هيئة التحرير
بين طفل يودع والده أو والدته أو كليهما، وبين طفل ينتظر بين طوابير طويلة للحصول على طعام أو شراب، وبين طفل جريح على سرير المشفى أو حتى بلا سرير وربما بلا علاج، وبين طفل يقبع في زنازين الاحتلال، هكذا يبدو حال أطفال فلسطين عشية يوم الطفل الفلسطيني.
حل يوم الطفل الفلسطيني في ظل إبادة مستمرة قتلت الطفل والأم والأب والشاب ودمرت كل شيء في غزة، وفي ظل عدوان سافر تتعرض له مخيمات اللاجئين في شمال الضفة واقتحامات لباقي المناطق وحواجز تقطع أوصال المدن والقرى الفلسطينية، مسببة معاناة لأطفال فلسطين الذين يعيشون طفولة مفقودة جعلت الطفل منهم يتحمل مسؤولية عائلته بأكمال في كثير من الأحيان
جوعى عطشى ومشردون وبرعب لا يتوقف هكذا يعيش أطفال غزة منذ بداية حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من 18 شهرًا.
أكثر من 39 ألف طفل ذاقوا مرارة اليُتم في غزة، إما بفقدان أحد والديهم أو كلاهما وذلك وفق بيان لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني. بينهم حوالي 17 ألف طفل حـرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أو رعاية.
وأضاف البيان أن هؤلاء الأطفال يعيشون بظروف مأساوية، حيث اضطر الكثير منهم للجوء إلى خيام ممزقة أو منازل مهدمة، في ظل غياب شبه تام للرعاية الاجتماعية والدعم النفسي. مفيدًا بأن معاناتهم لا تقتصر على فقدان الأسرة والمأوى، بل تمتد إلى أزمات نفسية واجتماعية حادة؛ حيث يعانون من اضطرابات نفسية عميقة، مثل “الإكتئاب، العزلة، والخوف المزمن، في غياب الأمان والتوجيه السليم، إضافة إلى ضعف التعلم والتطور الاجتماعي.
ووفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن 15 طفلاً يصابون يوميًا بإعاقات دائمة بسبب استخدام أسلحة متفجرة محظورة دوليًا، ليصل إجمالي الإصابات إلى 7,065 طفلًا، بينهم المئات منهم فقدوا أطرافهم أو بصرهم أو سمعهم. كما سُجِل 846 حالة بتر بين الأطفال، ما زاد من تعقيد المأساة.
وأفاد التقرير أن الأطفال يواجهون كارثة مزدوجة بسبب الإعاقات الجسدية والنفسية، إضافة إلى انهيار النظام الصحي نتيجة تدمير المستشفيات، ومنع دخول الإمدادات الطبية والأطراف الصناعية. كما أدى انتشار سوء التغذية إلى تفاقم التشوهات العظمية وإعاقة التئام الجروح.
وأوضح أن خطر الموت يحتصر نحو 7,700 طفل من حديثي الولادة بسبب نقص الرعاية الطبية، حيث تعمل المستشفيات المتبقية بقدرة محدودة جدًا، ما يعرّض حياة الأطفال للخطر. كما أن نقص الحاضنات وأجهزة التنفس والأدوية الأساسية، أدى لتدهور الظروف الصحية ما يزيد من احتمالات وفاتهم.
وبين جهاز الإحصاء أن الاحتلال دمر 111 مدرسة حكومية بشكل كامل، كما تعرضت 241 مدرسة حكومية لأضرار بالغة، إضافة إلى تعرض 89 مدرسة تابعة للأونروا إلى قصف وتخريب، وهو ما ساهم بحرمان 700 ألف طالب/ة من حقهم الأساسي في التعليم للعام الدراسي 2024/2025، كما حُرم حوالي 39 ألف طالب/ة من حقهم في تقديم امتحان شهادة الثانوية العامة للعام الدراسي 2023/2024.
من جانبها بينت مؤسسات الأسرى أن الاحتلال يواصل اعتقال أكثر من 350 طفلًا، من بينهم أكثر من 100 طفل يعتقلهم إدارياً، ويواجهون جرائم منظمة تستهدف مصيرهم، من أبرزها جرائم التعذيب، والتجويع، والجرائم الطبية، إضافة لعمليات السلب والحرمان الممنهجة التي يواجهونها بشكل لحظي، والتي أدت مؤخرًا لارتقاء أول طفل في سجون الاحتلال منذ بدء الإبادة وهو الطفل وليد أحمد (17 عامًا) من بلدة سلواد/ رام الله.
وبينت المؤسسات أنه ومنذ بدء الإبادة تصاعدت حملات الاعتقال بحق الأطفال، سواء في الضّفة بما فيها القدس التي سُجل فيها ما لا يقل (1200) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من غزة والتي لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري.
وأشارت إلى أنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل. إضافة لعمليات الإعدام الميداني التي رافقت حملات الاعتقال، وكان من بينها إطلاق الرصاص بشكل مباشر، ومتعمد على الأطفال.
وبينت أنه وخلال عملية اعتقالهم، يستخدم جنود الاحتلال أساليب مذلّة ومهينة، وحاطّة من كرامتهم، كما أن الغالبية منهم تم احتجازهم في مراكز توقيف تابعة لجيش الاحتلال في ظروف مأساوية، وتعرضوا لتهديدات وشتائم، واعتداءات بالضرّب المبرح، إضافة لحرمانهم من الطعام ومن استخدام دورة المياه لساعات طويلة، وذلك في محاولة للضغط عليهم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات، كما أنهم يُجبَرون على التوقيع على أوراق مكتوبة باللغة العبرية.
وأكدت المؤسسات أن الاحتلال يمارس سياسة التجويع والإهمال الطبي بحق الأطفال خلال اعتقالهم، حيث الجوع يُخيم على أقسام الأطفال بشكل –غير مسبوق- حتى اضطر العديد منهم للصوم لأيام جراء ذلك. مضيفة بأن الأسرى أصيبوا بأمراض جلدية أبرزها مرض (الجرب السكايبوس)، الذي تحوّل إلى كارثة صحية سيطرت على غالبية أقسام الأسرى وفي عدة سجون مركزية، حيث استخدم الاحتلال المرض كأداة لتّعذيب الأسرى، ومنهم الأسرى الأطفال، وذلك عبر حرمانهم من العلاج، كما وتعمدت إدارة السّجون عدم اتخاذ الإجراءات التي تحد من استمرار انتشاره.
ووفق جهاز الإحصاء المركزي فإن الأطفال يشكلون 43% من سكان فلسطين والذي يبلغ عدد سكانها 5.5 مليون في الضفة و 2.1 في قطاع غزة. حيث يُشكل الأطفال دون سن 18 عاماً 43% من إجمالي السكان؛ أي ما يقارب 2.38 مليون طفل/ة، بواقع 1.39 مليون في الضفة الغربية و0.98 مليون في قطاع غزة.