loading

الاحتلال يتسبب باختلال بيئي في المسحات الخضراء في سلفيت

هيئة التحرير

مساحات خضراء شاسعة تُبهر عينيك خلال تجولك على طول محافظة سلفيت وقراها، وفي باطن هذه المساحات الخضراء تكمن معاناة الأهالي والمزارعين، جراء انتهاكات الاحتلال البيئية التي تستهدف الأراضي الزراعية وينابيع المياه، بمخلفات المستوطنات والمناطق الصناعية للاحتلال.

مخلفات تخترق الأراضي الزراعية مما تؤثر على التربة الخصبة، واستنشاق للأحماض والانبعاثات من مصانع الاحتلال تؤثر على صحة الإنسان وتسبب له العديد من المشاكل الصحية، وانتهاكات ومصادرة وتجريف للأراضي، جعلت من محافظة سلفيت التي تعتبر كنزًا من كنوز البيئية الطبيعية، منطقة منكوبة بيئيًا.

انتهاكات قائمة ومستمرة

مدير دائرة الصحة والبيئة في محافظة سلفيت أيمن شواهنة بين أن المحافظة تتعرض لانتهاكات قائمة مستمرة، وهو موضوع مقلق بشكل كبير بسبب الاعتداءات الهائلة شبه اليومية على الأراضي الفلسطينية وأبعادها البيئية.

وأكد أن الانتهاكات تتمثل بمحورين رئيسيين أولهما تهريب النفايات بأنواعها المختلفة مثل التربة المسمومة ومخلفات البناء والهدم، والإطارات المستخدمة وغيرها من النفايات السامة وغير السامة، فيما المحور الثاني التجريف والمصادرة التي تؤدي لمصادرة مساحات هائلة جدًا من الأراضي الفلسطينية، حيث جزءًا كبيرًا من أراضي سلفيت هذه مصنفة وفق المخطط الوطني كأراضي تنوع حيوي.

وأفاد شواهنة أنه تم مصادرة 35 ألف دونم أرض وذلك بوضع اليد عليها، سواء بإقامة منشأة صناعية أو إقامة مستعمرات أو فتح طرق، مبينًا أن هذه الهجمة الشرسة أدت إلى إخلال حقيقي بالنظام البيئي في محافظة سلفيت، مثل وادي قانا الذي يذخر بالتنوع الحيوي ويحتوي على 11 منبعًا مائيًا يتم السيطرة عليها، إضافة للاستيطان الرعوي حيث بات هناك استيطانًا رعويًا في المناطق الغربية للوادي، والسفوح لقرية قراوة بني حسان وأيضاً أراضي دير استيا وغيرها.

وبين أنه من بين الاعتداءات البيئية الأخرى على الأراضي هي الاعتداءات في المجال الصناعي، حيث توسع المناطق الصناعية في “أرئيل”، ومن جديد هناك مصادرة لأكثر من 800 دونم من الأراضي التابعة لمحافظة سلفيت لتوسيع المناطق الصناعية، مبينًا أن قسمًا كبيرًا من هذه المناطق الصناعية بمجاريها والضخ الصادر عنها يكون ملوثًا وغير معالج ويخترق الأراضي الزراعية حتى المناطق الشرقية من وادي قانا، والتي هي تشكل المحمية الطبيعية والرئة النابضة للمحافظة.

مخططات استيطانية جديدة

وتحدث شواهنة عن مخطط جديد كبير لمصادرة 10 آلاف دونم لبناء منطقة صناعية في أراضي ” الزاوية وعزون عتمة ومسحة”، حيث بدأوا في بعض المنشآت الصناعية في محيط المستعمرة المسماة بالقناة والمشروع قيد التنفيذ حاليًا.

وأوضح أن الأمر ذاته في منطقة أرئيل الصناعية، حيث تشكل المناطق الصناعية في المحافظة نسبة كبيرة جداً إذا ما قيست بالاراضي الفلسطينية في أراضي دولة فلسطين في الضفة الغربية، ولذلك فمحافظة سلفيت مستهدفة جداً بإقامة صناعات ومعظمها صناعات خطرة سواء في بركان الصناعية أو ارئيل الصناعية وغيرها

وأردف بأن هناك محطات المياه العادمة سواء من أرئيل أو بركان، والتي هي جزءًا من التخريب القائم والاعتداء على البيئة بوادي المطوي بسلفيت والتي تختلط بمياه المعالجة التي تُضخ من محطة سلفيت لمعالجة المياه العادمة

وأشار إلى أنه وعلى مدار العام والأعوام المنصرمة ضبطوا كميات من التربة وعملوا على تحاليل مخبرية ومعظمها كانت تربة غير صالحة للزراعة حيث تحتوي على مركزات من العناصر الثقيلة وتشكل خطورة بشكل أو بآخر، كما وضبطوا إطارات سيارات مستعملة وهي تصنف ضمن التشريعات والقوانين الدولية ضمن الاتفاقيات الدولية ضمن النفايات الخطرة، كما وضبطوا مخلفات بناء وهدم قادمة من مناطق المستوطنات.

