هيئة التحرير
بمشاركة نخبة من الأفلام المحلية والعربية والعالمية، التي تُعرض لأول مرة في فلسطين، وبحضور عدد كبير من السينمائيين الفلسطينيين، انطلقت الدورة التاسعة لمهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي 2022، مساء أمس الثلاثاء، بمدينة رام الله.
المهرجان الذي يُنظم للسنة التاسعة على التوالي من قبل مؤسسة ” فيلم لاب فلسطين” بالشراكة مع بلدية رام الله، ويمتد لمدة أسبوع كامل في مدن فلسطين المختلفة، انطلق من مدينة رام الله وسيمتد إلى “القدس، وحيفا، وجنين، وبيت لحم، وغزة، ومناطق أخرى مختلفة”.
وافتتح المهرجان بفيلم “حمى البحر المتوسط” للمخرجة مها الحاج، بعد فوزه بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة “نظرة ما” ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي 2022، وجائزة أفضل فيلم (Firebird) في مهرجان “هونغ كونغ السينمائي”، كما أنه اختير لتمثيل فلسطين رسميًا في مسابقة جوائز “الأوسكار” 2023.
إحياء ثقافة السينما في فلسطين
يهدف القائمون على المهرجان إلى إحياء ثقافة السينما في فلسطين، وإعادة الناس إلى دور العرض السينمائي، وأن يتلقفوا أفلامًا هادفة غير تجارية، تنقل قصص الشعوب التي يصعب نقلها على المنصات التجارية، إضافة إلى تشجيع صناعة السينما سواء عن فلسطين أو بفلسطين، تؤكد الناطقة باسم المهرجان، خلود بدوي في حديث لـ”بالغراف”.
وتضم أيام المهرجان برنامجاً كاملًا وليس عرضًا للأفلام فقط، فهناك فعاليات أخرى كحلقات النقاش والمحاضرات التي تغني الثقافة السينمائية في البلد، ويستعرض فترات زمنية مختلفة، وفق بدوي.
هذا العام، وفق بدوي، فإن هناك برنامجًا بمناسبة الأربعين عامًا على خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، حيث سيتم استعراض الذاكرة البصرية، منذ تلك الفترة، عن طريق عرض أفلام وحلقات نقاش مع أشخاص عاشوا تلك الفترة وكانوا شاهدين عليها، لإحياء الذاكرة حول تلك الفترة.
وتهدف مؤسسة ” فيلم لاب فلسطين”، من خلال هذا المهرجان، إلى دعم وإثراء الإنتاج السينمائي الفلسطيني، لذلك نُظمت مسابقة “طائر الشمس الفلسطيني” للعام السادس على التوالي، لتشجيع الأفلام التي تم إنتاجها، بمختلف مجالاتها الروائية أو الوثائقية، إضافة لتشجيع إنتاج أفلام جديدة، عبر مسابقات عدة للانتاج، “فالهدف إعادة ثقافة السينما، والمساهمة بالإنتاج السينمائي، عبر الطاقات والقدرات والرواية الفلسطينية”، تؤكد بدوي.
بدوره، يعبر المخرج الفلسطيني عمر رمال في حديث لـ”بالغراف” عن حماسه الكبير لحضور هذا المهرجان، خاصة أنها المرة الأولى التي يكون بها متواجدًا مع السينمائيين الفلسطينيين، وهي فرصته للتعرف عليه، مؤكداً حماسه لحضور الأفلام والندوات وحلقات النقاش، فيما يشدد على أهمية دعم الأفلام الفلسطينية، وصناع الأفلام الفلسطينيين والمخرجين، حتى يستمروا في إنتاج قصصهم وعرضها من خلال الأفلام.
اهتمام لافت
عبرت العديد من الشخصيات عن أهمية مهرجان أيام فلسطين السينمائية، حيث يؤكد رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس، أن مهرجان “أيام فلسطين السينمائية ” له أهمية خاصة في مدينة رام الله، حيث يشكل مساحة لتقديم أفلام فلسطينية وعربية وعالمية احترافية وبديلة عن الأفلام التجارية، كما يطور المهرجان سنوياً أدواته، ويستقطب عشرات المبدعين، وينظم حواريات تثري النقد الفني والمناخ الثقافي في المدينة.
ويشير مؤسس ومدير المهرجان المخرج حنا عطا الله، إلى أن المهرجان تمكّن من إعداد برنامج غنيّ، يتضمّن أفلاماً منتقاة بعناية، ما يمنح “فرصة للاقتراب من مواضيع مختلفة، مرتبطة بعالم السينما وثقافتها”.
ووفق عطا الله، فإن نسخة المهرجان التاسعة لن تقتصر على “احتفال بالثقافة السينمائية في فلسطين، وجلب قصص سينمائية ثرية إلى سينماتنا ومجتمعاتنا”، بل نحو “خلق لحظةً للتوقّف والتأمّل، بفضل برنامج (حديث لذاكرة بصرية)، في الذكرى الـ40 لخروج منظّمة التحرير الفلسطينية من بيروت، بسبب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، حيث تعتبر هذه الذكرى نقطة لانطلاق البرنامج، فهي تُعدّ منعطفاً في التاريخ السياسي، والتعبير الفني الفلسطيني، ويمكن الاستدلال على تحوّلٍ في شكل التعبير السردي والبصري ومحتواه، ما يمنح البرنامج مساحةً لأسئلة تتعلّق بثقافة الذاكرة البصرية، وماذا نعني بها، وكيف تؤثّر علينا”.
وتشدد المديرة التنفيذية لـ”فيلم لاب فلسطين” علا سلامة، على أن الدورة التاسعة من المهرجان تراكم على النجاحات السابقة، فيما تشير إلى أن المهرجان يأتي هذا العام بظروف صعبة على كل الصعد، إلا أنه ورغم التحديات السياسية والمالية تم الاجتهاد لتقديم نسخه يستحقها الجمهور الفلسطيني، مؤكدة أن نجاح المهرجان “مشترك”، “فنجح المهرجان بضم صوتنا للأصوات المجتمعة لصناعة الأفلام الدولية وإبراز ما يجمعنا معها مع الحفاظ على تفردنا في الوقت نفسه”.
مهرجان دولي بمشاركة 59 فيلمًا
يشارك في المهرجان، 59 فيلمًا من فلسطين ودول عربية وأجنبية منها: “مصر، وتونس، والأردن، ولبنان، وسوريا، وإيران، والبوسنة، وصربيا، وفرنسا، وإنجلترا، وأمريكا، والدنمارك، والسويد”، وتتوزع عروضه في 17 منطقة بالمدن الفلسطينية، “القدس، ورام الله، وبيت لحم، وجنين، وغزة، وجنين، ورفح، وحيفا”.
ومن أبرز الأفلام المشاركة: “بنات عبد الرحمن” للمخرج زيد أبو حمدان، وفيلم “إعصار” للمخرج داميان ماك كان، والفيلم الدرامي “مايكشابيل” للمخرجة إيسار بويايين، و”دفاتر مايا” للمخرجَين جوانا حاجي توما وخليل جريح، والفيلم الكوميدي “حارة لا تحب الأغراب” للمخرج البوسني دانيس تانكوفيتش، و”المسابقة الرسمية” للمخرج غاستون دوبار وماريانو كون، و”تحت الشجرة” للمخرجة التونسية الفرنسية أريج السحيري، و”لبكرا” للمخرج الإيراني علي أصغري، ويُختتم المهرجان في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بفيلم “فرحة” للمخرجة الأردنية الفلسطينية دارين سلام.
كما يعرض المهرجان مجموعة مميزة من الإنتاجات الوثائقية، من بينها “بيت من شظايا” إخراج سايمون لارينغ ويلمونتع، و”بيروت في عين العاصفة” إخراج الفلسطينية مي المصري، و”مقاطعة” إخراج جوليا باشا، و”أطفال الضباب” إخراج الفيتنامية ها لي دييم، و”حلّقي بعيداً” إخراج سيلينا آيشير، و”حكايا بيتية” إخراج نضال الدبس.
ويضم المهرجان مجموعة من الأفلام للجيل القادم التي تهدف إلى بناء ثقافة سينمائية، حيث يعرض المهرجان فيلم “مياه نهر باستازا” للمخرج إينيس ت. آلفيس، و”الإنسان الأخير” للمخرج الفرنسي إيفالو فرانك، و”شال آمو الكبير” للمخرجة لوسي لامبرت، و”حتى الفئران لها مكان في الجنة” للمخرجَين دنيسا غريمونا وجان بوبينيش.
مسابقة “طائر الشمس”
يشهد المهرجان هذا العام، النسخة السادسة من مسابقة “طائر الشمس” للأفلام القصيرة والوثائقية، وللإنتاج السينمائي، ويشارك في المسابقة نخبة من الأفلام القصيرة والوثائقية الطويلة لصنّاع أفلام فلسطينيين أو لأفلام يتعلق موضوعها بفلسطين.
وسوف تشرف لجنة فنية متخصصة تضم فنانين ومخرجين فلسطينيين عرباً وأجانب، على مراجعة الأفلام المتقدمة للمسابقة وفقًا للمعايير المطلوبة، ومنح جائزة لأفضل فيلم قصير، وأخرى لأفضل فيلم وثائقي طويل.
كما ستمنح اللجنة جائزة “طائر الشمس” للإنتاج، والتي تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار، لدعم إنتاج أفلام روائية قصيرة لصنّاع أفلام فلسطينيين، أو أفلام يتعلق موضوعها بفلسطين.
وتوفر مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” دعمًا عينيًا لهذه الأفلام من أجهزة ومعدات تصوير وصوت وخدمات ما بعد الإنتاج.
فعاليات أخرى
يضم برنامج “أيام فلسطين السينمائية” في نسخته التاسعة عدة جلسات حوارية، منها “أصوات جديدة” التي تهدف إلى مساعدة مخرجي ومنتجي الأفلام القصيرة على تطوير وإنتاج وتوزيع أعمالهم، حيث تتضمن الفعالية جلستين، تحت عنوان “البدء بالعمل: دليل لتطوير وتمويل الأفلام القصيرة”، و”التوزيع والإستراتيجيات المتعلقة بمهرجانات الأفلام القصيرة”، إضافة إلى “ماستر كلاس” مع المنتج الفلسطيني حسين القلا.
وتناقش ندوة خاصة بـ “الجيل القادم”، إمكانيات الأدوات السينمائية وفرص استخدامها في تعزيز الرؤية النقدية لدى الأطفال واليافعين في مواجهة التغييرات التي تفرضها تكنولوجيات التواصل الحديثة.
تمويل ورعاية هامة
وينظم هذا المهرجان بتمويل من: IMS International media support، ممثلية جمهورية ألمانيا الاتحادية في رام الله، آفاق، شبكة الشاشات العربية البديلة، القنصلية الفرنسية العامة في القدس، البيت الدنماركي في فلسطين.
أما الراعي البلاتيني للمهرجان: شركة سنيورة للصناعات الغذائية، وكذلك برعاية بنك الاتحاد، وشركة غرغور التجارية، والشريك الإعلامي: تلفزيون فلسطين، وكذلك برعاية: شبكة راية الإعلامية، فضائية رؤيا، تلفزيون الغد، مزاج اف ام، راديو يبوس، بالغراف، ومجلة رمان الثقافية، ومنصة الاستقلال الثقافية.