loading

إمارة على غفلة: الإسرائيليون يحلمون والخلايلة يتبرؤون

محمد عبد الله

في توقيت بالغ الحساسية، خرجت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بتقرير يدّعي وجود تحركات داخلية في مدينة الخليل، تهدف إلى الانفصال عن السلطة الفلسطينية وإقامة “إمارة مستقلة” تتعاون مع إسرائيل. 

وكانت الصحيفة قد ذكرت أن وجهاء وشيوخ عشائر من الخليل طرحوا مبادرة “سلام” جديدة مع إسرائيل، تتضمن الانسحاب من إطار السلطة الفلسطينية والانضمام إلى اتفاقيات التطبيع “اتفاقيات أبراهام”، في خطوة قالت إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مهتم بتوسيعها. 

ونقلت عن شخص يُدعى وديع الجعبري، وصفته بأنه شيخ إحدى العائلات البارزة في الخليل، قوله إنهم معنيون بـ”التعايش والتعاون مع إسرائيل”. كما وادعت الصحيفة أن المبادرة تشمل اعتراف إمارات الخليل بدولة إسرائيلية كوطن قومي للشعب اليهودي، وإسرائيل تعترف بإمارات الخليل كممثل للعرب في محافظة الخليل.

 عائلة الجعبري في الخليل سارعت  إلى نفي ما ورد جملة وتفصيلًا، إلا أنه وخلف هذه الادعاءات تقف محاولات إسرائيلية ليست جديدة، لإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني على أساس تفكيكي، يُعيد إلى الأذهان روابط القرى وأدوات “الإدارة المدنية”. 

 عضو المجلس الأعلى للعشائر في الخليل نافذ الجعبري نفى ذلك بشدة، وقال في تصريح خاص لموقع “بالغراف”، إن وديع الجعبري “ليس من الخليل، ويحمل هوية القدس، وهو ليس معروفاً بالنسبة إليهم، وهم في العائلة يستنكروا ذلك ولا علم لهم به، بل على العكس نتبرأ منه”.

وأضاف الجعبري، بأن “عائلة الجعبري معروفة في الخليل وثابتة في هذا الوطن، وعقدت اجتماعاً اليوم أكدت فيه على تمسكها بالشرعية الفلسطينية، ولا تقبل بالمزاودة على القضية الفلسطينية، وكل من ورد اسمه في تقرير الصحيفة الأجنبية لا يساوي شيئًا في العشائر وغير معروف عندهم”.

ولكن هل هذا الموقف يمثل جميع العشائر في الخليل؟ رد نافذ الجعبري بالقول: “أنا عضو لجنة عشائرية عليا، وهذا الموقف يمثل الجميع، ولكن يجب على كل العائلات على حد والتي ورد فيها أسماء تخصهم أن يقوموا بإصدار بيانات منفصلة أيضاً ضد هذا الشيء”. 

ورداً على محاولات الاحتلال المستمرة في تقسيم الضفة إلى مناطق تحكمها العائلات، قال الجعبري إن “هذا الأمر مرفوض رفضاً كاملاً بالنسبة لهم”، مضيفاً: “نحن نتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، والسلطة الفلسطينية جاءت بناء على اتفاق بين منظمة التحرير والإسرائيليين، وإذا أرادت إسرائيل أي شيء عليها أن تتحدث مع السلطة وليس مع العشائر، ونحن مع وحدة الوطن وحدة واحدة ومع الثوابت الوطنية وحقوق شعبنا الفلسطيني”.

وثيقة “الإمارة”.. وعلاقة بركات

وبحسب وول ستريت جورنال، فإن تصريحات وديع الجعبري ليست الأولى من نوعها، لكنها الآن اتخذت شكلًا رسميًا عبر رسالة وُجهت إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، تتضمن خطة لفك ارتباط مدينة الخليل عن السلطة الفلسطينية، وإقامة “إمارة مستقلة”، والانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم.

وذكرت الصحيفة أن بركات استضاف الموقعين على الوثيقة في منزله مرات عدة خلال الأشهر الماضية، وأن الوثيقة رُفعت إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بدعم “حذر” منه، بحسب الصحيفة، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.

وتضمنت الوثيقة، وفقًا للتقرير، مقترحًا بإدخال ألف عامل من الخليل إلى إسرائيل لفترة تجريبية، يليها إدخال 5 آلاف لاحقًا، مع وعد من بركات برفع العدد لاحقًا إلى 50 ألفًا.

وقال وديع الجعبري في حديثه للصحيفة: “لن تكون هناك دولة فلسطينية – لا بعد مئة عام ولا بعد ألف، ولن تسمح إسرائيل بحدوث ذلك بعد السابع من أكتوبر”. وأضاف: “السلطة لا تستطيع حماية نفسها أو حماية الناس، أما أوسلو، فهي الخيانة الحقيقية”، وختم بالقول: “إذا حصلنا على دعم ترامب، يمكن أن تصبح الخليل مثل دبي”.

محاولات قديمة بثوب جديد

المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد قال في تعقيب مقتضب لموقع “بالغراف”، إن “هذه محاولات ليست جديدة، بل منذ العام 1967 والإسرائيلي يحاول إعادة هندسة الشعب الفلسطيني بما ينسجم مع فلسفته التفكيكية”.

أما المختص في الشأن الإسرائيلي أمين الحاج، فقال إن “السلطة الفلسطينية بالنسبة للاحتلال باتت مسألة وقت ولن تدوم، وهم يبحثون عن بدائل، ويقومون بتجربة كل الخيارات.

وبين أنه وكما هو معروف في المنطقة العربية وفلسطين، فالعشائر لها دور، وخاصة في الجنوب هناك عشائر وازنة، ولذلك يحاولون خرق هذا الجدار، واستغلال الإشكالية الموجودة بين العشائر والسلطة الفلسطينية، حيث إن هناك أصوات وعدم رضا على السلطة الفلسطينية، وليس بالضرورة أن هذه الأصوات تمثل كل العشيرة، لكنها مؤشر على وجود مشكلة.

وتابع الحاج في حوار مع “بالغراف” أن “الاحتلال منذ الثمانينيات في روابط القرى، والآن في قطاع غزة، وهم يقومون بتجربة عدة خيارات، لأنه بالنسبة لهم السلطة الفلسطينية سوف تصبح عبئًا، فهي جسم سياسي معترف فيه، وهذا كله إشكال بالنسبة لهم”

وأفاد الحاج، أنهم “إذا استطاعوا إيجاد بديل للسلطة الفلسطينية، سوف تكون اهتمامات وتوجهات هذا البديل على نطاق ضيق، ولا يفكر بالوطن وفلسطين، بل يكون له مشاكل واحتياجات ووضع اقتصادي وسياسي، ويبحث عن حلول”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة