هيئة التحرير
أكد خبراء ومؤسسات فلسطينية أن القرار الإسرائيلي بشأن استئناف أعمال التسوية الإسرائيلية للأراضي في المناطق المصنفة “ج”، يُعتبر القرار الأخطر على الإطلاق منذ احتلال الضفة عام 1967، ويهيئ فعليًا الأرضية لضمها.
وكان المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي (الكابينيت) قد صادق قبل أيام على استئناف تسجيل ملكية الأراضي في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، والتي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة وتشكل نحو 61% من مساحة الضفة.
وفي سياق توضيح القرار، أفاد رئيس الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عايد مرار، في حوار خاص مع “بالغراف”، أن القرار الإسرائيلي ينقسم إلى شقين:
تغريم السلطة الفلسطينية على الرسوم التي حصلتها
وأوضح مرار أن الشق الأول هو وقف عمليات التسوية الفلسطينية التي بدأت قبل سنوات، ومعاقبة الفلسطينيين عليها، من خلال فرض الغرامات عليهم، ومنع المهندسين والخبراء من القيام بكل إجراءات التسوية الفلسطينية، ووقفها في كافة المناطق المصنفة “ج”، وأيضًا تغريم السلطة الفلسطينية على الرسوم التي قامت بجبايتها من المواطنين لقاء ذلك، من خلال الخصم من أموال المقاصة.
مصير الأرض سيكون مرهونًا بمصير صاحبها
أما الشق الثاني، فقال مرار إن الإيعاز للجهات الإسرائيلية المختصة بالبدء بأعمال التسوية وتسجيل الأراضي في المناطق المصنفة “ج”، خلال فترة 60 يومًا.
وأوضح مرار أن المشكلة الأساسية في التسوية الإسرائيلية، في حال تم عملها، أنها تحول الأراضي من أراضٍ “مالية” إلى أراضٍ “مسجلة”، وهو ما يعني أن مصير الأرض سوف يصبح مرهونًا بمصير صاحبها أو مالكها.
وتابع مرار أن الفرق بين التسوية الفلسطينية والتسوية الإسرائيلية هو أن الفلسطينية تسجل كل شيء مملوك أو محاز عليه من الأراضي لصاحبها، بغض النظر إن كان موجودًا وفي أي مكان، أو طبيعة الأرض إن كانت مفلوحة أو غير مفلوحة، ويتم تسجيلها للفلسطينيين.
حارس أملاك الغائبين وحارس أملاك الدولة سينافسان أصحاب الأرض
وأردف مرار، أنه في حالة التسوية الإسرائيلية، فإن حراس أملاك الدولة الإسرائيلي، وحارس أملاك الغائبين الإسرائيلي، ينافسون صاحب الأرض عليها.
وأوضح مرار أنه إذا كان صاحب الأرض موجودًا في إحدى الدول العربية المصنفة معادية، وكل الفلسطينيين النازحين عن أراضيهم ولهم أراضٍ هنا، فإن هذه الأراضي في التسجيل الإسرائيلي تذهب لحراس أملاك الغائبين.
وأضاف أن الأراضي غير المفلوحة أو البور وغير المسجلة، عندما يتوجه الفلسطيني لتسجيلها، يعتبرون أن أهم قرينة من قرائن الملكية هي الحيازة الفعلية لمدة تزيد عن 10 سنوات، بمعنى أن تكون مفلوحة أو مسيجة أو مبنيًا فيها، وهذه هي الحيازة الفعلية، وعلى الأقل لعشر سنوات، وفي حال لم يتوفر ذلك، تذهب لحارس أملاك الدولة.
تعقيدات فنية ومالية إضافية على الفلسطيني
وأكد مرار أن الأمر الثالث، والذي سيكون عقبة أساسية ومن التعجيزات للفلسطينيين، أن رسوم التسجيل لن تكون بمثل رسوم التسجيل التي كانت تجبيها التسوية الفلسطينية، بل ستكون أعلى من ذلك.
وليس هذا فحسب، تابع مرار: “بالإضافة إلى أن كل الجهاز الفني سوف يكون من الإسرائيليين، وبالتالي سوف يكون التعامل معهم، ومهمتهم سوف تكون تعقيد إثبات الفلسطيني لحقه، هذا إن تمكن من إثبات حقه”.
لذلك شدد مرار على أن التسوية الإسرائيلية من أكثر المخاطر التي يمكن أن تهدد الأراضي الفلسطينية، حيث إنه في عام 1948 عندما احتلت فلسطين، وحاولت إسرائيل السيطرة على الأراضي، حاولت في البداية شراء الأرض، ولم تتمكن من شراء سوى 25 ألف دونم، ولكن عندما تم القيام بأعمال التسوية في أراضي 48، وتم تسجيلها لحارس أملاك الغائبين، سيطروا على 85% من الأراضي الفلسطينية في مناطق 48.
بعد التسوية.. حارس أملاك الغائبين يستطيع التصرف بالأرض
ومن النقاط الهامة التي لفت مرار النظر إليها، أن حارس أملاك الغائبين الموجود حاليًا في الإدارة المدنية الإسرائيلية، أي قبل عمليات التسوية، لا يستطيع التصرف في الأرض، وإنما إدارة الأرض من حيث التأجير أو المزارعة أو الاستخدام المؤقت، أما بعد التسوية، فإن حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي يستطيع التصرف في الأراضي المسجلة، من حيث بيعها ومنحها لمن يريد، وهذه من أهم المخاطر.
ووفق تقديرات مرار، فإنه على الأقل 75% من الأراضي الفلسطينية في المناطق المصنفة “ج”، إما ستذهب لحارس أملاك الغائبين أو حارس أملاك الدولة الإسرائيليين.
توجه فلسطيني للاعتراض على القرار أمام العليا الإسرائيلية
أما بشأن إمكانية مواجهة القرار قانونيًا، فقال مرار إن الهيئة تدرس إمكانية رفع قضية في المحكمة العليا الإسرائيلية، وهناك فرصة للاعتراض على مبدأ التسوية، وهناك مبررات وادعاءات كثيرة سوف يتم تقديمها، وخلال هذا الأسبوع سوف تكون هناك جلسة لهم مع كل أطياف العمل القانوني الفلسطيني، من أجل تشكيل ادعاء وطريقة قانونية لمواجهة القرار الإسرائيلي
إسرائيل تستعجل الحسم والضم لأراضي الضفة الغربية
وكان المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، قد أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يستعجل الحسم والضم من خلال المصادقة على خطة تسوية الأراضي في الضفة الغربية.
وأشار المكتب في تقرير صادر عنه إلى أن “النقاشات التي تدور في أروقة سلطات الاحتلال، سواء في مجالس المستوطنات أو لجان الكنيست أو الحكومة، تنذر بأن إسرائيل سوف تمضي قُدمًا في هجمتها الاستيطانية على أراضي المنطقة (ج) بالضفة الغربية، من خلال الإسراع في إضفاء صبغة قانونية على مصادراتها”.
ويوضح التقرير أن “مشروع تسوية أراضي الضفة الغربية من قبل الإدارة المدنية يُعتبر المشروع الأخطر لأنه يهيئ الأرضية القانونية للضم الفعلي”.
كما أكد التقرير أنه “وباستئناف تسجيل الأراضي، وفق مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، تدير دولة الاحتلال ظهرها ليس فقط للقانون الدولي بل ولقرار محكمة العدل الإسرائيلية”.
وأضاف أن “دولة الاحتلال تمضي قُدمًا في أخطر مشاريعها لتكريس الضم واقعًا فعليًا على الأرض، ووحدة (تسجيل الأراضي) التابعة لوحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، سوف تتولى تنظيم وتسجيل ملكية الأراضي في مناطق (ج)، بما في ذلك إصدار أذونات البيع، وجباية الرسوم، والإشراف على إجراءات التسجيل، وتمنع في الوقت نفسه السلطة الفلسطينية من أداء مهامها في هذه المناطق”.
كاتس: القرار يعيد الاعتبار للاستيطان اليهودي
وتعليقًا على القرار، كان وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد قال في بيان صدر عن مكتبه، إن القرار “يعيد الاعتبار للاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ويُفشل ما وصفها بـ”محاولات السلطة الفلسطينية للسيطرة على المنطقة (ج)”. مشيرًا إلى أن التسوية ستدار بقيادة وزارة الجيش.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تجميد تسوية الأراضي بالضفة الغربية، والتي بدأت في العهد الأردني، من قبل السلطات الإسرائيلية بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، فيما حصرت اتفاقية أوسلو عمليات التسوية بالنسبة للسلطة الفلسطينية في المناطق “أ” و”ب”، ومنعتها في المنطقة “ج”.
وصنفت اتفاقية أوسلو أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية وتشكل الأخيرة نحو 61% من مساحة الضفة.