loading

أبراج الاتصالات الإسرائيلية في الضفة الغربية .. بين السيطرة الأمنية وتعزيز المشروع الاستيطاني الضم

محمد عبد الله

في السنوات الأخيرة، باتت مشاريع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية لا تقتصر على الاستيطان التقليدي وبناء المستوطنات الرعوية، بل أخذت منحى جديدًا يتمثل في تشييد أبراج الاتصالات، التي توصف بأنها جزء من البنية التحتية التكنولوجية، لكنها تحمل في جوهرها أبعادًا سياسية وأمنية واستيطانية عميقة. 

هذه المشاريع، التي تُسوّق تحت غطاء “تحسين الخدمات”، تكشف عن توجه استراتيجي يربط التكنولوجيا بالسيادة والضم، ويحوّل حتى أصغر المشاريع إلى أدوات للسيطرة على الأرض والفضاء الفلسطيني.

إقامة برج جديد قرب بؤر استيطانية شرق رام الله

وفي مطلع شهر آب/ أغسطس الماضي، بدا لافتًا إقامة برج شاهق للاتصالات الإسرائيلية على شارع 60 الالتفافي، وتحديدًا عند الإشارات الضوئية والمفترق المؤدي إلى مستوطنة بيت إيل ومدخل مدينتي رام الله والبيرة الشمالي.

وقد رافق إقامة هذا البرج تجمع كبير للمستوطنين من جماعة الصهيونية الدينية وفتية التلال، الذين احتفلوا بما وصفوه بـ”الإنجاز الجديد”، خاصة وأنه أُقيم قرب عدد من البؤر الاستيطانية الرعوية في المنطقة، والتي تنطلق منها الهجمات على قرى وبلدات شرق رام الله مثل برقة ودير دبوان وعين يبرود وبيتين وغيرها.

ربط أبراج الاتصالات بالأمن والاستيطان

مدير النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أمير داوود، قال إن ما يجري على الأرض اليوم يدخل ضمن ما أعلنه قبل نحو عام وزير الاتصالات الإسرائيلي بشأن تخصيص موازنات جديدة لإنشاء حوالي 20 برجًا جديدًا للاتصالات في الضفة الغربية.

وفي حوار مع “بالغراف”، أوضح داوود أن اللافت في هذه المرحلة هو الربط المباشر لأول مرة بين أبراج الاتصالات وقضيتين أساسيتين: الأولى تتعلق بتحسين “الدفاع والأمن” في الضفة الغربية، أي تمكين قوات الجيش من الاستجابة بسرعة لأي حدث أمني، والثانية تطوير شبكات الاتصالات بما يسمح للبؤر الاستيطانية الرعوية المعزولة بالاستفادة من خدمات الاتصالات.

وبالتالي –بحسب داوود– فإنها المرة الأولى التي يتم فيها ربط قطاع الاتصالات بالبعد الأمني وبمشروع تعزيز الاستيطان، بينما كان يجري في السابق الترويج له كجزء من تحسين خدمات الاتصالات للشركات الإسرائيلية.

احتفالات ودعاية سياسية

وأضاف داوود: “لذلك صرنا نشهد في الفترة الأخيرة احتفالات من قبل جماعة الصهيونية الدينية ببناء الأبراج وتعزيز الاتصالات، وبدأنا نلاحظ زيادة في الأبراج ولكن ليس بشكل كبير”.

وأكد داوود أن كل ما يجري على الأرض وما يرافقه من حملة دعائية  اليوم، يُربط بالترويج بمفاهيم لالضم وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن هذا النمط من الأنشطة موجود تاريخيًا في الأراضي الفلسطينية، لكن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تعمل على تغليف حتى أصغر الأنشطة بعناوين سياسية كبيرة.

وبين أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تلاحظ وجود حملة دعائية مرتبطة بهذه الأنشطة لربطها بموضوع السيادة والضم، ولهذا تُطرح عناوين جديدة وضخمة لكل نشاط رغم أن جوهر هذه الأنشطة قديم..

600 برج اتصالات إسرائيلي في الضفة الغربية

ونوّه داوود إلى أن الضفة الغربية تضم اليوم حوالي 600 برج اتصالات إسرائيلي، وهو رقم كبير يعكس ارتباط هذه المنشآت بالمشروع الاستيطاني، لكن ما يميز الحكومة الحالية هو استخدامها لهذه المشاريع كأدوات دعائية مرتبطة بخطط لالضم وفرض السيادة.

50  مليون شيقل لإقامة 22 برج جديد

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” قد كشفت في تقرير لها أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على الترويج لبناء 22 برج اتصالات وأجهزة إرسال في الضفة الغربية المحتلة، بتكلفة تُقدَّر بـ50 مليون شيكل، وذلك كجزء من تحرك أوسع لتعزيز قبضتها على مناطق الضفة.

وأوضحت الصحيفة أن المشروع، الممول من صندوق خارج الميزانية بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يتضمن بناء صواري في مناطق مختلفة، بعضها على أراضي المستوطانات الإسرئيلية المقامة بالضفة الغربية،  إسرائيلية والبعض الآخر على أراضٍ فلسطينية خاصة، مع إمكانية استخدام أوامر المصادرة.

كما أشارت إلى أن الأبراج نُصبت بالفعل في مواقع مثل مستوطنة معالوت حلحول، وهي تلة بالقرب من قرية حلحول الفلسطينية شمال مدينة الخليل، وكذلك عند مفترق جفعات أساف في وسط الضفة الغربية.

خطط لمصادرة أراضٍ إضافية

وبحسب “يديعوت أحرونوت”، فإن وزير الاتصالات شلومو كارعي يعتزم إصدار حوالي 50 أمر مصادرة إضافيًا بغرض إقامة أبراج وأجهزة إرسال على الأراضي الفلسطينية المشاع في جميع أنحاء الضفة، والتي لم يتم تسوية وضعها القانوني بعد.

وترى الصحيفة أن هذه الخطوة تهدف إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي والصلاحيات في الضفة، وخلق “حقائق على الأرض”.

تصريحات وزير الاتصالات الإسرائيلي

وعلّق الوزير كارعي على الخطة قائلاً: “إن إنشاء أبراج اتصالات خلوية في جميع أنحاء الضفة الغربية ليس مجرد مسألة تتعلق بنوعية الحياة والاتصال التكنولوجي، بل هو خطوة أساسية لتعزيز الوجود الإسرائيلي وضمان سيطرة وسيادة إسرائيلية كبيرة على الأرض، أرض أجدادنا”.

وأضاف: “بعد إصدار المناقصة الأولى هذا الأسبوع، بدأنا بالفعل العمل على المناقصة الثانية، التي سنستخدم فيها أيضًا أداة ‘الاستيلاء على الأرض’ لإنجاز المهمة. وسترتفع أبراج الاتصالات في كل موقع في جميع أنحاء بلدنا، وستعلن قبول الشعب والعالم أنه بلدنا”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني