ترجمة محمد أبو علان/ خاص بالغراف
ظروف صعبة يُكابدها الأسرى داخل سجون الاحتلال منذ السابع من أكتوبر، يرافقها اكتظاظ كبير وانعدام في أدوات النظافة الشخصية ونقص حاد في الملابس مع استمرار منع إدخال الملابس، ما ساهم في انتشار الجرب بين صفوف الأسرى وتدهور الأوضاع الصحية للأسرى وسط إهمال طبي متعمد.
صحيفة يديعوت أحرنوت نوهت إلى أنه نظرًا للاكتظاظ في الزنازين ولتراجع ظروف النظافة ثمن صحي، ففي الشهور الأخيرة تفشى مرض الجرب/حكة في أقسام المعتقلات الأمنية، منظمات حقوق الإنسان تقدمت بشكاوى للمحكمة العليا الإسرائيلية، وقالت إن النقص في الملابس والاستحمام وظروف المعيشة الأساسية تؤدي لانتشار المرض، في الأسابيع القادمة سيكون نقاش حول الأمر.
وأشارت إلى أن مصلحة السجون الإسرائيلية، وبعد إجراءات قضائية اعترفت بإصابة مئات الأسرى الفلسطينيين بالجرب، وأن أقسام كاملة أصيبت، مفوض مصلحة السجون الإسرائيلية أمر بتشكيل لجنة حول الموضوع ستقدم توصياتها قريباً.
ونقلت الصحيفة عن محامي لأسير قاصر مصاب بمرض الجرب قوله للمحكمة: ” إن موكلي يعاني منذ شهور من مرض الجرب، وتوجهه لمصلحة السجون تم التعامل معه بإهمال، ليس لديه صابون، ولا ملابس داخلية ولا ملابس مناسبة”، القاصر نفسه قال خلال النقاش:” أغسل البوكسر الوحيد لدي، وفي وقت الغسيل أبقى دون ملابس داخلية”، قضاة المحكمة العليا رفضوا الاستئناف المقدم بالقول:” من قراءة المقدم والردود ، وحسب كلام الطبيب من مصلحة السجون الإسرائيلية، سجلنا أمامنا معرفة مصلحة السجون بالأمر، والاستعدادات التي تمت على المستويين الطبي واللوجستي، والتعليمات وطرق المتابعة التي تم تقديمها للنظر فيها”.
وتابعت يديعوت أحرنوت: “إلى جانب ظروف الاعتقال المادية، أسرى أمنيين يشتكون من قيود اقتصادية تمنع منهم القدرة على دفع رسوم تقديم الاستئناف للمحكمة، وبشكل عام هناك مس في قدرتهم الوصول لمحاكمة قانونية، كل هذا في أعقاب قرار منع إدخال الأموال لحسابات الأسرى”.
في استئناف تقدم به أسير “أمني” في “المحكمة اللوائية” في بئر السبع جاء أن:” سياسة مصلحة السجون الإسرائيلية تمنع الأسرى الأمنيين من تقديم استئناف، وتقديم المراجعة القانونية”، محامي هاجم مصلحة السجون الإسرائيلية قائلاً:” على ما يبدو أن معارضة رفض الرسوم تهدف لمنع الانتقادات لسياسة مصلحة السجون الإسرائيلية”، المحكمة يفترض أن تبت عما قريب إن كان بالإمكان النظر في استئناف الأسرى بدون دفع الرسوم”.
ونقلت الصحيفة عن الواشنطن بوست، تشبيهها للمعتقلات الإسرائيلية بمعتقل غوانتانامو، وذكر التقرير من بداية الحرب على غزة، (13) أسيراً فلسطينياً من الضفة الغربية ومن الداخل توفوا في المعتقلات الإسرائيلية، وكان لهذا انعكاسات، بريطانيا أوقفت تزويد إسرائيل بالسلاح، بعد أن طلبت السماح للصليب الأحمر الدولي بزيارة عناصر النخبة في المعتقلات الإسرائيلية.
يصلون في الزنازين
وزعمت يديعوت “أن التغيير في ظروف الأسرى لم يتوقف عند هذا الحد، ساحات الأقسام في المعتقلات، التي كان الأسرى يقضون فيها ساعات طويلة في اليوم، قد أفرغت وأن عليهم اليوم البقاء غالبية الوقت في الزنازين، التي كانت في السابق مليئة بالمعدات الشخصية مثل وأدوات كهربائية وملابس كثيرة، كل هذه المساحات ألغيت وبقي للأسرى خزائن صغيرة لحفظ أغراضهم، واليوم ممنوع عليهم لبس الملابس المدنية، فقط يلبسون ملابس مصلحة السجون، عناصر النخبة يلبسون ملابس بلون مختلف لتميزهم عن غيرهم من الأسرى”.
وأكدت الصحيفة “ان الأمر مشابه بالنسبة للحمامات الخاصة في الزنازين، حيث إنها أُلغيت وحولت لحمامات مشتركة في فراغات المعتقل، والسبب حسب مصلحة السجون الإسرائيلية لزيادة الرقابة على الأسرى، ومنع عمليات هروب عبر مجاري الصرف الصحي، ويحتج الأسرى على ظروف الاعتقال، ويقولون إن الاستحمام على حساب فترة الساحة، والتي اختصر وقتها منذ فترة الحرب”.
