loading

عامان من حرب الإبادة: لم تتوقف خدمات الاتصالات والإنترنت في غزة

محمد عبد الله

امين على حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وما رافقها من دمار هائل واستهداف مباشر للبنية التحتية، إلا أن خدمات الاتصالات والإنترنت لم تنقطع بشكل كامل عن القطاع إلا لأيام محدودة.


وراء هذا الإنجاز الإنساني والتقني تقف طواقم فنية تعمل في ظروف معقدة وخطيرة، كما يؤكد المدير التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية المهندس ليث دراغمة، الذي يصف استمرار الخدمة بأنه “ثمرة تضحيات استثنائية من أبطال الطواقم على الأرض”.


يقول دراغمة في حديثه مع موقع “بال غراف”، إنه “منذ اليوم الأول للحرب، كان هناك استهداف مباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي لشبكات الاتصالات الفلسطينية، سواء الأرضية أو الخلوية أو مزوّدي خدمات الإنترنت، بهدف فرض حصار تقني وعزل كل القطاعات التي تعتمد على هذه البنية التحتية في تقديم خدماتها، بما في ذلك القطاعات الصحية والتعليمية والمصرفية والاقتصادية والإغاثية والإعلامية.”


وأضاف دراغمة: “في مرات كثيرة تعمّد الاحتلال قطع مسارات خطوط الفايبر الأساسية المغذية لقطاع غزة، خاصة على مداخل المحافظات الجنوبية، في محاولة لعزل القطاع بالكامل عن العالم الخارجي.”


ورغم هذه الاعتداءات، واصلت الطواقم الفنية عملها “بإمكانات محدودة وتحت الخطر”، وفق دراغمة، موضحًا أن “الكثير من هذه الطواقم تعرضت للاستهداف المباشر، ما أدى إلى فقدان عدد من الفنيين، وصعوبة حركة الآخرين خلال العامين الماضيين، حتى في الحالات التي جرت فيها ترتيبات بالتنسيق مع جهات دولية.”


ويبيّن أن طواقم الاتصالات كانت تصل إلى مناطق الانقطاع وفق نوعين من الأعطال: “إما قطع متعمّد على مداخل المدن، أو تدمير المباني التي تضم بنية تحتية حيوية للشبكات.”


ويشير إلى أن “الاحتلال دمّر العديد من الأبراج نتيجة قصف المباني التي تحملها، رغم كونها نقاطًا أساسية لتشغيل الشبكات.”


وبلغة الأرقام، يؤكد دراغمة أن 82% من قطاع الاتصالات في غزة مدمّر، وهي نسبة “ليست بسيطة”، مضيفًا أن “الاحتلال يجبر المواطنين على البقاء في مناطق محدودة، وهذه المناطق تحتاج إلى شبكات اتصالات لتغطية الكثافة السكانية، ما يسبب ضغطًا كبيرًا على المعدات القليلة المتبقية.”


ويكشف أن فقط ربع الأبراج العاملة سابقًا ما زالت تعمل اليوم، أي نحو 150 برجًا من أصل 600، وهي تغطي بالكاد 17% من مساحة قطاع غزة.


ويضيف: “منذ سنوات كان قطاع غزة مظلومًا في خدماته، إذ لم يُسمح بإدخال تقنيات الجيل الثالث، ولا تطوير خدمات الإنترنت كما يجب.”


ويشرح دراغمة أن شبكات الاتصالات في غزة “تعتمد منذ بدء الحرب على أنظمة الوقود والمولدات فقط، دون أي مصدر كهرباء حقيقي”، مبينًا أن هذه المولدات “تعمل منذ أكثر من 700 يوم دون توقف، رغم أنها صُممت لتعمل لفترات محددة، وتحتاج الآن إلى صيانة عاجلة.”


ويشدد مجدداً على أن “الدور الحقيقي في استمرار الخدمة هو للطواقم الفنية التي قررت منذ اليوم الأول أن تبقي الشبكات حية”، مضيفًا:
“الهدف لم يكن تجاريًا، بل إنسانيًا وإغاثيًا، والدليل أن شركات الاتصالات قدّمت خدمات مجانية في غزة لأكثر من 17 شهرًا.”


ويتابع: “فقدنا العديد من أعضاء الطواقم الفنية، وتعرضوا لمآسٍ كبيرة، لكنهم اختاروا البقاء في مناطق طُلب منهم مغادرتها فقط لضمان استمرار الخدمة، وكأنهم يجرون عملية إنعاش مستمرة لهذه الشبكات.”


ويصف دراغمة المشهد بأنه “استثنائي على مستوى العالم”، موضحًا أن “بعض المقاسم تعرضت للتدمير الكامل أو المباشر بالقصف والمدفعية، في محاولة لعزل القطاع تمامًا عن الخدمة، مع تحكم الاحتلال بدخول الوقود اللازم لتشغيلها.”


ويختم المدير التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات بالتأكيد على أهمية حماية الكوادر المتبقية:
“نطمح للحفاظ على هذه الطواقم النادرة، لأنها تمثل خط الدفاع الأخير لاستمرار الخدمات، خاصة في ظل فقدان الكثير من الأدوات والمعدات، واضطرار الفنيين إلى العمل بأدوات بدائية في الميدان.”

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني