بشار عودة
من قلب الألم والمعاناة يبزغ الأمل وفجر جديد، جملة تصف حالة الأهالي في قطاع غزة الذين يُزهرون ويقدمون كل في موقعه وموهبته، ويواجهون الصعب والقساوة بإرادة البقاء والصمود وإيجاد الحلول لتغطية احتياجاتهم رغم انعدام الإمكانيات والأدوات
المهندسة إيناس الغول مثال غزي حي على النهوض من وسط المعاناة، فعدوان الاحتلال لم يترك شيء لم يُدمره ويهدمه، وأهمها شبكات المياه ما أدى إلى ندرة وجود المياه الصالحة للشرب، حتى أضطر الأهالي للسير مسافات طويلة للحصول على المياه حتى وإن كانت ملوثة، ما أدى لانتشار الأمراض إلا أن الغول ابتكرت نظاماً لتحلية مياه البحر
الغول سعت لإيجاد وابتكار نظاماً جديداً يعمل بآلية التقطير لتحلية مياه البحر، والتي يمكن أن تكون حلًا مناسبًا لمشكلة انقطاع وندرة المياه في قطاع غزة مع استمرار العدوان عليه للشهر العاشر على التوالي، وفي ظل تزايد الأمراض الجلدية وغيرها الناجمة عن استخدام المياه الملوثة أو قلة استخدامها
وفي حديث لها مع ” بالغراف” بينت الغول أن الدافع وراء ابتكار المقطر الشمسي هو التغلب على مشكلة انعدام المياه التي تواجه المواطنين، وذلك مع استمرار انقطاعها لأكثر من أسابيع، إضافة لقصف الاحتلال المتعمد لمحطات التحلية وآبار المياه التابعة للبلديات
وحول طريقة عمل المقطر أوضحت أنه يقوم بتحلية مياه البحر عن طريق التقطير وذلك عبر تبخير هذه المياه ومن ثم إعادة تكثيفها، لإنتاج ماء نقي من مياه ملوثة أو مالحة من خلال تسخين المياه باستخدام الطاقة الشمسية، وهو ما يؤدي إلى تبخر المياه ثم تكثف البخار ليعود إلى الحالة السائلة في شكل ماء نقي.
وتابعت الغول بأن المقطر الشمسي يحتوي على صندوق خشبي مغلّف بالزجاج والجلد، إضافة إلى فتحات لدخول المياه قبل خروجه عبر طبقة من الفحم النشط لتنقيتها، مشيرة إلى أنه من خلال المقطر نحصل على ماه عذبة ونظيفة 100%، مبينة أنه يتم صناعته باستخدام مواد بسيطة بعد إعادة تدويرها، وهي متوفرة في كل مكان مثل “خشب مشاطيح، وزجاج مستعمل، ومكسر، وجلود، وشوادر”.
واسترسلت بأنها توجهت لصناعة الجهاز لأنه سهل الاستخدام ويمكن نقله لأي مكان خاصة في ظل النزوح المستمر من منطقة إلى اخرى في القطاع، مع استمرار حرب الإبادة على غزة، مؤكدة أن الهدف من صناعة هذا الجهاز هو توفير المياه العذبة للموطنين، خاصة في ظل ارتفاع سعر كوب المياه في قطاع غزة، ما يجعل الكثير من المواطنين غير قادرين على شرائها.
ووفق تقرير مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه الفلسطينية أوضح أن حصة الفرد في قطاع غزة من المياه تراجعت بنسبة 97% إثر الحرب على القطاع، وسط دمار كبير حل ببنية المياه التحتية وأثر على الإمدادات، إضافة لانخفاض حصة الفرد الواحد من المياه إلى ما بين 3-15 لترًا يومياً، وذلك في ظل الحرب مقابل معدل استهلاك بنحو 84.6 لترًا للفرد يومياً خلال العام 2022.
ويعاني الأهالي في قطاع غزة من أزمات إنسانية عديدة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر المنصرم، جراء تدمير البنية التحتية واستهدافها بشكل واضح ومباشر، ما أدى لتوقف عمل قطاع واسع من خدمات المياه والصرف الصحي وبرك تجميع مياه الأمطار والمرافق الخاصة بالطاقة وتوليد الكهرباء الخاصة بالبلدية.