loading

تقرير “هيومن رايتس” عن جرائم الحرب في الضفة ليس سوى رأس جبل الجليد

جيفارا سمارة

اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية أن التهجير القسري الذي نفذته إسرائيل بحق 32 ألف مواطن في ثلاثة مخيمات (جنين وطولكرم ونور شمس) في الضفة هو جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بعد تدمير أكثر من 850 منزلاً ومبنى، ومنعهم حتى اللحظة من العودة إلى مخيماتهم.

التقرير الصادر في 20 نوفمبر أكد أن ما جرى منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، وأسفر عن تهجير أكثر من 50 ألف فلسطيني، وتغيير المعالم الجغرافية والديموغرافية للمخيمات، عبر شق طرق جديدة وهدم منازل على نطاق واسع، يُشكّل أيضًا تطهيرًا عرقيًا، يتعيّن معه على المحكمة الجنائية الدولية، وعلى السلطات القضائية المحلية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، التحقيق مع المسؤولين الإسرائيليين الضالعين بشكل موثوق في الجرائم الفظيعة المرتكبة في الضفة الغربية، بما يشمل الدور القائم على أساس مسؤولية القيادة.

وأشارت المنظمة إلى أن الاحتلال استغل ما سمّته: “انصباب الاهتمام العالمي على غزة” (حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع)، لترتكب القوات الإسرائيلية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً في الضفة الغربية، ما يحتم على الحكومات أيضًا الضغط على إسرائيل لإنهاء سياساتها القمعية، وفرض حظر على الأسلحة، وتعليق اتفاقيات التجارة التفضيلية مع إسرائيل، وحظر التجارة مع المستوطنات غير القانونية، وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

ورغم أهمية التقرير وجرأته، إلا أنه لم يُشِر إلى استغلال سلطات الاحتلال انشغال العالم بجرائمها في حرب إبادتها على غزة، وتهجير ما يقرب من 4.5 آلاف مواطن من 38 تجمعًا سكنيًا (بدويًا) وحرمانهم من كافة أسباب الحياة في إطار حرب التجويع، عقب السابع من أكتوبر 2023.

ولم يُشِر التقرير أيضًا إلى أنه ومنذ عام 2009–2025 هدمت قوات الاحتلال أكثر من 14,000 منشأة، أثّرت بشكل مباشر على 821,684 مواطنًا فلسطينيًا، بحسب الأمم المتحدة.

كما لم يُشِر التقرير إلى أن ما يسمى بالاستيطان الرعوي ابتلع أكثر من 786,000 دونم بحسب تقرير حركة “السلام الآن” و”Kerem Navot”، وأن المستوطنات العمرانية (بناء سكني رسمي) تتربع على 542 كم² مع ما يسمى مناطق النفوذ بحسب معهد الأبحاث التطبيقية (أريج)، وأن الاحتلال شق طرقًا استيطانية ما بين منتصف 2023 ومنتصف 2024 تُقدَّر بأكثر من 139 طريقًا بطول 116 كيلومترًا، إضافة إلى الأراضي المحيطة بها التي يُمنع على الفلسطينيين حتى الاقتراب منها.

كما لم يذكر التقرير أن سرقة الأرض بحجة المحميات الطبيعية (محميات مُعلنة من قبل الاحتلال) بلغت أكثر من 140 محمية طبيعية بواقع 705,000 دونم تقريبًا، وأن قرابة ثلث الضفة تعتبر مناطق عسكرية (معسكرات، نقاط، مناطق إطلاق نار).

وأغفل التقرير أن 57 ألف دونم استولت عليها سلطات الاحتلال بقرارات رسمية، عدا عن 480 ألف دونم ممنوع الوصول إليها في إطار ضم مناطق “ج” من الضفة الغربية المحتلة، وهي التي تزيد عن 61% من إجمالي مساحة الضفة في إطار حرب التجويع، خاصة في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية التي تعد السلة الغذائية للضفة، وحرمان الفلسطينيين من زيتونهم في ضربة هي الأولى منذ بدء الاحتلال.

ويعدّ كل ما تقدم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كذلك، في مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة (1949) في إطار سرقة الأراضي والاستيلاء عليها بهدف تملكها وتجويع أصحابها الأصليين، ووفق القوانين الدولية التي تحظر على قوة الاحتلال الاستيلاء على ممتلكات المدنيين إلا لضرورة عسكرية مؤقتة، وتجويع السكان الأصليين، أو استخدام الغذاء والموارد كوسيلة ضغط محظور تمامًا، ما يُعد جريمة حرب بموجب المادة 33.

فيما شدد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) على أن تجويع المدنيين كأسلوب حرب (المادة 8-2-ب-xxv) والاستيلاء الواسع على ممتلكات السكان بشكل غير مبرر عسكريًا (المادة 8-2-أ-4) والاضطهاد والتمييز والأفعال التي تهدف إلى حرمان مجموعة من حقوقها الأساسية (جريمة ضد الإنسانية، المادة 7) ومنع استغلال الموارد الطبيعية لصالح الاحتلال، وفرض إجراءات تُفقِر السكان الأصليين عمدًا.

وقال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إن تقرير هيومن رايتس ووتش يكشف أن الفظائع والجرائم التي حصلت في قطاع غزة يوجد لها مثيل في الضفة الغربية المحتلة، ولو جزئيًا في قضية المخيمات الثلاثة.

وشدد البرغوثي على أن ما تم تهجيره من تجمعات سكانية بلغ 60 تجمعًا في مختلف أنحاء الضفة، وهذه جرائم تطهير عرقي وجرائم حرب.

ولفت البرغوثي إلى أن أخطر من ذلك أيضًا جرائم وعنف المستوطنين المدعومين بشكل واضح من أحزاب تمثلهم في الحكومة الإسرائيلية، في استذكار واضح لجرائم الهاغاناه والأرغون وغيرها من عصابات الصهيونية إبّان النكبة.

وحذّر البرغوثي من أن هذا العام وصلت الانتهاكات والجرائم إلى درجة غير مسبوقة على الإطلاق في حرمان الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم ومحاصيلهم، خاصة الزيتون، من قتل واعتقال وجرح وتعذيب وحرق واقتلاع عشرات آلاف الأشجار، في مؤشر واضح على حرب تجويع هي أيضًا من أخطر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ونوّه البرغوثي إلى أن حكومة الاحتلال فرضت بالقوة العسكرية وعصابات المستوطنين المسلحين واقعًا مفاده أنك لا تستطيع الوصول إلى أرضك ومحاصيلك، وهو سرقة واستيلاء منهجي لتكرار نكبة عام 1948؛ فعند الإعلان عن قيام كيان الاحتلال كان الفلسطينيون يملكون أكثر من 80% من أرض فلسطين التاريخية، أما الآن فأقل من 3.5%، وهذا السيناريو من جرائم الحرب والإبادة هو ذاته ما يجري بدعم وصمت غربي.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني