loading

كيف ستصرف الحكومة رواتب موظفيها قادم الأيام؟

محمد عبد الله

أزمة مالية وحصار اقتصادي كبير، تعيشه الحكومة الفلسطينية، انعكس على دفع فاتورة أجور الموظفين الحكوميين إلى نسبة 35% في الشهر الجاري، كدفعة ثانية من نسبة 70% التي تدفعها منذ تسلمها لمهامها قبل نحو عام ونصف.

وفي الوقت الذي تتراجع فيه الحلول الممكنة، بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة إيجاد حلول، وترافق ذلك مع إضرابات أعلنت عنها النقابات العاملة في القطاع الصحي، وصلت إلى حد مطالبة رئيس اتحاد نقابات المهن الصحية أسامة النجار بحل السلطة الفلسطينية، إن كان ذلك الحل الوحيد المتبقي لدفع فاتورة أجور الموظفين.

وفي حوار خاص مع الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش لموقع “بالغراف”، حاولنا تفصيل صورة الوضع المالي للحكومة الفلسطينية، والسيناريوهات المتبقية أمامها لدفع فاتورة أجور الموظفين، والحلول المتبقية أمامها.

يقول أبو غوش، إنه ومنذ اليوم الأول للحكومة الحالية، التزمت بصرف رواتب بنسبة 70% للموظفين من الراتب، وصرف هذه النسبة كان يؤدي إلى تقاضي 70% من الموظفين نسبة 100% من رواتبهم، وهم الذين تقل رواتبهم عن 3500 شيقل.

وتابع أبو غوش، أن فاتورة الرواتب الشهرية للموظفين عندما يتم صرف نسبة 70% من الراتب للموظفين تصل إلى 890 مليون شيقل شهرياً، وهنا نتحدث عن الرواتب وأشباه الرواتب (المتقاعدين والأسرى وعائلات الشهداء والجرحى…)، علماً أن صرف نسبة 100% من الراتب للموظفين يعني أن الحكومة بحاجة إلى مليار و50 مليون شيقل شهرياً.

وأضاف أبو غوش، أن الحكومة في الفترة السابقة، كانت تعتمد على ما يُحول إليها من أموال المقاصة بعد الاقتطاعات، بالإضافة إلى مساعدات، مع الاقتراض المحلي، والجباية المحلية.

وأردف: “في الأشهر الأخيرة، الأزمة تعمقت أكثر، حيث إن المساعدات الأوروبية لم تكن متوفرة منذ بداية العام، بل تجددت مؤخراً بعد نصف السنة، وحكومة الاحتلال لم تحول أموال المقاصة في آخر شهرين، والاقتراض المحلي وصل إلى الحدود الأعلى، عدا عن اللجوء إلى بعض المسائل المحلية لتحصيل الأموال قدر الإمكان، منها جباية ديون شركات توزيع الكهرباء”.

وبيّن أبو غوش، أنه قبل عطلة عيد الأضحى، كان هناك توقعات أن الحكومة ستصرف للموظفين رواتب بنسبة 70% كالمعتاد، ولكن ما جرى أن سموترتيش جمد أموال المقاصة ولم يحولها، بالتالي الحكومة تدبرت 35% للموظفين من رواتبهم، وهذه النسبة تعني أن هناك فئة صُرف لها رواتب بنسبة 50%، لأن من يتقاضى راتباً كاملاً عند صرف نسبة 75%، سوف يتقاضى نصف راتب عند صرف نسبة 35%.

وبعد ذلك، كان هناك عمل على صرف ما تبقى من نسبة وهي 35% من الراتب، على أمل أن تُحول المقاصة، ولكنها لم تُحول للشهر الثاني على التوالي.

وهنا أشار أبو غوش إلى أن ما يُحول من المقاصة لا يزيد عن 35% من قيمتها الطبيعية، بسبب الاقتطاعات الإسرائيلية منها.

وأكد المختص أبو غوش، أن الأزمة استفحلت هنا، حتى قامت الحكومة بلملمة أوراقها من مداخيل محلية وبعض المساعدات والاقتراض من بعض الصناديق، حتى تدبرت نسبة 35% المتبقية.

وأردف: “ولكن الوضع المالي الآن للحكومة الفلسطينية يشير إلى أنها لا يمكن أن تتحرك بدون تحويل أموال المقاصة، فحجم المساعدات ومنها ما دفعه الاتحاد الأوروبي لا يغطي الرواتب، وبالتالي الاستمرار بدفع نسبة 70% من الراتب، يجب الإبقاء على تحويلات المقاصة التي كانت بعد 7 أكتوبر، وأيضاً الإفراج عن جزء من أموال المقاصة المحتجزة (7.7 مليار شيقل)”.

وقال أبو غوش، إن الأموال المحتجزة من المقاصة لدى الاحتلال، هي إما أموال محتجزة بموجب قانون في الكنيست يتعلق بدفع رواتب أسر الشهداء والأسرى والجرحى، وهذا ليس من السهل عودته، والجزء الثاني من الأموال المحتجزة وبالإمكان الإفراج عنه في حال حدوث انفراجة سياسية، هو المتعلق بالأموال الخاصة بقطاع غزة.

وهناك اقتطاعات تتعلق بصافي الإقراض من تسديد ديون صحة وكهرباء ومياه وصرف صحي، ويصل إلى حوالي 150 إلى 200 مليون شيقل شهرياً.

كما بيّن أن المقاصة كانت في الوضع الطبيعي تصل مليار إلى مليار و100 مليون شيقل بدون أي اقتطاعات، وهذه الأموال كانت تغطي فاتورة الرواتب وأشباه الرواتب، ولكن ما يُحول هذه الأيام بعد كل الاقتطاعات يصل في الحد الأعلى إلى 350 مليون شيقل، وهي لا تغطي دفع نسبة 70% إلا إذا ترافقت مع مساعدات ورسوم محلية وغيرها.

ولكن نوّه أبو غوش إلى مسألة مهمة، وهي أنه في الأعوام الأخيرة زادت فاتورة الرواتب والأجور لأسباب عديدة، وترافق ذلك مع زيادة الاقتطاعات من المقاصة، وتراجع كبير في المساعدات، بالتالي النفقات تزيد والإيرادات تقل.

وبالتالي – بحسب أبو غوش – فإن العودة لصرف 70% من الراتب، وهو أكثر شيء ممكن تحقيقه والسيناريو المتفائل، يحتاج إلى المنحة الأوروبية، وتحويل ما يتم تحويله من المقاصة شهرياً بعد الاقتطاعات، بالإضافة إلى المساعدات والإيرادات المحلية، فالحلول المحلية استُنفدت ولم يتبق شيء، وبالتالي السيناريو المتفائل هو ما ذُكر كي يتم الاستمرار بصرف نسبة 70% حتى نهاية العام.

أما السيناريو الأفضل – بحسب أبو غوش – فهو أن يستجد جديد، الأول أن يتم الإفراج عن جزء من أموال المقاصة، وهي لا تحل الأزمة، أو أن تحدث تسوية سياسية على مستوى المنطقة وأن تتولى دولة ما دفع الدين العام، وأن يعود تدفق أموال المقاصة بدون اقتطاعات، وأن يترافق ذلك مع تقليل فاتورة الرواتب، لأنه بدون تقليل فاتورة الرواتب لا يمكن أن تعالج السلطة الفلسطينية هذا الموضوع.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة