loading

الممرض الياس الأشقر: كان يحاول انعاش “شهيد” فاكتشف انه والده

وجدنا اصابتين قد توقف القلب لديهما. بدأنا بانعاش المصابين دون ان نلتفت الى وجوههم حتى صاح الياس هذا ابوي هذا ابوي

قرابة الساعة الواحدة من ظهر الأربعاء ٢٢ شباط/فبراير 2023 وبينما كانت مستشفيات نابلس تعج بالإصابات بعد مجزرة دامية قام بها الاحتلال، وصلت اسعافات على باب مستشفى النجاح على عجلة، تحمل خمس إصابات بينهما إصابتين كان بين حياتهما وموتهما شعرة،  فأحدهم دخل بمسن إصابته بليغة وآخر دخل بشاب لم يتبقى من دمه شيء وسقطا أرضاً، وضعا الشاب والمسن على سريرين متقابلين وبدأ انذار الطوارئ بالنداء العاجل لكل من يستطيع القدوم من الطاقم الطبي لإنقاذ المصابين.

سريعاً وبعد نداء الطوارئ وما يسمى “code blue ” الذي يعتبر رمز بين الطاقم الطبي تيقن الأطباء والممرضين أن هناك حالات توقف قلبها في الطوارئ، نزل رئيس قسم العناية المكثفة لجراحة القلب أحمد الأسود من طريق والممرض إلياس الأشقر من طريق آخر والتقيا في قسم الطوارئ.

وعن تفاصيل هذه اللحظة يروي الأسود في حديث لموقع “بالغراف” ويقول:” عندما وصلنا القسم كان هناك إصابتين قد توقف قلبها، إضافة لست إصابات بينهما إصابة خطيرة، بدأنا بمحاولات الإنعاش للمصابين الذين توقف قلبهما، وحاولنا أن نجد طرفاً لإنقاذهما، وأحد المصابين كان والد الممرض إلياس الأشقر وكانت إصابته في القلب مباشرة، استدعينا جراح القلب لإجراء عملية سريعة، فتحنا صدر المريض في الطوارئ، وأمسكنا بقلب المريض وحاولنا إنعاشه وكان إلياس بجانبنا ويرافقنا بإنعاشه ولم يكن أحداً منا يعلم هوية الشهيد فكان همنا هو إنقاذه قبل النظر إلى وجهه، وأخرجنا شظايا من صدر المصاب على أمل إنعاشه وتمسكه في الحياة من جديد”.

ثلاثون دقيقة ما قبل الصدمة وما قبل الصمت الذي عم في المستشفى بعد معرفة هوية الشهيد، إلياس الأشقر كان قلب أبيه بين يديه يحاول إنعاشه دون أن يعلم أن أباه هو المصاب بجروح خطيرة، بعدما فشلت المحاولات في إنقاذ المصاب وأعلن ارتقائه، أخذا إلياس وأحمد والطاقم الطبي المرافق نفسهما، وصادف أن كانت هوية المريض في جيب أحمد لتوثيق فحوصات ووضع المصاب، ولكن هي كانت ثواني التي رفع فيها إلياس رأسه ونظر إلى وجه المصاب المُسّن وصرخ عالياً بصوت عج في زوايا المستشفى منادياً صديقه أسود “هذا أبوي”، فصمت هنا أحمد وأخرج الهوية مسرعاً من جيبه وقرأ الاسم الرباعي وأجاب إلياس:” آه، هذا فعلاً أبوك، وقال إلياس آه هوية أبوي”، وهنا وفي تلك اللحظة هز صراخ إلياس كل الطوارئ، وساد صمت طويل في غرفة الطوارئ، ونظرات صدمة يسترقها الطاقم الطبي بعيونه وبالنظر إلى بعضهم، لم يجدوا كلاماً ليعبروا به، فتبعثرت حروفهم، وتوقف عقلهم عن التفكير بماذا سيفعلون وكيف ستكون مواساتهم لإلياس وكيف سيصبرونه ولكن عجزوا عن الكلام لحظتها من شدة الموقف.

ويقول الأسود:” أخذنا إلياس على غرفة أخرى وبدأنا بتصبيره ومواساته، إلياس كان صابراً جداً لم يبك بصوت عال فقط كان صراخه بأن الشهيد والده لحظة معرفة الهوية، وبعد ذلك كانت دموعه تنهمر بصمت على خديه ، وحينما جاؤوا أشقائه حاول تضميد جرحهم وتصبيرهم وطلب منهم أن لا يبكوا بصوت عال في الطوارئ، ومن ثم خرج جثمان الشهيد إلى مستشفى رفيديا وتم تشييع الجثمان بعد ذلك”.

موقف مؤلم ولن ينساه كل من كان في غرفة الطوارئ، الطبيب المتدرب يزن عمر كان من المناوبين في قسم الطوارئ بمستشفى النجاح وكانوا يستمرون في معالجة الإصابات التي تصل بعد عدوان الاحتلال على نابلس، يروي عمر عن تفاصيل تقي إلياس صدمة استشهاد والده عبد الهادي الأشقر يقول في حديث ل”بالغراف:” جميع الطواقم كانت تعمل لإنقاذ حياة المصاب عبد الهادي وبعد فشل المحاولات لإنقاذ المسن الطبيب قال الله يرحمه استشهد، هنا كانت المصيبة الكبرى والموقف الذي لن ننساه التفت إلياس إلى وجه المصاب وتفاجأ بأن المصاب الذي كان يحاول إنقاذه هو والده ، صرخ بأعلى صوته ثلاث مرات “أبوي هذا أبوي” وسألوه ما به والدك قال هذا الشهيد أبوي، وسكت كل من كان متواجداً ولا أحد عرف كيف سيتصرف”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة