loading

أرض اليأس: تعاونية تربي الأمل

هيئة التحرير
لا يتوقف الشباب الفلسطيني عن العمل وعن الطموح، في بلد تَقِلُ فيه الفرص وسبل العيش الكريم، سعت مجموعة من شباب بلدة صفا غرب رام الله، لإنشاء تعاونية زراعية في بلدتهم لزرع ما لذ وطاب من الخضروات الطازجة وبطريقة عضوية وطبيعية.

” أرض اليأس” ذلك هو الإسم الذي أطلقه شبان صفا على تعاونيتهم الزراعية، اسم أُشتق من المقولة للمفكر نيتشه وهي ” اليأس هو الثمن الذي يُسدده المرء لقاء الوعي الذاتي” والتي خرجت من سامر كراجة أحد القائمين على هذه التعاونية عندما كان يقرأ بكتاب المفكر، إضافة إلى أنه أيضاً اشتق من كونهم أبناء قرية وكانوا يفلحون في العلم والثقافة ولكن عندما كانوا لا ينجحون  في بعض التجارب التي يخوضونها فكانت تخرج منهم جملة ” أوف يأس”، ما بنى علاقة بينهم وبين هذا الاسم، بحسب ما يقوله أحمد كراجة في حديث ل ” بالغراف” الذي يؤكد أن التجارب تتطور وتكون مليئة بالطاقة والحيوية.

 يقول سامر كراجة إن التعاونية انطلقت بفكرة الحاجة للعودة للأرض، حيث فكرة أن الصراع هو صراع قائم على الأرض، مضيفاً أن القائمين على هذه التعاونية هم طلبة وبحاجة لمصدر دخل، إضافة إلى الرغبة في الإنتاج كون فكرة الإنتاج هي فكرة مهمة لأي شخص ولأي ثقافة، حيث لا حرية دون الانتاج وهذا ينطبق على الاقتصاد وعلى الأفراد وعلى كل شيء أيضاً، مضيفاً أن  المستقبل الذي يطمحون إليه وهل يطمحون فعلًا إلى الحصول على وظيفة، والتي يُنظَر  إليها على أنها شكل آخر من الاستعباد، لا سيما وأن المؤشرات والمعطيات تؤكد على محدودية السوق وأن عدد الوظائف محدودة مقابل عدد المتقدمين، ولذلك كان البحث على شكل آخر من العمل، فكانت هذه الأشياء هي التي جعلتهم يفكرون في هذا المشروع.

بدوره يقول أدهم كراجة أن مشروع “أرض اليأس” أُسس عام ٢٠١٧ في بلدة صفا غرب رام الله بمشاركة ستة عشر عضواً، وبدأو بالزراعة البعلية في بدايتهم كزراعة “القمح، والبزاليا، والفول”، ثم بدأو بالزراعة المروية ومن ثم الزراعة المحمية” البيوت البلاستيكية”.

ولفت أدهم أن الأراضي التي يستخدمونها هي لأهالي البلد دون مقابل، مضيفاً أنه وبعد مرور خمسة سنوات على مشروعهم هذا فإن التجربة تطورت لديهم، فهناك أعضاء خرجوا وجاء غيرهم، مضيفاً أنهم اليوم تسعة أعضاء بينهم طلبة جامعة ومدارس وعمال.

زراعة طبيعية بيئية

أكد سامر كراجة أن البدايات لم تكن واضحة حيث بدأو من أنفسهم مستندين على تجارب قليلة حيث كان جزء منهم فيها، ثم تطورت هذه التجربة وبدأت بشكل رسمي عام ٢٠١٨ كتعاونية، حيث بدأو بالزراعات الموسمية التي تعتمد على المطر، ثم تم الانتقال إلى الخضار ومن ثم إلى الزراعة داخل البيوت البلاستيكية، مضيفاً أن زراعتهم زراعة بيئية دون مواد كيميائية، وهذا يعني الكثير بالنسبة لهم بأن يقدموا منتجًا صحياً، ويؤكد على ضرورة مقاطعة الشركات التي تهيمن على البذور.

وبحسب أدهم كراجة فإنهم ينتهجون في زراعتهم منهج الزراعة الطبيعية، فيزرعون الخضار البلدية في موسمها والتي لا تحتاج إلى ري مثل “الفقوس، البندورة البلدية، الكوسا، والقرع”، وهناك الزراعة المحمية داخل البيوت البلاستيكية حيث يزرعون زراعة طبيعية دون استخدام أي أسمدة أو مبيدات، حيث يعتمدون على المياه والأسمدة الطبيعية المأخوذة من مخلفات الحيوانات، مضيفاً أنهم إذا احتاجوا إلى مكافحة فإنهم يستخدمون محاليل الثومة والفلفل، مشيراً إلى أنهم يعتمدون الزراعة التقليدية القديمة الخالية من المواد الكيميائية مع الحفاظ على التطور الموجود. 

وعن المحاصيل الزراعية التي يزرعونها فأشار أدهم إلى أنهم يزرعون ” البندورة، الفاصوليا المعلقة، الكوسا، البقدونس، الجرجير، بروكلي، والكيل، والزعتر، والزعتمانة، والميرمية، والملفوف، والزهرة، إضافة إلى زراعة الثومة الورقية بكمية محدودة”.

كيف يقوم الشبان بالتسويق؟!

وعن طريقة تسويق المنتجات فأشار أدهم كراجة إلى أن تسويقهم يتركز في القرية، وهناك أيضاً علاقات بسيطة مع القرى المجاورة، حيث في فترة الكورونا كانوا يسوقون بها، أما في المدينة فكان قبل فترة الكورونا يتم التسويق بها، ولكن عندما أتت الكورونا أصبح لديهم تحدي بتسويق منتجاتهم داخل منطقتهم الجغرافية وهو ما نجحوا به واستمر الحال إلى يومنا هذا، مضيفاً أنهم يشاركون في يوم الفلاحين الذي يقام في مدينة البيرة ويسوقون به، حيث كان هذا بمثابة دعم كبير لهم.

من جانبه يلفت سامر كراجة إلى أنهم يسوقون بشكل مباشر لأهالي القرية، وذلك إما من خلال البسطات أمام التعاونية أو صفحاتهم على السوشيل ميديا، مضيفاً أن أمهاتهم يلعبن شكلاً أساسيًا في التسويق بالقرية، إضافة إلى التسويق بسوق الفلاحين الذي يقام في البيرة، وهذا ما أكده أدهم الذي قال بأنهم تسعة أشخاص بمعنى هناك تسعة عائلات وتسع شبكات للتسويق، فيتم التسويق من خلال العوائل والأصدقاء، إضافة إلى الاستعانة بالسوشيل ميديا للتسويق.

الصعوبات التي واجهتهم

أما عن الصعوبات التي واجهوها فيقول سامر أن الخبرة كانت من أهم الصعوبات التي واجهتهم حيث كان هناك فترة زمنية طويلة حتى استطاعوا مراكمة الخبرة، خاصة وأنهم يزرعون بطريقة طبيعية دون استخدام مواد كيميائية، إضافة إلى صعوبة التنظيم الإداري داخل التعاونية كونهم مجموعة شبابية يعملون سوية بحيث لا يظلمون بعضهم البعض.

ويرى أدهم من الصعوبات التي واجهتهم أنه كان هناك بطئ نمو في المشروع بسبب عدم إعطاء الوقت الكافي لهذا المشروع من قبل الأعضاء، إضافة إلى قلة الخبرة في طريقة الزراعة التي يتبعونها، وهو ما سبب خسارتهم للكثير من المحاصيل الزراعية بسبب أمراض تصيبها، ورغبتهم وإصرارهم على عدم استخدام المواد الكيميائية لحين التعلم والحفاظ على النباتات دون إصابتها بالأمراض،  إضافة إلى تحدي الأراضي التي يزرعون بها حيث إن الأهالي قدموا لهم أراضيهم، ولكن لديهم تخوف دائم من مطالبة الأهالي لها، ولذلك يسعون إما لشراء أراضي أو تضمينها، إضافة إلى عدم وجود أشخاص معهم يكون شغلهم الدائم هو الأرض، ولذلك سعوا بأن يكون في فريقهم أشخاص يكون عملهم الأرض بشكل دائم.

ردة فعل الأهالي

وعن ردة فعل الناس يشير سامر أن ردود الأفعال كانت مميزة، حيث الناس يفرحون بوجود شبان يزرعون خاصة في ظل هذا التطور، ويفرحون بتوفير هذه المنتجات بجودة مميزة، إضافة لفرحتهم بتعمير الأراضي خاصة أنهم يعملون بشكل تشاركي وتعاوني مما يساهم في زيادة قبولهم بداخل القرية.

وهذا ما أكده أيضاً أدهم بفرحة الأهالي بهذه التعاونية، حيث يتفاجئون بوجود شبان يزرعون في هذه الأيام، خاصة كبار السن الذين يشعرون بالسعادة لعودة الشبان للزراعة، مضيفاً أن هناك من يقومون بالمسارعة  لتقديم أراضيهم لهم أو بالتسويق للمنتجات التي توفرها التعاونية،  فهناك تفاعل إيجابي من الناس وهناك ثقة بينهم وبين أهالي القرية بمدى نظافة المنتجات وعضويتها، مبينًا أنهم يواكبون توجه الأهالي من المنتجات الزراعية وخاصة المغتربين ويسعون لزراعتها في تعاونيتهم.

الطموح 

وعن طموحهم أكد أدهم أنهم يطمحون بأن يكون لديهم بيئة زراعية بدورة بيئية كاملة، أي أن يكون هناك نباتات وإنتاج حيواني ومخلفات نباتية وحيوانية تتحول لأسمدة، وأن يحصد المشروع مياه، وأن يصبح المشروع قادر على توظيف كافة أعضاء التعاونية فهو اليوم يوظف شخصين، إضافة إلى طموحهم بتوسع التعاونية وعدد المستفيدين منها، وأن يكون هناك تنويع في الإنتاج كإضافة الشجر أيضاً، وأن يعود هذا المشروع  بالفائدة الكبيرة والمجدية على اعضائه وعلى المجتمع أيضاً وذلك بأن يستطيعوا تقديم العون والمساعدة لكل المحتاجين.

 بدوره يشدد سامر على أن طموحهم هو زيادة الإنتاج حيث يصبح لديهم تأثير لدى حركة الاقتصاد الفلسطيني، إضافة إلى طموحهم بالعمل مع تعاونيات أخرى والتوفير على أنفسهم مدخلات الإنتاج، وأيضاً التسويق سوية وتأسيس مشاريع أخرى تسد حاجاتهم الأساسية، إضافة إلى تشجيع الناس على التعاون.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة