محمد أبو علان
على ما يبدو أن وتيرة الاستيطان والسيطرة أكثر وأكثر على الضفة الغربية تتناسب تناسبًا طرديًا مع كل يوم ينقص من عمر حكومة نتنياهو سموتريش وبن جفير، والهدف الأول والأخير حسب إعلانات المستوى السياسي الإسرائيلي من التوسع الاستيطاني فرض حقائق على الأرض تعزز السيطرة الإسرائيلية على الأرض، وتمنع إقامة دولة فلسطينية في قلب دولة إسرائيل حسب تعبيرهم.
الأسابيع الأخيرة فقط شملت عديد الخطوات التي من شأنها ابتلاع كامل الضفة الغربية من قبل غول الاستيطان الإسرائيلي، آخر هذه الخطوات قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي السياسي الأمني المصغر “الكبنيت” إقامة (22) مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، تشمل عودة المستوطنين لمستوطنات حومش وصانور في إطار تطبيق قانون إلغاء فك الارتباط من شمال الضفة الغربية الذي أُقِر بعد تشكيل حكومة نتنياهو الحالية، وبناء أربع مستوطنات من بين ال (22) مستوطنة في منطقة الأغوار على طول الحدود الفلسطينية الأردنية، القناة السابعة العبرية وصفت قرار بناء (22) مستوطنة بالتاريخي الذي سيغير وجه المنطقة، ويعيد تكوين مستقبل الاستيطان الإسرائيلي في السنوات القادمة.
ولرفع وتيرة تهجير الفلسطينيين وحصرهم في أصغر مساحة ممكنة في الضفة الغربية، قرابة (1000) حاجز عسكري وبوابة حديدية، وسدات ترابية واسمنتية أقيمت منذ بداية الحرب على قطاع غزة، في الضفة الغربية كثير منها على مشارف المدن والقرى الفلسطينية، حتى داخل مدينة ومخيم جنين، وخاصة تلك الحواجز التي أقيمت على مشارف منطقة الأغوار التي تمنع الفلسطينيين من الوصول الحر لقرابة 23% من مساحة الضفة الغربية، غالبيتها مناطق زراعية خصبة، فيها أكبر الموارد المائية الفلسطينية.
وخطة ضم وفرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية عادت من جديد وبقوة للعناوين من خلال عمل بالتوازي ما بين الحكومة الإسرائيلية من خلال وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر، ورئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية يسرائيل جنتس.
جنتس عرض مؤخراً خطة مجلس المستوطنات الإسرائيلية لضم الضفة الغربية على شخصيات أمريكية رفيعة في البيت الأبيض، وفي وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية، وتحويل أجزاء من الضفة الغربية غير المضمومة لكنتونات، الخطوط العريضة للخطة، ضم 65% من مساحة الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، والفلسطينيون يعيشون في (20) كنتوناً شرط ألا تشكل كياناً فلسطينياً موحداً.
وفي إطار السعي الإسرائيلي لتعزيز سيطرة المستوطنين على الأرض في الضفة الغربية ناقشت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي “إلغاء التميز في شراء الأراضي في الضفة الغربية”، والذي يعني حال إقراره السماح للمستوطنين بشراء أراضي خلف الخط الأخضر من مواطنين فلسطينيين، وحتى داخل التجمعات الفلسطينية. وهو ما يعني إقامة مستوطنات دون رقابة سياسية، حتى إن الكنيست الإسرائيلي يعمل على مشروع قانون إسرائيلي يلغي اسم الضفة الغربية من كل التشريعات الإسرائيلية وإطلاق اسم “يهودا والسامرة” عليها.
ومن الخطوات الفعلية على الأرض والتي تنفذ منذ بدء الحرب على غزة، وبالشراكة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين تهجير التجمعات الرعوية الفلسطينية، حسب بيانات رقمية نشرتها منظمة بتسليم (منظمة حقوقية إسرائيلية) حيث هُجرت نتيجة هذه السياسة الإسرائيلية المشتركة بين الجيش والمستوطنين عشرات التجمعات الرعوية الفلسطينية من منطقة الأغوار وحتى جنوب جبل الخليل.
كما ألغى الكبنيت الإسرائيلي إجراءات التسوية التي قامت بها السلطة الفلسطينية عبر السنوات الماضية للأراضي في المناطق المصنفة “ج”، ورفضت التعامل مع هذه الإجراءات، وقالت إنها لن تحظى بأي وزن قانوني في المحاكم الإسرائيلية، وأوكل الكبنيت لوزارة الحرب والإدارة المدنية الإسرائيلية تنفيذ إجراءات تسوية جديدة تسهل إجراءات السيطرة على الأراضي، وتعجل إقامة المستوطنات.
وعن عدد المستوطنين في الضفة الغربية كانت تقارير إسرائيلية سابقة أشارت إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية حوالي (860) ألف مستوطن، منهم (330) ألف في القدس المحتلة، و(530) ألف في بقية الضفة الغربية.
المغزى السياسي الإسرائيلي لهذه الخطوات عبر عنها أكثر من جهة في المستوى السياسي الإسرائيلي منهم الوزير في وزارة الحرب سموتريش ووزير الحرب الإسرائيلي كاتس، حيث اعتبروا هذه الخطوات تهدف لتعزيز السيطرة اليهودية على الأرض في الضفة الغربية، وفرض حقائق على الأرض تمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية، والتي ستشكل خطر وجودي على دولة إسرائيل حسب تعبير المستوى السياسي الإسرائيلي، يل هناك من ذهب لأبعد من ذلك، وقال أن الاستيطان في الضفة الغربية هو الجدار الواقي للدفاع عن دولة إسرائيل.