loading

“تريت”: خط فاصل للعيش بين الواقع والوهم

هيئة التحرير

بين الواقع والهروب منه، والانجرار للمصالح دون تفكير، والعيش بحياة مليئة بالأوهام بعيدًا عن واقع المعاناة وحرب الإبادة. رسائل تناولتها مسرحية “تريت” التي عرضها طلبة الجامعة العربية الأمريكية حاصدين المركز الأول في المهرجان المسرحي الجامعي الثاني. فيما حصدت الطالبة آية سمارة جائزة أفضل ممثلة عن دورها العروسة في المسرحية.


المسرح: نقل الواقع بطريقة فنية

مدرب الفريق معتصم أبو حسن أكد مواجتهم للعديد من الصعوبات طيلة الوقت، خاصة أن الجامعة في جنين وهو يسكن نابلس ونتيجة الأوضاع فكان هناك صعوبة في التنقلات. مضيفًا في ذات الوقت أن التجربة كانت ممتعة حيث بكل دقيقة على المسرح لمس مع الطلبة أثر أهمية وجود المسرح وأهمية ممارسة الطلبة لهذه الهواية سواء استمرت كهواية أو أحبوا الإكمال بها بشكل احترافي.


وتابع بأنه كان يتابع فقط إدارة التدريب والطلبة هم من كانوا يمارسون الارتجال سواء في النص أو في الصورة أو في الإخراج حيث كان هناك تبادلية في الأدوار أثبتت له أهمية العمل المسرحي مع الطلبة ومدى شغفهم واهتمامهم به.


ولفت أبو حسن إلى أنه في بداية التدريب كان هناك عصف ذهني ونقاش عن العمل المسرحي الذي سيخرجون به. مفيدًا بأنه ونتيحة التفكير لن يأتوا بشيء بعيدًا عن الواقع الذي نعيشه، فالمسرح يعني نقل الحياة الواقعية التي نعيشها والقصص المسكوت عنها والمعاناة والفرح على خشبة المسرح بطريقة فنية.
وأردف أن هذا المشروع فعل عظيم حيث دخول المسرحيين والمسارح للجامعات وخروجهم بأعمال مسرحية شيء نادر الحدوث وإذا حدث فيكون بنطاق ضيق. موجهًا رسالته للشباب بضرورة التجربة والممارسة والمحاولة بكافة الطرق وطرق كافة الأبواب حتى يستطيعوا تنمية المهارة التي يمتلكونها وهناك مسارح في البلد يستطيعوا من خلالها التجربة. مشددًا على ضرورة وضع فلسطين دومًا أمام عينيك ولا تضل الطريق أبدًا.


وأشار أبو حسن إلى أن العروض المسرحية هي جزء من التعبير عن ذات الشخص وما يعانيه. فأن تستطيع الوقوف على المسرح والتعبير عن نفسك بصوت عالٍ هذا ليس شيئًا سهلاً ويكون له الأثر الكبير على الطلبة من خلال زيادة ثقته بنفسه وتخلصه من عوائق ماضية له. فالمسرح يصقل شخصية الإنسان أكثر ويجعله قادرًا بعد التخرج على مواجهة المجتمع بطريقة أكثر ديناميكة.


فرحة منقوصة
وحول شعورهم عقب الفوز أوضح أنه بالتأكيد هناك شعور بالفرح ولكن بذات الوقت لم يكن فرحًا حقيقيًا، فالعمل كان رسالة يحاولون إيصالها فالفن والمسرح ليس رفاهية وهذا شيء مفروض عليهم كفنانين لإعلاء صوت الإبادة والدم. وبالتالي فهذا ليس فوزًا بقدر ما هو فخر بالفكرة والقدرة على إيصال الرسالة التي أرادوا إيصالها منذ البداية وهذه الجوائز هي تحصيل حاصل، والجائزة الكبيرة هي قدرة الجمهور والطلبة ولجنة التحكيم على فهم الرسالة التي أرادوا إيصالها.
وأردف أنهم أرادوا إيصال الرسائل المسكوت عنها فالمسرح الفلسطيني لا يتواجد به الرفاهية الموجودة بها في مسارح العالم، فهو أداة من أدوات الوجود والمقاومة وذلك من خلال طرح الأفكار التي تود الحديث عنها وتعبئة الناس بالأفكار التي تساعد على بقائنا ووجودنا.


هذا وقت المسرح


وردًا على إمكانية وجود تعليقات حول أهمية وجود العروض في ظل الإبادة أكد أن هذا هو وقت المسرح ففي الحرب يلمع الفن لأنه عند النظر للتحولات الفنية بسيرورة التاريخ المسرحي كاملاً فكافة المدارس المسرحية والتغيرات والتوجهات المسرحية أتت نتيجة الحروب، متسائلاً عن المسرح الفلسطيني من هذه الإبادة وكيف ستصقل هذه الإبادة الفن الفلسطيني ومن المعيب أن يبقى الفن كما كان قبل الحرب.


وتابع بأنهم كسروا هوة الخليط الجغرافي التي تحاول إسرائيل وضعه بين المناطق فهذا العرض جمع بين الطلبة من الداخل وقلقيلية وسلفيت وهو من نابلس. حيث يحاول الاحتلال ترسيخ فكرة وجود الهوة، والاحتلال ليس موجودًا فقط من خلال احتلال المساحة والقتل والاعتقال والحواجز إنما الأخطر والذي من المفترض علينا مواجهته هو احتلال الأدمغة والفكر والوعي، فنحن نواجه ما يحاولون فرضه علينا من خلال الحواجز والإغلاقات. فالوصول للجامعات رغم كل هذه الإغلاقات هو الشيء الذي يجب علينا فعله وهو الشيء الطبيعي. مضيفًا أن الاحتلال يعمل على تهجيرنا من الأرض ولذلك علينا عمل العكس وكل شيء يريد فعله يجب علينا عمل عكسه. ومحاولته لتفسيخ الضفة يجب علينا التعزيز وسد الهوة والمسرح يعمل على تجميعنا.


العالم يحاول تخديرنا
الطالبة في الجامعة شنتيل رزق الله بينت أن عرض “تريت” فكرتهم كطلبة وهي من قامت بكتابته رفقة زملائها آية وجعفر. معبرة عن سعادتها الكبيرة بهذه التجربة. مشيرة إلى أن هذه مشاركتها الثانية في هذا المهرجان ولكن التجربة مختلفة مع مرور الأعوام، فهم يؤمنون كثيرًا بالفكرة التي قدموها، كما أن المجتمع بحاجة لرؤية هذه الفكرة.


وأضافت أن هذه التجربة جعلتها ترى العالم بطريقة مختلفة حيث يجب على كل إنسان التركيز على نفسه لأنه سيكتشف أنه مخدر، فالعالم يحاول تخديرنا حتى لا نشعر ولا نتكلم. مؤكدة أن عرضهم سلط الضوء على هذا الأمر مشيرة إلى أنها باتت ترى حتى نفسها مخدرة في أماكن معينة.


وردًا على وجودها كممثلة متمرسة زاد من حظوظهم بالفوز أوضحت أنها ليست ممثلة متمرسة بل هي طالبة مسرح أرادت تعلم المسرح من المسرح الجامعي وأرادت تنمية مهارتها. مشيرة إلى أن المسرح الجامعي جعلها تغير كامل مسيرتها المهنية وجعلها تريد تعلم المسرح فكانت تجربة مهمة بالنسبة لها بحياتها. مؤكدة أن المسرح جعلها تتعرف على نفسها بشكل أكبر وحقيقتها، فالمسرح يُعلمك التعامل مع مشاعرك وهذا قليل ما يفعله الناس.


