loading

إسرائيل تصعّد ضد الكنائس: تجميد حسابات البطريركية الأرثوذكسية ومطالبات بملايين الشواقل

محمد عبد الله

منذ السادس من آب/ أغسطس الجاري، تواصل بلدية الاحتلال في القدس الحجز على الحسابات البنكية للبطريركية الأرثوذكسية، بذريعة عدم دفع ضريبة “الأرنونا” عن ممتلكاتها، في خطوة وصفتها الكنائس والجهات الفلسطينية بأنها “خطيرة وغير مسبوقة”، وسط مطالبات بملايين الشواقل.

اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين أكدت أن الاحتلال فرض ضرائب باهظة على ممتلكات البطريركية، معتبرة ذلك خرقًا للوضع القائم التاريخي وانتهاكًا للقانون الدولي.

جذور الأزمة تعود إلى عام 2018

مصدر في البطريركية الأرثوذكسية بالقدس -رفض الكشف عن اسمه- أوضح لـ”بالغراف” أن القضية تعود إلى عام 2018، حين بدأت بلدية الاحتلال مطالبة الكنائس بدفع ضريبة “الأرنونا” عن جميع ممتلكاتها.

وبيّن أن الكنائس تدفع هذه الضريبة عن الممتلكات التجارية التي تُدِرّ دخلًا، لكنها لم تدفعها تاريخيًا عن الكنائس وبيوت الرهبان والمطارنة وغيرها من الأملاك غير الربحية.

“هذا هو الوضع القائم منذ 500 عام”، يوضح المصدر، مضيفًا أن الكنائس لم تدفع هذه الضريبة لا في العهد العثماني ولا البريطاني ولا الأردني ولا حتى الإسرائيلي.

وفي العام 2018، حاول رئيس بلدية القدس حينها نير بركات فرض الضريبة على جميع الممتلكات الكنسية، ما دفع الكنائس إلى إغلاق كنيسة القيامة احتجاجًا، قبل أن يتدخل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويجمّد القرار مؤقتًا دون حل جذري.

عودة المطالبة وتجميد الحسابات

في صيف 2023، عادت البلدية وطالبت الكنائس مجددًا بالدفع، وأرسلت إليها فواتير بملايين الشواقل. ومع رفض الكنائس، قررت السلطات في السادس من آب/ أغسطس الحالي تجميد الحسابات البنكية للبطريركية للضغط عليها.

المصدر في البطريركية شدد على رفض هذه الخطوة “التي تهدد الوضع القائم في القدس”، مشيرًا إلى تحركات دبلوماسية وضغوط من عدة دول لمواجهة القرار. وكشف أن الملف أحيل مؤخرًا إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية التي ستشكل لجنة للبت فيه.

تحركات فلسطينية ودولية

اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس وجهت رسالة عاجلة إلى كنائس العالم، محذّرة من أن الخطوة الإسرائيلية تهدد قدرة الكنيسة على أداء دورها الروحي والإنساني، وتشكّل “هجمة غير مسبوقة” تستهدف تقويض الحضور المسيحي الأصيل في فلسطين.

ولفتت اللجنة إلى أن الهجمة لم تقتصر على تجميد الحسابات، بل شملت اعتداءات على أراضي الكنيسة الأرثوذكسية في محيط دير القديس جراسموس (دير حجلة) قرب أريحا عبر التوسع الاستيطاني.

وزارة الخارجية الفلسطينية أدانت بدورها القرار، معتبرة أنه يأتي في إطار “حرب مفتوحة” ضد المقدسات المسيحية والإسلامية ومؤسساتها في القدس.

أما محافظة القدس فوصفت الخطوة بأنها جريمة جديدة وعدوان خطير “يهدف إلى شلّ قدرة الكنيسة على أداء واجباتها وتغيير الهوية الإسلامية المسيحية للمدينة”.

تأتي هذه التطورات في ظل تصعيد إسرائيلي متواصل ضد الكنائس والعقارات المسيحية في القدس، عبر فرض ضرائب باهظة وبأثر رجعي، في ما يراه الفلسطينيون سياسة ممنهجة لتهويد المدينة وتقويض وجودها المسيحي.

وكان الاحتلال قد أقدم في شباط/ فبراير 2018 على حجز أملاك وحسابات لبطريركية الروم الأرثوذكس والتي بلغت قيمتها أكثر من 30 مليون شيكل (نحو 8.5 ملايين دولار).

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني