوز الدور، حيث إن لديهم شهادة لمواطن دفع 500 دولار، كي يجد دورًا.
وبيّنت زيدان، أنه مع تنظيم السفر على الجسور، ولكن في المقابل مع حفظ كرامة المواطنين، وحماية حريتهم في الحركة والتنقل والسفر، وأن يكون هناك مناطق مهيّأة للجلوس في ظل وجود أطفال ونساء وكبار سن.
وطالبت زيدان، بضرورة تهيئة وإعادة نظر كاملة في هذه المنظومة، وجعلها بالفعل جسر كرامة للفلسطينيين.
بدورها، قالت شركة “جِت” إن المنصة الإلكترونية الرسمية لها هي الوسيلة الوحيدة المعتمدة لحجز التذاكر، وأن جميع من حجزوا عبرها دخلوا “بكل سلاسة ويسر”.
كما شددت أنها “لن تعترف بأي جهات أخرى تقوم بالحجز أو تقدّم خدمات غير معتمدة”، وهددت بمقاضاة من ينشر “معلومات خاطئة”.
وبعد الكم الكبير من الشكاوى، أعلنت شركة “جِت” عن إدخال عدة تعديلات على نظام الحجز المسبق، من بينها ضرورة إدخال رقم الجواز بشكل صحيح عند تعبئة البيانات، وطالبت المسافرين بالتواجد إلى الجسر في موقع الانطلاق قبل موعد الرحلة بنصف ساعة فقط، منعًا للازدحام، والإبلاغ عن أيّ بيوعات خارج المنصة للجهات المعنية حفاظًا على حقوقهم ومنعًا لتعطّلهم، مضيفةً أن “استكمال البيانات والحجز على المنصة لا يتجاوز 3 دقائق، ويضمن السفر الآمن والحجز الصحيح وفق التعليمات والأسعار الرسمية المُعلنة”.
أما وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، وخلال زيارته إلى جسر الملك حسين، فقد وجّه المسؤولين في الجسر وشركة “جِت” لنقل الركاب، إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات والتعليمات، مثل عدم السماح للشخص الواحد بشراء سوى عدد محدود من التذاكر الإلكترونية، وتحديد اسم مستخدم البطاقة وضرورة إصدار البطاقة الإلكترونية باسم المسافر نفسه وبمواصفات عالية غير قابلة للتزوير، ومطابقة اسم المسافر على البطاقة مع اسمه المثبت في جواز السفر.
أما وزير الداخلية الفلسطيني، زياد هب الريح، فقد أجرى زيارة ميدانية إلى معبر الكرامة، وذلك للاطلاع على سير العمل داخل المعبر، ومتابعة الإجراءات المتخذة لخدمة المسافرين، وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الداخلية الأردني السيد مازن الفراية.
واستمع هب الريح إلى شرح مفصل حول آليات العمل والتحديات التي تواجه المسافرين والطواقم العاملة، خاصة في أوقات الذروة والأزمات، والتقى بعدد من المواطنين، واستمع إلى ملاحظاتهم واحتياجاتهم، كما تحدث مع سائقي المركبات العمومية واطّلع على ظروف عملهم.
وأكد الوزير على التزام الحكومة بدعم كافة الخطط الرامية إلى تطوير البنية التحتية والإجراءات التشغيلية في المعابر، مشيرًا إلى أن تحسين تجربة السفر للمواطنين هو أولوية وطنية.
لكن هامة زيدان، قالت إنه وبالرغم من زيارة وزير الداخلية الأردني للجسر وتعهده بالمحاسبة والملاحقة وإيجاد حلول، إلا أنه كان هناك أزمة كبيرة على جسر الملك حسين في آخر يومين، وكان هناك ضغط واكتظاظ على الجسر.
لذلك يؤكد منسق حملة “بكرامة” طالب عوض، أن الحل الأمثل لهذه المشكلة هو إعادة فتح الجسر بنظام 24 ساعة عمل في اليوم، وهذا هو الحل الوحيد في ظل أعداد المسافرين هذه الأيام، فيما أن الوقت غير كافٍ لهم.
وأكد عوض في تعقيب لموقع “بال غراف”، أن كل الحلول المطروحة، في حال لم يتم زيادة عمل ساعات المعبر يوميًا إلى 24 ساعة، أو على الأقل حتى 10 مساء، لن تخفف من أزمة المسافرين، فعدد المسافرين كبير والفترة الزمنية قصيرة.
وأفاد عوض، أن الإجراءات المعلنة من قبل وزير الداخلية الأردني وشركة “جيت” سوف تساعد في تخفيف الأزمة لكنها لن تحلها.
وبالتالي طالب عوض بضرورة التحرك على المستوى السياسي من قبل السلطة الفلسطينية والأردن، والضغط على الاحتلال، وفي حال لم يتم الاستجابة، اللجوء إلى الأطراف الدولية لممارسة هذا الضغط.
كما طالب عوض بتسهيلات أخرى على المواطنين، وترتيبات تضمن السفر بحرية وراحة وأمان، وخفض الأسعار، قائلًا إن الوضع كارثي ولا يُطاق، ومن ينوي السفر، لا يسافر حتى يتمكن من حجز موقع عودة مسبق، كي يضمن إمكانية الرجوع إلى الضفة الغربية، فالحجز مغلق الآن حتى 25 تموز الجاري، وحرية السفر باتت مقيدة بموعد العودة ومدى توفر حجز.