ووجهت رزق الله رسالتها للطلبة بأن يفعلوا ما يحبون لأن الجامعة ليست فقط المكان الذي تتعلم به الشيء الأكاديمي ولكنها المكان التي تستطيع تطوير شخصيتك به ومن المهم عدم التركيز على الدراسة الأكاديمية فقط.


“تريت” واقع نعيشه
من جانبه وصف الطالب جعفر الأقرع تجربته في هذا العمل بالاستثنائية، حيث “تريت” يعكس الواقع الذي نعيشه وحالة الشعب وأهل البيت داخل البيوت، بحيث يعيش كافة الشعب على “التريت” وهو “أفعل شيىًا وستحصل على مقابله”، مؤكدًا أن ما طرحوه ليس شيئًا غريبًا وهو واقعنا الذي نعيشه.


ولفت إلى أن دوره في المسرحية جعله يفهم بشكل أكبر كيف يعيش الشعب الذي يعلم أنه يفعل شيئًا ليس جيدًا فهو يساير الظلم للحصول على مصلحته ويفعل أشياء سيئة حتى يستطيع العيش فقط. كما وساعده على فهم كيف يصل الناس لهذه المراحل بيده وهي غير مجبور على ذلك.


وعن شخصيته “سامي” بين أن شخصية سوسو موجودة في أي صالون فهو الشخص الذي يعمل كل ما يُطلَب منه دون تفكير وهذه شخصية رمزية تعبر عن واقعنا وشعبنا وداخل البيوت فيمكن النظر لكيف يتعامل الآباء والأمهات مع الأولاد والأشقاء الكبار مع اشقائهم الأصغر. مؤكدًا أنه هو اختار السكوت وعدم الحديث لأنه إذا وعى يحصل على التريت ليعود كما كان بلا أي تفكير وهو ما يعبر عن الواقع.


وأضاف الأقرع أن النشاطات اللامنهجية ضرورية للطلبة لأن الذهاب للجامعة ليس فقط للتعلم إنما يمكننا عمل الكثير من الأنشطة مثل “المسرح، الدبكة، والجوقة، والرياضة، وغيرها” من الأنشطة فهي أشياء مفيدة وتجعلنا نعيش حياة جامعية صحية ونجمع ذكريات جميلة تعلق في الأذهان.


المسرح وسيلة لإيصال رسائل يصعب الحديث عنها علنًا


من جانبها عبرت الطالبة آية سمارة عن شعورها بالسعادة عقب فوزهم، واصفة شعورها بالغريب فهم تعبوا كثيراً على العرض المسرحي الذي قدموه، فكانت الظروف صعبة في بعض المرات بين الدوام والأوضاع.


وحول شخصيتها “العروسة” بينت أنهم بسير العمل كتبوا خلفية تاريخية لكل شخصية فهم بأنفسهم قاموا ببناء الشخصيات وكتابة النصوص وكل شخص كان لديه تصور حول شخصيته وكيف ستكون بمختلف الأمور، ومع استمرار التدريب باتت الشخصيات

تتجسد بشكل أسهل، واستطاعت الدخول بدور العروس الذي أدته.
ولفتت سمارة إلى أنها كانت تتوقع الفوز ولكنها لم تكن تعلم أي مركز سيحصدون، حيث عملهم المسرحي يستحق وفكرته قوية. مؤكدة أن المنافسة كانت جميلة ولكنها لم تشعر كثيرًا بجو المنافسة فهم يحبون هذا الجو والمشاركة للشعور بالسعادة.


وشددت سمارة على أهمية دور المسرح والفن حيث هو طريقة للتعبير عن أنفسنا وما بداخلنا والأفكار والأمور التي تمر بها، فالمسرح طريقة نتحدث من خلالها عن الرسائل التي نود إيصالها ولا نستطيع بالحياة العادية الحديث عنها فالمسرح مساحة آمنة للتعبير عن أنفسنا.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني