محمد عبد الله
تشهد المناطق القريبة من جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية تصاعدًا لافتًا في أعداد الإصابات بين صفوف العمال الفلسطينيين، خلال محاولتهم التسلل إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل بحثًا عن لقمة العيش، في ظل استمرار منع عشرات الآلاف منهم من الحصول على تصاريح عمل.
قبل أسبوع، استشهد سليم راجي حسن الفار (57 عاماً) من بلدة الزبابدة في جنين، جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه بالضرب على رأسه في بلدة الرام شمال القدس المحتلة، خلال محاولته اجتياز جدار الفصل العنصري.
مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني برام الله، إبراهيم الغولة، يؤكد أن طواقم الإسعاف تتعامل يوميًا مع إصابات في صفوف العمال، بعضها بالرصاص الحي وأخرى نتيجة السقوط أو الكسور أثناء اجتياز الجدار.
يقول الغولة في حوار مع “بالغراف”، أن “هناك استهداف كبير للعمال خلال محاولة وصولهم إلى مناطق عملهم داخل الخط الأخضر، وهناك زيادة في عدد الإصابات التي نتعامل معها بشكل يومي، من بينها إطلاق الرصاص الحي على العامل عند اجتياز الجدار أو خلال محاولة اجتيازه”.
ويضيف أن طواقم الهلال الأحمر تتعامل مع الحالات التي تقع داخل الضفة الغربية، فيما يتم إبلاغهم أحيانًا عن إصابات داخل إسرائيل من قبل سلطات الاحتلال. كما أن بعض الإصابات ينقلها زملاء العمل إلى أقرب مركز طبي داخل الضفة، ومن هناك تستلمها طواقم الهلال الأحمر.
ويشير الغولة، إلى أن الإصابات تتنوع بين إطلاق نار مباشر، ورضوض، وكسور، والتواءات في العظام نتيجة السقوط من ارتفاعات كبيرة، مضيفًا: “الوضع معقد وصعب في تلك المناطق، ولا يخلو يوم من إصابتين إلى ثلاث في صفوف العمال أثناء محاولتهم اجتياز الجدار”.
اتحاد العمال: استهداف ممنهج وواقع اقتصادي قاسٍ
من جهته، يؤكد شاهر سعد، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، أن الظاهرة تشهد تفاقمًا واضحًا، خاصة بعد تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي أعلن عزمه إقامة سجن خاص لاحتجاز العمال الفلسطينيين الذين يتم ضبطهم داخل إسرائيل دون تصاريح.
ويقول سعد في حوار مع “بالغراف”، أن هذه السياسة جزء من استهداف وقمع منظم للعمال، في محاولة لتقليص أعداد من يحاولون الدخول إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، مشيرًا إلى أن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت خلال العامين الماضيين نحو 32 ألف عامل فلسطيني دخلوا بدون تصاريح.
“الوضع صعب جدًا، وهناك تشديدات كبيرة وغرامات بآلاف الشواقل تفرض على العمال، وقد وثقنا استشهاد 64 عاملًا منذ بداية الحرب، بينهم نحو 40 عاملًا منذ مطلع العام الجاري”، يقول سعد، مضيفًا أن عدد الإصابات خلال العامين يتجاوز ثلاثة آلاف إصابة مسجلة، “لكن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير”.
ويفسر سعد استمرار محاولات العمال باجتياز الجدار رغم المخاطر، بواقعهم الاقتصادي القاسي، قائلاً “من كان يعتمد على العمل في إسرائيل متعطل منذ عامين، ولا توجد بدائل حقيقية. والبرامج التي وُضعت لتشغيلهم لا تغطي أكثر من 3% من نسبة البطالة”.
ويشير إلى أن عدد العاطلين عن العمل في فلسطين بلغ نحو 550 ألف عامل، في حين أن أكثر من 200 ألف عامل كانوا يعملون سابقًا داخل إسرائيل، ولم يعد منهم سوى 28 ألفًا يعملون في المستوطنات، بينما لا يتراوح عدد من يحملون تصاريح عمل رسمية هذه الأيام بين 10 إلى 14 ألفًا فقط. أما من يعملون بدون تصاريح، فيُقدَّر عددهم هذه الأيام بنحو 40 ألف عامل.
ويختم سعد حديثه بالقول: “كل ما يُعلن عن وعود بعودة العمال لا يمكن التعويل عليه طالما لم يصدر قرار رسمي من الحكومة الإسرائيلية. لكننا نتوقع في حال استقرار الأوضاع الأمنية سماع أخبار جيدة الشهر القادم، لكن لا نريد الإفراط في التفاؤل”.