هيئة التحرير
عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة جلسة نقاش مسودة تقرير، بعنوان: “تجريم أفعال الفساد في القطاع الخاص الفلسطيني”، والذي يهدف إلى تقديم توصيات عملية لصنّاع القرار لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في القطاع الخاص، انسجاماً مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والحاجة الفلسطينية، وضمان تحصين جميع القطاعات من فرص الفساد ومعالجة الفجوات الحاصلة في التشريع الفلسطيني.
وقال عصام حسين المدير التنفيذي لائتلاف أمان أن القطاع الخاص الفلسطيني هو قطاع ذو قوة تأثير وتأثر بممارسات الفساد وفي النظام السياسي ككل، بصفته قطاعا يُقدّم خدمات أساسية للمواطنين “كالماء، والكهرباء، والاتصالات”، وذلك من خلال شركات المساهمة العامة ووجود تقاطعات خدماتية مع القطاع العام على ضوء التوجه العالمي نحو الخصخصة، مضيفاً أن القطاع الخاص وخاصة شركات المساهمة العامة شريك بإدارة الشأن العام، وتقع عليه التزامات لمكافحة الفساد.
وأكد حسين أن تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في عمل القطاع الخاص كان حاضغرا، ومنذ العام ٢٠٠٩ من خلال تشكيل اللجنة الوطنية لقواعد حوكمة القطاع الخاص، مشيراً إلى أن إئتلاف أمان عضواً بها وعمل على تشجيع القطاع الخاص على الامتثال لقواعد الحوكمة من جهة، وممارسة دور أكبر في جهود مكافحة الفساد من خلال المسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص.
وأضاف أن هناك مجموعة من التحديات لمكافحة أي شكل من أشكال الفساد في القطاع الخاص أو على صعيد الإجراءات المحصنة له من الفساد، والتي من بينها وجود فجوة في التشريعات، وعدم وجود تشريع لمنع الاحتكار وكذلك حق المنافسة.
من جانبها استعرضت الباحثة عنان جبعيتي مسودة التقرير، مؤكدة أن هدفه الإشارة الى أفعال الفساد التي لم يتم تضمينها في قانون مكافحة الفساد، وذلك وفقاً لما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والاتفاقيات الأخرى ذات العلاقة التي تعتبر فلسطين طرفا فيها، إضافة إلى بيان انعكاسات هذا القصور التشريعي على جهود مكافحة الفساد في إطار القطاع الخاص الفلسطيني ودوره في هذا المجال.
تجريم الرشوة في القطاع الخاص
وخلصت نتائج التقرير إلى أنه وعلى الرغم من انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العام ٢٠١٤، الا أن مواءمة التشريع الفلسطيني لا سيما قانون مكافحة الفساد رقم ١ لعام ٢٠٠٥ مع متطلبات الاتفاقية، وذلك فيما يتعلق بتجريم الفساد في القطاع الخاص جاءت منقوصة وغير متوازنة مع الموائمة التي تم تحقيقها على صعيد تجريم أفعال الفساد في القطاع العام، حيث لم يتم تجريم الرشوة في القطاع الخاص، كما أن تجريم اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص من خلال جريمة إساءة الائتمان، لا يتفق مع الاعتبارات والتشدد الذي تنشده الاتفاقية في ملاحقة جرائم الفساد.
يجب تعزيز ضوابط منع تضارب المصالح في القطاع الخاص
وأكدت عنان جبعيتي أن هنالك آثاراً سلبية لعدم تجريم أفعال الفساد في القطاع الخاص، ترتبط بمستوى الخدمات العامة التي يتولى القطاع الخاص تقديمها في ظل الخصخصة والشراكة في إدارة الشأن العام مع القطاع العام، مضيفة أن تحصين القطاع الخاص في مواجهة جرائم الفساد يتطلب تحديثًا وتفعيلًا لمدونة قواعد حوكمة القطاع الخاص والالتزام بالاتفاقيات والتشريعات التي تجرم الرشوة في القطاع الخاص، إضافة إلى تعزيز ضوابط منع تضارب المصالح في القطاع الخاص، إضافة لتجريم بعض أفعال الفساد التي لم تجرمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في القطاع الخاص.
