محمد أبو علان/ خاص بالغراف
في أعقاب التوقيع على اتفاق المرحلة الأولى من خطة ترمب لوقف الحرب على غزة وعودة الأسرى، ومصادقة الحكومة الإسرائيلية بحضور مبعوثي الرئيس الأمريكي وتكوف وكوشنير على الاتفاق، حركة وحماس والجانب الإسرائيلي يستعدان لتنفيذ الاتفاق، الجدول الزمني لتطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق ستكون على النحو التالي وفق ما جاء في مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية.
من لحظة مصادقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق هناك 24 ساعة لتقديم اعتراضات للمحكمة العليا الإسرائيلية حول أسماء قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم، بعدها مباشرة يبدأ عد 72 ساعة لحركة حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
بعد 24 ساعة من المصادقة على الاتفاق الجيش الإسرائيلي يستكمل الانسحاب وفق المتفق عليه في اتفاق المرحلة الأولى، واستكمال الانسحاب من مدينة غزة، مع استكمال الانسحاب تبدأ ال 72 ساعة المحددة لحركة حماس للإفراج عن الأسرى، بعيداً عن بنود الاتفاق، الاثنين سيصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إسرائيل، وإلقاء خطاب في الكنيست الإسرائيلي.
بعد توقيع الاتفاق، والمصادقة الحكومية الإسرائيلية عليه، السؤال الذي يُطرح من أهل غزة بشكل خاص، ومن الإقليم كله بشكل عام، هل ستلتزم دولة الاحتلال الإسرائيلي باتفاق وقف الحرب، أم أنها ستستمر في عملياتها العسكرية تحت حجج وادعاءات مختلفة؟، خاصة أن نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي لازال متمسك بالأهداف الخمسة التي تبناها الكبنيت قبل أسابيع، وهي القضاء على سلطة حماس المدنية والعسكرية، وإعادة كل الأسرى الإسرائيليين مرّة واحدة، ونزع سلاحها، ونزع سلاح قطاع غزة، السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة، وتوقف قطاع غزة من أن يشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل.
التقديرات أن المرحلة الأولى من الاتفاق على خطة ترمب ستمر بسهولة نوعاً ما، والقلق في هذه المرحلة من أن حركة حماس قد لا تتمكن من الوصول لكل الأسرى الإسرائيليين الأموات مما قد يعيق تنفيذ الاتفاق على الأرض، ويجعل غزة مرّة أخرى تحت تهديد النيران الإسرائيلية، خاصة أن الأسرى الإسرائيليين الأحياء لم يعودوا في قطاع غزة مما يعطي جيش الاحتلال حرّية أكثر في العمليات العسكرية داخل قطاع غزة.
وإن تم تجاوز المرحلة الأولى من الخطة بنجاح مع كل تفاصيلها، سيكون في انتظار الوسطاء وأطراف المفاوضات مجموعة من الألغام السياسية والأمنية كل واحد منها كفيل بتأخير أو ربما بتفجير المفاوضات لاستكمال تطبيق خطة ترمب لأسابيع إن لم يكن لشهور قادمة.
أهداف حكومة نتنياهو للحرب على غزة المتبقية والتي يريد نتنياهو تحقيقها من خلال المفاوضات، وإلا ستحقق من خلال العمليات الحربية كما وعد سموتريش وبن جفير لا يمكن لحماس أن تقبل بها كاملة وبالشكل الذي هي فيه، والتي ستشكل نتائجها انتهاء وغياب لحركة حماس من مكونات الكل الفلسطيني، وهذا أمر غير ممكن وغير مقبول من قبل الحركة، مما سيفتح سيناريوهات الحرب أو عمليات عسكرية بشكل أو بآخر في قطاع غزة.
هذه الأهداف، إلى جانب الإعلان الإسرائيلي بضرورة السيطرة الأمنية على قطاع غزة والاحتفاظ بمناطق عازلة في القطاع، كفيلة بأن تؤدي لعودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بشكل كامل كما كان الأمر منذ السابع من أكتوبر، أو قل تلجأ الحكومة الإسرائيلية لتطبيق السياسة الإسرائيلية المتبعة في لبنان بعد وقف إطلاق مع الحكومة اللبنانية، نقاط عسكرية إسرائيلية على طول حدود قطاع غزة، وتنفيذ عمليات قصف واغتيال من الجو لكل ما تراه هدف يمكن أن يشكل خطر أمني عليها، أو ترى فيه نشاط لإعادة بناء وتأهيل القدرات العسكرية للحركة في القطاع، كما هو الحال الآن في جنوب لبنان مع حزب الله.
أو ربما سيلجأ الاحتلال لتطبيق سياسة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المتبعة الآن، اعتبار الضفة الجغرافية منطقة جغرافية تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على الرغم من تصنيفها كمناطق “أ” و”ب ” و”ج”، ومناطق “أ” يفترض أنها تحت سيادة السلطة الفلسطينية، حيث يتم اقتحام كل مكان في الضفة الغربية، وفي أي وقت، وحتى استخدام القصف من الجو على الرغم من السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، وهذا الشكل من العمل العسكري تحدث عنه بنيامين نتنياهو في الأسابيع الأولى من حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
التهديدات بالعودة للحرب أو للطريق الصعب لم تتوقف على رئيس حكومة الاحتلال أو وزراءه، بل كانت أيضاً من طرف مبعوثي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للمفاوضات في شرم الشيخ، في هذا السياق قال صهر الرئيس الأمريكي جاررد كوشنر للوزيرة الإسرائيلية ماي جولان عندما قالت له:” نحن دولة تسعى وتريد السلام، ولكن ليس لدينا من نبرم معه السلام، لا يوجد شريك على الجانب الآخر”.
كوشنر من طرفه رد على الوزيرة الإسرائيلية بالقول:” حققنا اتفاق يعزل حركة حماس، ويجعل الأطراف في العالم العربي راغبة في السلام، الاتفاق يحقق أمن إسرائيل، وحال اضطررنا العمل بالقوة سنعمل بالقوة، إما أن تسير الأمور بالطريق السهل، أو تسير بالطريق الصعب”.
في الدمج بين خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لوقف الحرب على غزة وعودة الأسرى، وأهداف الحرب الخمسة التي حددها نتنياهو تتبلور ثلاثة سيناريوهات، قبول حركة حماس بخطة ترمب وأهداف نتنياهو بالتالي اختفائها من المشهد ومن المكونات الوطنية والسياسية الفلسطينية، وتسليم سلاحها وإبعاد قادتها، بكلمات أكثر صراحة، استسلام واعتراف حماس رسمياً وعملياً بالهزيمة، وهذا أمر لا يعتقد أن حركة حماس ستقبل به تحت كل الظروف.
أما السيناريو الثاني والثالث فهما سيناريو الجنوب اللبناني احتلال شريط حدودي وبناء معسكرات على طول الحدود على حساب أراضي غزة، حيث تحدث الجيش الإسرائيلي عن ثلاثة مناطق عازلة على الأقل، أو تطبيق نموذج الضفة الغربية، احتلال غالبية الأراضي، وتنفيذ غارات جوية واقتحامات برية كلما رأى الاحتلال وجود خطر أمني وفق رؤيته وسياسته.