ترجمة محمد أبو علان/ خاص بالغراف
حتى داخل الساحة الإسرائيلية نفسها خلق قرار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس وقف العمل بأوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية جدلاً عاصفاً، هناك من اعتبره دعوة لتصعيد الأوضاع الأمنية ميدانياً تحت غطاء الحرب، وجهات قضائية اعتبرت القرار رخصة قتل منحت لفتية التلال من المستوطنين، السلطة الفلسطينية من جهتها طلبت تدخل المجتمع الدولي ضد القرار الإسرائيلي، في المقابل اليمين الإسرائيلي احتفل بقرار وزير الحرب، واعتبره “تصحيح لخطأ عمره سنوات طويلة”.
سلسلة من المراسلين في يديعوت أحرنوت تابعوا حيثيات القرار على كل الصعد والمستويات إسرائيلياً وفلسطينياً، وكتبوا تحت عنوان: “تطبيع الإرهاب اليهودي، صمت الشاباك بعد قرار كاتس، وخطوات اليمين القادمة”:
الرياح عاصفة داخل المستوي السياسي الإسرائيلي وخارجه على خلفية قرار وزير الحرب الإسرائيلي وقف العمل بأوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية، إلى جانب الفرحة في اليمين الإسرائيلي والقلق في الجانب الفلسطيني، جهات قانونية إسرائيلية ومنظمات حقوقية قالت على خلفية القرار:” هو منح رخصة قتل لفتية التلال، وتقيد ليد جهاز الشاباك الإسرائيلي من العمل ضد الجهات التخريبية اليهودية في الضفة الغربية”.
وزير الحرب الإسرائيلي كاتس طلب من رئيس جهاز الشاباك البحث عن أدوات بديلة لأوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية، وفي المقابل، هو لن يقوم بإلغاء القرارات السارية المفعول الآن، لكنه لن يقوم بتجديدها، وحسب يديعوت أحرنوت، عدد قرارات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين هذا العام كانت (16) أمراً، بقي منهم (5) في الاعتقال الإداري حتى الآن، وحتى الآن جهاز الشاباك صامت حول قرار وزير الحرب الإسرائيلي المختلف عليه.
جهات قانونية إسرائيلية ترى أن القرار سيتم الاستئناف ضده في المحكمة العليا الإسرائيلية، ومن المرجح أن يلغى كونه اتخذ على خلفية عنصرية، جهات قانونية إسرائيلية رفيعة قالت: “القرار سيشجع جهات تخريبية يهودية للعمل ضد العرب، ويشعل الميدان، وسيؤثر على قدرات جهاز الشباك في إحباط عمليات المستوطنين، وعلى قدرته على الردع، سواء من جانب اليهود المتطرفين أو العرب المتطرفين”.
والقلق بين المؤسسات الحقوقية أن يدفع القرار المستوطنين نحو تنفيذ وبسهولة عمليات تدفيع الثمن ضد الفلسطينيين، منظمة “تاج مائير” الإسرائيلية التي تحارب جرائم الكراهية قالت:”قرارات الاعتقال الإداري مخصصة ضد الإرهاب اليهودي، وجماعات تدفيع الثمن، وضد العمليات الانتقامية ضد الفلسطينيين الأبرياء، وقف استخدام قرارات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية يشكل هدر لدماء وممتلكات الفلسطينيين بموافقة وزير الحرب، ووزير الحرب يتجاهل الأضرار السياسية والأمنية التي يتسبب بها القرار لإسرائيل، ويخاطر بصدور قرارات دولية أخرى ضد إسرائيل، لصالح مكاسب سياسية قد تكون وهمية”.
منظمة “يش دين” الحقوقية الإسرائيلية قالت:”قرارات الاعتقال الإداري هي قرارات غير قانونية يجب التوقف عن استخدامها ضد الإسرائيليين وضد الفلسطينيين معاً، وعلى جهات إنفاذ القانون تنفيذ عمليات تحقيق فعالة، والمحاكمة عندما تكون أدلة قانونية قطعية، ونذكر أن آلاف الفلسطينيين معتقلين بأوامر اعتقال إداري لم يلغيها كاتس”.
منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية هاجمت قرار وزير الحرب، وقالت في بيان لها:” قرار وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين هو قرار ساخر ومنفصل عن الواقع، ويعمل على تطبيع وشرعنة الإرهاب اليهودي تحت غطاء الحرب، وبدل استخدام القبضة الحديدية ضد المستوطنين، وزير الحرب كاتس يقدم لهم الجوائز، ويوصل لهم رسائل أن الإرهاب مسألة مجدية، والثمن في الميدان يدفعه الجنود الإسرائيليين والنشطاء الفلسطينيين”.
قرار وزير الحرب يعتبر استجابة مباشرة لمطالب المستوطنين في الضفة الغربية، حيث كشفت يديعوت أحرنوت أن رؤوساء مجالس المستوطنات في الضفة الغربية كانوا طلبوا من وزير الحرب الجديد إلغاء أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين.
وعن أوامر الاعتقال الإداري كتبت يديعوت أحرنوت: الاعتقال الإداري يستخدم منذ سنوات طويلة ضد الفلسطينيين، وضد مستوطنين متهمين بعمليات إرهابية، وتستند على قانون الصلاحيات ساعة الطوارئ من العام 1979، والذي يمكن من الاعتقال في حالة الطوارئ الموجودة في البلاد، ومنح القانون الصلاحية لوزير الحرب بإصدار أمر اعتقال لمدة ستة شهور، إن كان الاعتقال يساعد في الحفاظ على الأمن في البلاد، ولرئيس الأركان صلاحية الاعتقال ل 48 ساعة، وعلى جهات إنفاذ القانون تقديم المعتقل للمحكمة خلال 48 ساعة، وإلا يتم الإفراج عنه، والنقاش يتم خلف أبواب مغلقة.
وزير الحرب الإسرائيلي برر قراره وقف استخدام الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة بالقول: “في واقع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية موجود تحت تهديد إرهاب فلسطيني خطير، وقيود وعقوبات دولية غير عادلة ضد المستوطنين، من غير المناسب أن تُفعل إسرائيل خطوة خطيرة كهذه ضد المستوطنين”.
وعن موقف وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي ايتمار بن جفير كتبت يديعوت أحرنوت: القرار الذي أصدره وزير الحرب يسرائيل كاتس لا يمكن فصله عن التغيرات التي أجراها الوزير بن جفير في “لواء الضفة الغربية” في الشرطة الإسرائيلية، والذي توقف منذ شهور طويلة عن التعاون مع جهاز الشاباك، ما يعني أنه الآن لا يوجد أية أدوات في يد جهاز الشاباك لمنع الإرهاب اليهودي أو أحداث الكراهية، والتي هي في الحقيقة تسمى عمليات تدفيع الثمن، وخلال السنوات الماضية كان بن جفير ضد استخدام أوامر الاعتقال الإداري كخطوة غير ديموقراطية ضد اليهود، ولكن ليست ضد العرب لدواعي جنائية.
ايتمار بن جفير كان أول من رحب بقرار وزير الحرب الإسرائيلي كاتس، وقال في هذا السياق:” يوجد وزير أمن في القدس، وأبارك الوزير يسرائيل على قراره المهم والعظيم، قرار وقف إصدار قرارات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية، شكل تصحيح خطأ استمر لسنوات، وتحقيق العدالة لمحبي الأرض”.
وعن موقف وزير المالية الإسرائيلي والوزير في وزارة الحرب بتسلئيل سموتريش كتب يديعوت أحرنوت: سموتريش بارك وزير الحرب كاتس على أحد قرارته الأولى، والعكس من قرارات سابقه في المنصب، وقال في هذا السياق: “أبارك صديقي وشريكي يسرائيل كاتس على هذا القرار الشجاع والمطلوب، قرار ألغى تمييز كان ضد المستوطنين في الضفة الغربية، وأنهى فترة كانت تعتبر المستوطنين سكان درجة ثانية، وطبقت ضدهم إجراءات صارمة وغير ديموقراطية”.