محافظة منكوبة

شواهنة أكد أن المحافظة بهذا البُعد هي محافظة منكوبة حيث النظام البيئي بات مختلًا بها والنظام البيئي نتيجة التجريف بات مدمرًا كآثار، إضافة إلى أن الإرث الثقافي الطبيعي مثل أشجار الزيتون المعمرة حيث الآلاف منها تم تجريفها وهذا إرث ثقافي طبيعي للشعب الفلسطيني، إضافة إلى وجود بعض المُصادرات مثل بئر أبو عمار في قراوة بني حسان الذي يعتبر مصدرًا هامًا للمياه للمنطقة إلا أنه وفي ذات الوقت هو إرث جيولوجي ثمين جدًا ضمن التشكيلات الجيولوجية المتميزة جدًا في هذا الإرث الطبيعي وتم السيطرة عليه.

وأضاف أنه تم السيطرة على أكثر من منطقة أخرى، مثل الجبال الغربية لقرية فرخا بالمدينة وفي كفر الديك تم مصادرة مغارة وهي إرث جيولوجي هائل جدًا، وكل هذه المناطق تم السيطرة عليها بوضع اليد حيث عمليات تجريف تجري والسيطرة عليها قائمة.

وأفاد بأن المحافظة تفقد التوازن الطبيعي وتفقد خصائص النظام البيئي الذي يعتبر كنزًا ولكن يتم خسارته يومًا بعد آخر، وذلك نتيجة للسياسات الممنهجة التي اعتدت على كل شيء بما فيها النظام البيئي الذي هو الرئة الحيوية لحياة الإنسان أينما حل وَوُجِد.

معاناة للمزارعين وأخطار تحدق بصحة الإنسان

شواهنة تابع بأن الموقع الجيوسياسي لسلفيت حيث تتوسط الضفة الغربية وتمتد حتى مشارف الغور وتحيط بمحافظة قلقيلية ونابلس من الشمال والجنوب رام الله والداخل من الغرب، فهذه المحافظة مستهدفة بشكل ممنهج كباقي الأراضي الفلسطينية في زراعتها ومواردها، وهي تصنف بمحافظة زراعية وبمحافظة الزيتون وبالتالي هذا الاستهداف يتجلى بأعداد المستوطنين في قمم الجبال وامتداده لوادي قانا، حيث تعتلي جبالها سبعة مستوطنات إضافة إلى الاستيطان الرعوي، وهناك توسع هائل بالاستيطان والمناطق الصناعية.

 وتابع بأن التوسع المعماري الفلسطيني نتيجة زيادة عدد السكان، والذي أتى على حساب الأراضي الزراعية وعلى حساب المناطق المائية، فيما تقع سلفيت على بُحيرة من المياه بالنسبة للحوض الجوفي الغربي، ولكن المياه هناك تحتاج هناك لوقت شديد جدًا بالذات في القطاع الزراعي بسبب السيطرة الإسرائيلية على هذه المياه، مفيدًا بأنه يأتي هنا الأثر والتأثير على المزارع حيث لم يعد لديه المساحات الواسعة التي يمكن زراعتها وفي ذات الوقت ليس لديه السيطرة على الموارد المائية، التي يمكن أن يستفيد منها بشكل كبير على مستوى الإنتاج الزراعي.

شواهنة أفاد بأن المخلفات الصناعية غير المعالجة والانبعاثات منها لها آثار على صحة الإنسان وبالذات في الاستنشاق من الانبعاثات، حيث هناك انبعاثات كثيرة صناعية تكون موجودة في الهواء، وبالتالي فإنها تشكل خطرًا سواء على الجهاز التنفسي أو على وظائف الدم إذا احتوت هذه الانبعاثات على بعض المعادن الثقيلة وغيرها من صناعات الزيوت العادمة مثل الانبعاثات من “بركان الصناعية”.