ضرورة تفعيل دائرة الامتثال في الشركات
وأكد صقر جندية مستشار بنك فلسطين، على أهمية تفعيل قواعد الحوكمة في القطاع الخاص وضرورة تطوير آليات عمل دوائر وضباط الامتثال داخل الشركات، فيما أكد أيضًا عزمي الشعيبي مستشار مجلس إدارة أمان على أهمية تطبيق قواعد الحوكمة، وتشجيع الشركات الأكثر التزامًا من خلال تكريمها سنويًا.
وأكدت نتالي حمدان مستشارة الأمانة العامة لمجلس الوزراء أن الحكومة جادة ومهتمة بتطوير آليات حماية المواطنين الذين يبلغون عن الفساد وتوفير كافة أشكال الحماية لهم، مضيفة إلى أهمية مضاعفة الجهد لرفع وعي المواطنين من أجل إحداث تغيير في الثقافة الفردية، وإخراط المواطنين أكثر في الإبلاغ عن الفساد كجزء من ممارسة مواطنتهم.
فيما أشار محمد الهريني عضو نقابة المحامين إلى ضرورة مواءمة سياساتنا مع تطور الجريمة ذاتها، منوها أن هناك تناسب طردي ما بين تقديم الخدمات، ومكافحة الفساد وحقوق الانسان والتنمية
فيما أوضح المحامي هيثم الزغبي أن هناك ازدحامًا في التشريعات، لا سيما الإفراط الذي نعاني منه جراء القرارات بقوانين الرئاسية في ظل عدم وجود مجلس تشريعي، إضافة إلى أن الضرورة تحتم تفعيل النصوص والقوانين الحالية ومن بينها الأفعال المجرمة والتدقيق عليها ووضعها موضع تطبيق، والتشديد على سيادة القانون وعدالته، واستحضار المجلس التشريعي بكل أطرافه كونه يعبر عن الإرادة الجمعية.
وأضاف عبد الله عليان من هيئة مكافحة الفساد الى أن الفساد آفة عابرة للقارات وموجودة في كل دول العالم، وأن مسؤولية محاربتها جمعية وليست فردية، مؤكداً على وجود خطة استراتيجية عبر قطاعية، والتي تشمل برنامج تنفيذي لها، فيه العديد من الأنشطة التي تقع ضمن التدابير الوقائية بالشراكة مع كافة القطاعات الأخرى.
وأكد عليان في أن مجريات محاكم جرائم الفساد تكون مفتوحة ومتاحة للجميع للاستماع لها، وأن الهيئة تقوم بإعداد تقارير دورية ونشرها، تتعلق بعدد الشكاوى وعدد القضايا المبتوت بها وغيرها الكثير من الاحصائيات.
توصيات التقرير
وخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات منها، ضرورة إجراء تعديل على القرار بقانون مكافحة الفساد رقم ١ لعام ٢٠٠٥، بحيث يتضمن إخضاع الكيانات الكبرى في القطاع الخاص لأحكام القانون وخصوصاً الشركات المساهمة العامة، التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والكيانات التي تدير مرفقاً عامًا أو تقدم خدمات عامة لجمهور، إضافة إلى تجريم الرشوة في القطاع الخاص، وتجريم اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص، وعدم الاكتفاء بجريمة إساءة الائتمان، وتجريم كل من أفعال الواسطة والمحسوبية، وأيضًا عدم الإفصاح عن حالات تضارب المصالح والابتزاز والتحرش الجنسي في أماكن العمل في القطاع الخاص.
فيما أوصى الفريق الأهلي على أهمية تفعيل الإلتزام بمدونة الحوكمة، وتعديل المدونة بما يتفق مع الأحكام التي تضمنها قانون الشركات، إضافة إلى تفعيل دور الأجسام التنظيمية الرسمية التي تشرف وتراقب على القطاع الخاص عندما يتولى إدارة مرفقاً عامًا.