وهناك وزراء آخرون في حكومة نتنياهو رحبوا بقرار وزير الحرب، كذلك الأمر قادة المستوطنين في الضفة الغربية احتفلوا بقرار الوزير الإسرائيلي كاتس، واعتبروه قرار وأداة غير ديموقراطية ضد المستوطنين، من ناحية أخرى جهات في المعارضة الإسرائيلية وقفت ضد قرار وزير الحرب كاتس، ومن هؤلاء عضو الكنيست الإسرائيلي، ورئيس الأركان الإسرائيلي السابق جادي وأيزنكوت الذي اعتبر القرار دفع بالأوضاع نحو المزيد من التصعيد الأمني.
عن موقف السلطة الفلسطينية كتبت يديعوت أحرنوت: السلطة الفلسطينية قلقة من قرار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، والذي سيمنح الشرعية للمزيد من أعمال الإرهاب اليهودي في المنطقة، وسيقود القرار لتصعيد إضافي، وزارة الخارجية الفلسطينية قالت:” القرار سيشجع المستوطنين على تنفيذ المزيد من الإرهاب، ونرى بخطورة عالية قرار ووزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلغاء قرار الاعتقال الإداري ضد المستوطنين الذين ينفذون جرائم ضد الفلسطينيين”.
كذلك الأمر حذرت السلطة الفلسطينية من أن إلغاء قرار وقف الاعتقالات الإدارية ضد المستوطنين، وقالت إنه سيشجع المستوطنين الإسرائيليين على تنفيذ أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين، وضد أرضهم وممتلكاتهم، وتمنحهم شعور بالحصانة، وبخط دفاع آخر، ووزارة الخارجية الفلسطينية دعت لخطوات فعالة من أجل منع الأعمال الإرهابية لميليشيات المستوطنين، ويجب وضع حد لإفلات المستوطنين من العقاب، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
وعن موقف رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق قدورة فارس كتبت يديعوت أحرنوت: “في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حرب بشعة ضد الشعب الفلسطيني، وفي ظل سياسية الاعتقالات العشوائية بحق الفلسطينيين، وتنفيذ سياسة العقاب الجماعي عبر سياسية الاعتقالات الإدارية، حيث يوجد في المعتقلات الإسرائيلية (3500) فلسطيني معتقل إداري، يتم وقف استخدام أوامر الاعتقالات الإدارية ضد مثيري الشغب اليهود، هذه سياسة دولة عنصرية وفاشية، تقوم على الكراهية والجريمة المنظمة، ودولة متطرفة تهدد القيم الإنسانية والاجتماعية”.
أعضاء الكنيست العرب أعربوا هم أيضاً رفضهم لقرار وزير الحرب الإسرائيلي، عضو الكنيست احمد الطيبي قال في هذا السياق: “عملياً القرار هو شهاد وترخيص للإرهاب اليهودي، ويأتون لاحقاً يتباكون على قرارات محكمة الجنايات الدولية، حكومة داعمة للإرهاب”.
وعن طموحات وزير المالية الإسرائيلي سموتريش لتنفيذ مخططاته في ظل يسرائيل كاتس في وزارة الحرب، كتب يديعوت أحرنوت: حسب التقديرات، الخطوة القادمة هي تأجيل إخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية، والتي تمت الموافقة عليها بالطرق الأمنية، الهيئة التنظيمية التي أسسها سموتريش أخذت لنفسها صلاحية إنفاذ القانون فيما يتعلق بالبؤر الاستيطانية غير الشرعية، ولا يمكن هدم أي مبنى بدون موافقتها، باستثناء “الضرورات الأمنية” التي لا تحتاج مصادقتها، بل تحتاج لمسار عسكري.
ويطمح سموتريش وبن جفير التأثير على المسار الأمني في سياسة وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، حيث أن عملية إخلاء البؤرة الاستيطانية عوز تسيون نفذت دون علم وزير الحرب الذي كان قد دخل وزارة الحرب للتو، وإلى جانب النشوة بفوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سموتريش وقادة المستوطنين في الضفة الغربية يأملون تحقيق رؤيتهم أمام وزير الحرب كاتس، ويأمل سموتريش وبن جفير التأثير على المسار الأمني لوزير الحرب، ليس فقط في موضوع الاعتقال الإداري، بل في قضايا أخرى لم تتضح سياسته فيها بعد، منها موضوع إخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية، وعمليات فتح وإغلاق الطرق أمام الفلسطينيين في الضفة الغربية، واستخدام سياسة العصا والجزرة مع الفلسطينيين