loading

“لا أرض أخرى”: وجهة نظر وأخرى

محمد عبد الله

أثار فوز الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى” (No Other Land) بجائزة الأوسكار 2025 لأفضل فيلم وثائقي طويل الجدل واسعاً عبر منصات التوصل الاجتماعي.

وانقسمت الآراء بين من عبر عن فرحه وفخره بالفيلم ومخرجه باسل العدرا، ودافع عن أهميته في إيصال رسالة أهالي مسافر يطا جنوبي الخليل وما يتعرضون له من عمليات تطهير عرقي، وبين آخرين عبروا عن انتقادهم للعمل المشترك مع مخرج إسرائيلي، ومنحه منصة للظهور كصانع للسلام إلى جانب الفلسطيني الضحية.

وفيلم “لا ارض أخرى”، هو إنتاج مشترك بين فلسطين والنرويج، ومن إخراج رباعي يتكون من الثنائي الفلسطيني باسل عدرا، وحمدان بلال، والثنائي الإسرائيلي يوفال أبراهام، وراحيل تسور، الذين تُعرف عنهم نشاطاتهم الداعمة للقضية الفلسطينية. 

وهذا الفيلم نقل معاناة الفلسطينيين في مواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، حيث يوثق الفيلم التهجير القسري في منطقة مسافر يطا بالضفة الغربية.

وعلى مدار 95 دقيقة، يُبرز الفيلم ممارسات الهدم والتهجير التي قامت بها سلطات الاحتلال ضد سكان مسافر يطا منذ عام 2019 وحتى عام 2023. 

كما يتناول العمل السينمائي بأسلوب وثائقي تأثير هذه الاعتداءات على حياة السكان اليومية، مسلطًا الضوء على حجم المعاناة الإنسانية الناتجة عنها.

انتصار كبير للرواية الفلسطينية

منسق شباب ضد الاستيطان والناشط السياسي عيسى عمر اعتبر أن فوز هذا الفيلم انتصار كبير للرواية الفلسطينية وللقضية الفلسطينية في معظم أنحاء العالم، قائلاً إن الوصول إلى الأوسكار وإلى هولوود والقول إن هذا احتلال وهذا استيطان، وأن إسرائيل دولة أبارتهايد وهناك تطهير عرقي يمارس من قبلها، هو شيء كبير جداً لأن روايتنا الفلسطينية غير مسموعة بل نحن مسحوقين.

وتابع عمر في حوار مع موقع “بال غراف”، أن أي شيء يعزز من صمود المواطن الفلسطيني على أرضه ويحافظ على الأرض يجب أن يكون عمل محمود ومقبول للجميع.

مخرج اسرائيلي

أما عن وجود مخرج إسرائيلي في عمل مشترك، قال عمرو إن وفال وهو مخرج الفيلم وغيره هم نشطاء ولم يذهبوا لتجميل صورة الاحتلال أو صورة إسرائيل، بل يتناول الفيلم القضية الفلسطينية بكل ثوابتها من حق العودة وإنهاء الاحتلال ومعاقبة الاحتلال والذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية وكل شيء فلسطيني موجود في الفيلم.

وتابع عمرو، “نحن سكان هذه المناطق نعتمد على هذه المؤسسات، وبدون “بتسيلم” و”ييش دين” وغيرها فالاحتلال سوف يستفرد بنا، لأنه لا يوجد أي جسم فلسطيني قادر أو مستعد تكون في الخط الأول للدفاع عن هذه المناطق”.

وقال إن مسافر يطا تتعرض لحملة تطهير عرقي ويوميا هناك اعتداءات مستوطنين وإرهاب، وهذا الفيلم سلط الضوء على هذه المنطقة، أم وجود مخرج إسرائيلي فهو لا يسيء للفيلم خاصة أنه مؤمن بكل شيء لنا كفلسطينيين.

وذكر عمرو مثال على ذلك، أن هناك مؤسسة إسرائيلية فلسطينية هي من أنارت مسافر يطا والهدف من عملها لم يكن تجميل صورة الاحتلال، بل كان رفع تكلفة الاحتلال على المحتلين، وهذا هو الهدف الأساسي، وما نعمل عليه منذ سنوات برفع تكلفة الاحتلال وإظهار حقيقة الفصل العنصري وممارسات الاحتلال لا نتحدث عنه.

وتابع أن هناك من يدعو للمقاطعة الثقافية، وهم يتحدثون عن نظريات ليست موجودة لدينا، ولم نسأل عنها نحن في الأرض، بل هم طبقة معينة وضعت هذه المعايير ولا تتناسب مع الداخل، ولكن نحن من نعيش تحت الاحتلال وكل يوم نتصادم مع الجندي والمستوطن. 

الفيلم كسر حملة المقاطعة

لكن منسق الحملة السياسية الأوروبية ضد التطهير العرقي أحمد فراسيني يرى أن الإنتاج المشترك أصبح وسلة بحد ذاتها من أجل إيصال رسالة معينة وكأن إيصال الرسالة الفلسطينية، لا تجد لنفسها باب تطرقه ولا أن تسمع وتصل إلا من خلال الإنتاج المشترك، فأصبح بعض الفلسطينيين يعتمدون هذه الوسلة من أجل إيصال رسالة.

وتابع أنه في المقابل هناك بعض الإسرائيليين يتعاونون مع الفلسطيني وفي الإنتاج المشترك للتقدم خطوة للأمام باتجاه الفوز بالجوائز الدولية، كأنه محب للسلام ومتضامن ومحب لنهاية الحرب.

لذى يرى فراسيني في حوار مع موقع “بال غراف” أن هناك مصلحة مشتركة بين المنتجين، وأصبحت الجوائز الكبرى في المهرجانات العالمية تعطى لمثل هذا الإنتاج المشترك، والتالي أصبح هناك مصلحة وهدف، وبالتالي يصنع الفيلم ويكون مركب خصيصاً حتى يصل إلى هذه المهرجانات الدولية وكأنه ليس مصنوع للجمهور العادي.

أمر مؤذي

وعبر فراسيني عن تحفظه أيضاً من الخروج على المسرح مع المخرج الإسرائيلي وكسر حملة المقاطعة، حيث أن هناك ظروف عدائي قاتم وهناك ظروف صعبة نعيشها، وهناك رفض من قبل الرياضيين والعلماء والأكاديميين وغيرهم كلهم رفضوا الخروج مع إسرائيليين من الفلسطينيين والعرب وفي هذا الوقت يخرج ناشط أو مخرج فلسطيني مع مخرج إسرائيلي على المسرح في أشهر جائزة دولية وفي هذه الصورة هذا أمر مؤذي، ولو كان من أجل إيصال رسالة فلسطينية حقة، حيث كان يمكن البحث عن وسائل أخرى لإيصال الرسالة.

وأكد أنه لن تجد انتاج فلسطيني بحت يصل إلى هذا المستوى، وبالتالي هذه سياسة تشجيع للعمل بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل هذه الظروف.

ورداً على ما تقدم به عمرو من أن مخرج الفيلم الإسرائيلي مدافع عن القضية الفلسطينية، قال فراسيني، أنه من الممكن طبيعة الفنان أو المخرج يريد دعم قضية التعايش والسلام، وقد يكون منزعج حقاً من سياسة حكومته، ولكن على مدى سنوات الاحتلال كان هناك فئة من المجتمع الإسرائيلي غير موافقة على سياسات حكومة الاحتلال، ولكن لم يستطيعوا تغيير أي شيء في سياسات الاحتلال.

استغلال !!

وما جرى- بحسب فراسيني، أن المخرج الإسرائيلي استغل الفرصة للحديث عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة وطالب بانهاء الحرب من أجل الافراج عن المحتجزين.

وحول أن الفيلم أوصل قصة المسافر للعالمية، قال فراسيني إنه في الإعلام الأوروبي والإعلام الأجنبي والأمريكي، جرى تناول الموضوع من ناحية انتاج فلسطيني إسرائيلي والكل تحدث عن انتاج الفيلم أولاً ولم يكن العنوان مسافر يطا، وما يجري فيها من إبادة جماعية، وإنما انتاج فيلم إسرائيلي فلسطيني للحديث عن مسافر يطا، وتحت معالجة الخبر تطرقوا إلى إمكانية العمل المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأن هناك فئة من الإسرائيليين والفلسطينيين توافق على صنع السلام بأساليب أخرى للعيش سوياً.

وختم فراسيني “إن كانت وصلت رسائل جميلة من الفيلم، ودعمت شكل من أشكال سرديتنا، لكنها تضر بمسار المقاطعة ومحاولة عزل الإسرائيلي، ومنحه منبر لإظهار أنه بصورة مختلفة عن التي نريد عزله من أجلها”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة