ترجمة خاصة- بالغراف
على خلفية توسع العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية المترافقة بعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في المناطق المصنفة “ج” وخاصة التجمعات الرعوية، رصدت صحيفة هآرتس العبرية نشاطات المستوطنين في هذا المجال والتي تهدف بالدرجة الأولى لخلق ظروف ضاغطة على الفلسطينيين لتدفعهم للرحيل عن تجمعاتهم، وكان التركيز في تقرير هآرتس على عمليات تسييج المستوطنين بالأسلاك الشائكة لمساحات واسعة من الأرضي الزراعية والمراعي في إطار التضييق على الفلسطينيين.
حيث كتبت هآرتس في هذا السياق تحت عنوان “فتية التلال تحولوا لفتية الأسلاك الشائكة، ويحاصر المشهد والفلسطينيين”: إقامة الأسوار الشائكة بشكل مستمر تشكل أحد مظاهر السيطرة العنيفة للمستوطنين على الأراضي في الضفة الغربية، مساحات هائلة تم تسيجيها في العام الأخير، مما غير شكل المنطقة والمناظر الطبيعية، وسرّعت في خنق التجمعات الفلسطينية، وهددت النظام البيئي في المنطقة.
التسييج في الأعوام الأخيرة مختلف عن الذي كان يقام في محيط المستوطنات التي بنيت بقرار من الحكومة في منطقة غور الأردن ومنطقة جوش عتصيون، لا يدور الحديث عن تسييج لحماية المحاصيل الزراعية، بل هي عبارة عن عملية بناء كاملة لعشرات البؤر الاستيطانية والبؤر الزراعية غير القانونية، بعد أقامتها يأتون بقطعان الأغنام والأبقار للمستوطنين، والتي تستخدم كمبرر لتسييج المنطقة لاحقاً، وإبعاد الرعادة الفلسطينيين، والهدف الآخر هو التسييج حول القرى الفلسطينية لخلق الصعوبات أمام حياة السكان المحليين، وخلق ظروف ضاغطة لدفعهم للهجرة.
أسوار شائكة كثيرة ظهرت في الفترة الأخيرة في مناطق جنوب جبل الخليل وفي منطقة غور الأردن، ما بين شارع 90 المار في منطقة غور الأردن وشارع ألون الموجود على رأس منطقة جبلية، نشطاء حقوق الإنسان يتحدثون عن تسريع في عمليات بناء الأسوار الشائكة، ومن الصعب تقديم خرائط أو تقدير لحجم المساحة المحاطة بالأسوار الشائكة، ولكن واضح أن الحديث يدور عن عشرات آلاف الدونمات، وربما أكثر من ذلك.
والمثال الصارخ على ذلك البؤرة الاستيطانية التي أقيمت على الأرض المخصصة لتوسعة المحمية الطبيعية في منطقة المزوقح في منطقة غور الأردن، يدور الحديث عن آلاف الدونمات التي سيطر عليها المستوطنين، ويمنعون الفلسطينيين عنها، ومثال آخر السيطرة على مساحات أراضي واسعة في البؤرة الاستيطانية التي أقيمت قرب مستوطنة شيلا، ومستوطنات فصايل وتومر، في هذه المناطق ومناطق أخرى العاملون في العادة هم فتية التلال، والذين يحظون بالدعم من مقيمي البؤر الاستيطانية والمزارع.
وتابعت هآرتس: عمليات بناء الأسوار الشائكة تشكل تهديد للنظم البيئية، تمنع تنقل الحيوانات، وتقلص حجم المساحة التي يمكنها العيش عليها، كما أن بناء الأسوار الشائكة في منطقة خارج الخط الأخضر تمنع وجود الزراعة التقليدية في الكثير من المناطق، حيث تساهم أساليب الزراعة التقليدية بالحفاظ على التربة، مما يساهم بتنوع غني بالنباتات البرية، كل هذه الأراضي تحولت لمساحات رعي واسعة، ومن غير الواضح إن كان هناك جهة مهنية تفحص تأثير عمليات الرعي على الأراضي وعلى النباتات البرية، لأن كل هذا يتم في ظل فوضى عارمة خلقها المستوطنين.
حجم وسعة انتشار ظاهرة الأسوار الشائكة خارج الخط الأخضر تعتبر مظهر من مظاهر غياب القانون، مؤسسات حقوق الإنسان العاملة في الدفاع عن تجمعات الفلسطينية توجهوا مرات عديدة للجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية وعرضوا عليهم توثيق لعمليات التسييج غير القانونية التي يقوم بها المستوطنين، والنتيجة وعودات من الجيش والإدارة المدنية بتطبيق القانون في المستقبل، حتى الآن الوقت لم يأتي بعد لتطبيق القانون، وفي ظل الوضع الراهن لا يعتقد بوجود فرصة لعمل شيء من طرفهم.
جمعية حقوق المواطن قدمت شكوى لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي ولرئيس الإدارة المدنية وللشرطة الإسرائيلية حول عمليات تسييج في مناطق عين الحلوة والفارسية، وهي مناطق واقعة على التلال المحاذية لشمال غور الأردن، وجاء في الشكوى:” بناء السياج سيؤدي لحبس السكان المحليين، وتجريد السكان من مصادر رزقهم، ومنعهم من الوصول للممتلكاتهم، ومنعهم من الحد الأدنى من حرية الحركة، ومنعهم من كل احتمال لعيش حياة طبيعية معقولة”.
وتابعت جمعية حقوق المواطن في الشكوى:” بناء الأسوار التي تمنع حركة السكان المحليين تعتبر وسيلة أخرى من وسائل المضايقات، في اتجاه عملية تهجير لسكان عين الحلوة والفارسية، بعد أن تم تهجير تجمعات أخرى بالقوة وبنفس الأسلوب، في ظل غياب الدفاع عنهم من قبل الجهات الأمنية، وجهات انفاذ القانون”.
في إحدى الحالات، عندما قام نشطاء حقوق الانسان بهدم سياج غير قانوني، تم رفع قضية عليهم ممن أقام السياج، واضطروا لدفع تعويضات، المحكمة أقرت بأن السياج غير قانوني، ولكن كان على نشطاء حقوق الانسان أن لا يأخذوا القانون لأيديهم، السياج في تلك المنطقة لازال قائم حتى اليوم، ولا أي بوادر على تطبيق القانون في المنطقة.
وختمت هآرتس: إلى جانب الآثار السياسية، الإضرار الكبير بالفلسطينيين والضرر على البيئة، يجب الحديث عن الآثار الاقتصادية لعمليات التسييج، عدد قليل من المستوطنين يسيطرون على مساحات هائلة بطرق غير قانونية، وخلال فترة زمنية قصيرة سيعتبرون هذه الأراضي ملكية خاصة لهم، وسيعملون ليحققوا منها أرباح مالية، مثل مشاريع البناء والشراكات الاقتصادية، كل هذا يتم تحت اسم الريادة الصهيونية وراء الخط الأخضر، والتي ستتحول لاحقاً لأرض إسرائيل الكبرى