وعن إجراءات مصلحة السجون الإسرائيلية بعد الحرب كتبت صحيفة يديعوت: مصلحة السجون الإسرائيلية قامت بسحب حقوق أخرى كانت للأسرى قبل الحرب، وكانت تشكل مادة جدل بين الإسرائيليين، منها منع الأسرى من الدراسة الأكاديمية، وإن الطعام المقدم لهم غير ناضج، وغير قابل للأكل، مصلحة السجون الإسرائيلية تدعي أنها خاضعة لمراقبة خبراء التغذية، وتم رد شكوى الأسرى في هذا الجانب.
وأشارت إلى أنه وفي المجمل، فالهدف من وراء إجراءات مصلحة السجون الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر هو تغيير ميزان القوى بعد القوة التي كانت في يد الأسرى في المعتقلات، في الماضي كان هناك حذر من تغيير الظروف خشية من التصعيد، شهر قبل السابع من أكتوبر، طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عدم تشديد ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين خوفاً من التصعيد الأمني.
ونقلت الصحيفة، عن راسم أبو ريش ضابط في مصلحة السجون الإسرائيلية قوله:” في السابق كان من الصعب على السجان الحديث مع الأسير، كانت لهم قوة، اليوم الحال تغير، لم يعد هناك ناطقًا باسم الأسرى في القسم، للسجان سيطرة كاملة، الزنزانة تفتح حسب القانون، إما للحمام أو للتفتيش، في السابق كان خطيب في الساحات، وكان كل شيء يمارس كطقوس، اليوم الصلاة تقام داخل الزنازين فقط، وبدون صوت ويدون استعراض قوة”.
كيف تعامل الأسرى مع السابع من أكتوبر؟
وتابع أبو ريش: “كنت في ورديني في يوم السابع من أكتوبر، عندما استقبلنا المعلومة بالهواتف، فصلنا كل أجهزة التلفاز في الزنازين، لكنا اكتشفنا أنهم استخدموا الكوابل وصنعوا الهوائيات لمشاهدة ما يجري، أدركنا لحظتها أن قواعد اللعبة يجب أن تتغير، عملنا ليلاً نهاراً، فتشنا كل زنزانة، وأوضحنا لهم أن القواعد تغيرت، لم يحتجوا وأدركوا الأمر”.
وعن الأسرى أنفسهم قال:” يوجد خوف في هذا العمل، لا يمكنك أن تتوقع ما يمكنهم القيام به، هؤلاء، أناس ليس لديهم ما يخسرونه، لهذا نتخذ كل سبل الحماية كل الوقت، وفي حالة استنفار دائم، في حالة التفتيش وحالة تقديم الطعام، وخلال نقل الأسرى للعيادات، حتى هدوئهم مقلق، نحن ندرك أن الواقع يمكن أن يتغير في كل ثانية”.
وعن مدى تأثير إجراءات مصلحة السجون الإسرائيلية على الأسرى قال:” الأسرى الذين يفرج عنهم يقولون إن ليس لديهم نوايا للعودة فالظروف تغيرت، لا يوجد سجائر، حاولوا صنع السجائر يدوياً، ولكن اليوم كل شيء مقيد وحسب القانون”.
وعن التعامل الشخصي مع الأسرى من قوة النخبة قال:” كلما أراهم أتذكر القضايا الفظيعة التي ارتكبوها، في بعض الأقسام لدينا أسرى قتلوا عشرات الأشخاص، نحن لا نتبادل معهم ولو كلمة، سجانون كانوا يحادثهم، اليوم لا أحد يتحدث معهم، عندما يمر السجان من جانبهم، هم يخفضون رؤوسهم، يدعي الضابط الإسرائيلي، عندما نأتي للعمل ننفصل عن كل شيء وننفذ مهامنا، في البيت نحن أناس آخرون، غير ذلك لا يمكننا البقاء”.
نائب قائد معتقل عوفر وائل كيوف قال إن للتغيير في الإجراءات هدف إضافي، وهو السيطرة على السياسة الداخلية بين الأسرى، نحن نواجه محاولات خلق قيادات داخل المعتقل، ونقوم بنقل أسرى لكي لا يعززوا قوتهم، والأسرى الذين يأتون من الخارج يحاولون نقل معلومات، يتم التعامل معهم هم أيضاً، الهدف خلق ضبابية مطلقة.
هل يشكل الأسرى مصدر معلومات؟
وأشارت الصحيفة إلى أنه “يتم الحصول على معلومات من الاسرى بواسطة الشرطة والجيش، والمعلومات التي تم الحصول عليها ساعدت في الحرب، المعلومات التي خرجت من معتقل عوفر ساهمت بشكل كبير في أمن البلاد، حتى الآن لا يمكن الكشف كيف كان ذلك، عملياً تدور هنا حرب بشكل يومي، القوات العاملة في المعتقل كانت تخجل في الماضي بهذا العمل، ولكن اليوم نحن فخورون، الجيش يعترف بدورنا ويحتضننا”.
وختمت الصحيفة بالسؤال أثر صفقة تبادل أسرى على مصلحة السجون الإسرائيلية، وإن كانت ستخفف الضغط عليهم؟، قال: “صفقة تبادل الأسرى الأولى كانت نقطة مهمة، وفي المستقبل إن تم تفريغ الزنازين في صفقة تبادل أسرى مخربون آخرون سيعتقلون مرّة أخرى، ونحن نستعد لليوم التالي”.