أ. صلاح موسى
القرار الإسرائيلي المتخذ من الكابينت السرائيلي يوم 11/5/2025 بخصوص البدء بأعمال التسوية في المناطق المصنفة “جيم” اثارت موجه من ردود الأفعال الفلسطينية والإسرائيلية. وللأسف لم يكن هناك أي ردود فعل عربية او دولية حقيقية باستثناء موقف من الأردن الشقيق.
تشكل المناطق المصنفة (جيم) و ( H2 ) ما يزيد عن 60% من أراضي الضفة الغربية من ضمنها المستوطنات، مناطق الرماية والتدريب العسكري للاحتلال، مناطق محميات طبيعة، مناطق أثرية، شوارع وطرقات، كسارات ومقالع الأحجار، والقرى والبلدات الفلسطينية.
مع العلم أن المستوطنات سيطرت على ما نسبته (68%) من أراضي المنطقة “جيم” حسب ما أوردت الجزيرة بتقرير لها في العام 2023 ويضيف التقرير أن المناطق جيم تضم (87%) من موارد الضفة الغربية الطبيعية، و(90%) من غاباتها و(49%) من طرقها. هذا يعني أن الصراع الذي سينتج عن قرار الحكومة الإسرائيلية يتعلق بالأفراد سواء طبيعيين و/أو معنويين اكثر منه بالمحميات الطبيعية والشوارع والطرقات.
وعليه فإننا أمام معركة على كل بيت فلسطيني مقام في المناطق المصنفة “جيم” والمصنفة حسب اتفاق واي ريفر ( H2 )في الخليل، كما انها ستشمل كل مدرسة ومستشفى وعيادات طبية ومراكز ثقافية ومباني بلديات وهيئات محلية. إذن إنها معركة تفصيلية، لا تستدعي الهيجان العاطفي ولا ردات الفعل المتفرقة أو البيانات شديدة اللهجة.
إنما تستدعي منا التفكير والعمل بشكل منهجي وهادئ وبعيدا عن الأضواء، ودون ضجيج حتى نقلل من حجم هذه الخطوات ونقلص مساحات الضرر التي ستطال قطاعات كبيرة من الناس ومصالحهم لأن هناك العديد من المناطق الموجودة في داخل عدد من المدن الفلسطينية مصنفة ضمن المناطق جيم و H2 كذلك هناك الالاف الدونمات التي تحيط بعدد من القرى كذلك، لذا فإن ردود الفعل الفلسطينية التقليدية لن تجدي نفعًا مع هذا المشروع الجديد.
هيئة التسوية الفلسطينية وبعد دمجها مع سلطة الأراضي عليها أن تتعامل مع هذه التطورات المهمة وبالتعاون مع هيئة مقاومة الجدار والحكم المحلي والوزارات المختلفة من مالية وصحة ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية وحتى الإسرائيلية للتحضير للتعامل مع القرار الإسرائيلي بروح مختلفة وعملية، فنحن لا نحتاج إلى خطوات متسرعة لأن ما تبقى من أراضي في المناطق المصنفة “جيم” و ( H2 ) في الخليل هي مناطق ومساحات مملوكة للأفراد والهيئات المعنوية، أما الأراضي الأخرى فهي بحكم الواقع والسيطرة الفعلية الإسرائيلية تم وضع اليد عليها والسيطرة بالكامل عليها.
وعليه نوصي القيام بخطوات محددة وفنية يمكن تلخيصها على النحو التالي:
تشكيل فريق وطني فني وقانوني لمتابعة تداعيات هذه الخطوة الإسرائيلية، ويجب أن يتفرغ هذا الفريق فقط للعمل على هذا الملف، و صلاحية التواصل مع رئيس الوزراء لاتخاذ خطوات سريعة وقادرة على الاستجابة لأي متطلبات يحتاجها الفريق للوصول الى المعلومات و/أو اتخاذ قرارات سريعة وفعالة للتعامل مع التحديات الناتجة عن هذا القرار الإسرائيلي.علينا التذكير أن سموتريتش يستعين بأكثر من 40 محاميًا وطاقم كبير من المهندسين والمساحين والمختصين بالأراضي بمكتبه فقط لغايات أعمال التسوية.
الطلب من هيئة التسوية عدم اتخاذ القرار باي إعلانات للتسوية ووقف العمل بأي اعمال تسوية بدأت بالمناطق المصنفة جيم وسحب الملف بشكل رسمي من هيئة التسوية ووضعها ضمن صلاحيات الفريق الوطني المقترح.
نقل أرشيف هيئة التسوية تحت إشراف طواقم فنية متخصصة، خاصة تلك الأحواض والأراضي التي تم العمل بها في المناطق المصنفة “جيم” ومناطق مدينة ومحافظة الخليل. إلى الفريق الوطني لضمان إعادة الأصول والوثائق التي تم الاستناد عليها في أعمال التسوية ومنح الملكية على أساسها للمواطنين حتى يتمكنوا من التقدم بالادعاءات المطلوبة لإثبات الملكية لدى الاحتلال.
التعاون مع الحكم المحلي فيما يتعلق بالمخطط المكاني الوطني، وفحص ما يتفق معه مع الموافقات التي تم الحصول عليها سابقًا من الإدارة المدنية خاصة فيما يتعلق بالمناطق الصناعية المتفق عليها وكيفية تسجيلها والحفاظ على ملكية الأراضي للجهات الفلسطينية.
الطلب من البلديات والهيئات المحلية والمجالس القروية واللجان المختلفة لتقديم تصور حول الأراضي الواقعة ضمن الهيئة المحلية والمصنفة ضمن مناطق “جيم” ومناطق ” H2″ بالتعاون مع الفريق الوطني.
وقف أعمال التسوية في المناطق المصنفة “جيم” والتي تمت المباشرة بها ولم تنتهي بعد لغاية عدم إضاعة حقوق المواطنين المالكين والقاطنين في المناطق جيم وخارجها لمنع استغلال الاحتلال وجود تسوية فلسطينية، وعدم تمكن المواطنين الفلسطينيين من الحصول على الأوراق المطلوبة لتقديمها للجهات الإسرائيلية لإثبات الملكية لها.
المناطق المصنفة “جيم” والتي انتهت فيها أعمال التسوية الفلسطينية، يجب إعادة التواصل مع المواطنين لتزويدهم بكافة الأوراق الثبوتية ومعززات الملكية المستقرة قانونًا، وعليه فإن هذه العملية يجب أن تكون منسقة مع سلطة الأراضي وضريبة الأملاك والبلديات والمجالس القروية واللجان المحلية وأية جهة ذات صلة. من خلال الفريق الوطني دون تركها لتقدير كل جهة مالكة لهذه الأوراق والمستندات.
الفريق الوطني المقترح تشكيله يجب أن يكون عابر للوزارات للتعامل مع المتطلبات الإسرائيلية لعمليات التسوية والعمل على تزويدها للمواطنين بسرعة وكفاءة، وتجاوز الإجراءات البيروقراطية التي قد تضييع حقوق الافراد.
التواصل مع الأخوة في الأردن للتنسيق معهم بخصوص أراضي الخزينة والتي تم تأجيرها وتملكلها من قبل مواطنين فلسطينيين لاحقًا لغايات إثبات الملكية وحماية الإسرائيلي من تسجيل هذه الأراضي باسم “خزينة الدولة”.
بكل تاكيد هناك أملاك تابعة للأوقاف الإسلامية والمسيحية يجب التحرك بالتعاون مع الجهات ذات الصلة لحمايتها من خلال الفريق الوطني لمتابعة اعمال التسوية الإسرائيلية.
توجيه المواطنين لطلب الحصول على كواشين جديدة صادرة من الإدارة المدنية في المحافظات المختلفة خاصة وأن هناك مساحات معقولة مسجلة كأراضي طابو في هذه المناطق، والتعاون مع سلطة الأراضي في الأحواض المصنفة جيم والتي تم نقلها لسلطة الأراضي الفلسطينية.
هناك خطوات أخرى بكل تأكيد يمكن اتخاذها على المستوى المحلي وأخرى تتعلق بالمستوى العربي والإقليمي والدولي والتي لا بد من تناولها والعمل عليها، تترك لذوي الشأن.