وأضاف أن بعض روائح الأحماض لها أثرًا أيضًا، حيث حتى بعض المارة يستنشقون بعض روائح هذه الأحماض وهو ما يؤشر على وجود ملوثات قد تؤدي إلى تأثير مباشر على الجهاز التنفسي، ونوع من التآكل داخل الأنسجة داخل الرئتين وضرب عملية التنفس ما يؤدي إلى أمراض مزمنة مثل “الربو وغيرها”.

 وأشار أيضًا إلى المياه العادمة التي تنتقل إلى الأراضي مثل المياه العادمة التي تأتي من “أرئيل” وتنتشر عبر وادي المطوي وتسير لمسافة تتجاوز ال15 كيلو متر دون أمطار، وعندما يكون هناك أمطار فإنها تحمل كل هذه الملوثات ما يسبب ارتفاعًا في نسب النيتروجين في هذه المياه وتصل للتربة والحوض الجوفي وما يشكله هذا من أخطار على صحة الإنسان، إذا ما تلوثت التربة الزراعية بكميات النيتروجين ما يؤدي لإفقاد خصوبة التربة، إضافة لخطره على الصحة العامة وأيضًا خطره على الحوض الجوفي، كما أن انتشار الحشرات والبعوض من الممكن أن يسبب أمراضًا للإنسان أيضًا.

رصد وخطوات قانونية صارمة

 شواهنة أوضح أنهم قاموا باتخاذ خطوات قانونية محلية وعالمية، فهم يقومون برصد مستمر لأي حالة تهريب للنفايات، ويتخذون الإجراءات القانونية الصارمة ضد المهربين والمتورطين في هذه القضايا لأنها تهدد صحة مجتمع بأكمله، مفيدًا بأنهم نجحوا في منع كميات لا بأس بها من وصول النفايات والتخلص منها في الأراضي الفلسطينية.

وتابع بأنهم من خلال رصدهم للانتهاكات ورفعها لسكرتارية الاتفاقيات الدولية البيئية الموقعة عليها فلسطين، فإنه كان هناك تدخلًا من هذه السكارتريات لمنع عمليات التهريب تجاه الأراضي الفلسطينية لهذه المخلفات.

 وأفاد شواهنة بأنهم يقومون أيضًا برصد ما يجري على أرض الواقع من عمليات تجريف واستيطان رعوي حيث يقومون بالرصد وفق الأصول القانونية والمراقبة والطلب من الأهالي التمترس في أراضيهم والحفاظ عليها.

وبين أن سلطة البيئة توثق قانونيًا سنويًا وشهريًا وفي كل خرق من هذه الاختراقات، حيث هناك حق مكفول للحقوق البيئية ضمن حقوق الإنسان العيش في بيئة صالحة، وهم يُقدمون هذه الوثائق المرصودة لأي جهة قانونية دولية ذات اختصاص حتى يكون هناك إجراءات قانونية على المستوى الدولي، ونتيجة لهذا الرصد وتقديمه تم وقف بعض الإجراءات الاستيطانية المتعلقة بالانتهاكات البيئية.

اسكاكا مشاكل استيطانية متواصلة

بدوره يقول رئيس مجلس قرية اسكاكا أسامة ظاهر إن من أكثر المشاكل التي يعانون منها في الوقت الحالي في القرية هي شق الطرق الاستيطانية لساعات طويلة، مبينًا أن هذا اعتداء على ملكيات خاصة للمواطنين وهي أراضي ليست أراضي مشاع وإنما هي لمواطنين.

وبين أن هناك أيضًا إخطارات مصادرة لأراضي أخرى، إلا أنهم يقومون بتجريف أيضًا أراضي لمواطنين في مناطق أخرى بعيدة كليًا عن الأراضي المهددة بالمصادرة.

وأفاد ظاهر بأن الشارع الاستيطاني الجديد الذي يقومون بشقه على امتداد كيلو ونص، ضم من الجهة الجنوبية له ما يقارب من 200 دونم، ويُمنع أصحاب هذه الأراضي من الوصول إليها دون الحصول على تنسيق.

وأردف أنهم يقومون بسكب مخلفات النفايات منها مخلفات البناء والمواد البلاستيكية في أراضي البلدة مما يؤثر عليها، فيما يُمنَع أصلًا أهالي البلدة من الوصول لهذه الأراضي.

تم إعداد هذه المادة من خلال مشروع حماية حق التجمعات الفلسطينية في التنمية من خلال المناصرة ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان المنفذ من خلال مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ومؤسسة WeWorld ، بدعم من الإتحاد الأوروبي، محتوى هذه القصص لا يعكس بالضرورة وجهة نظر وآراء الإتحاد الأوروبي.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة