محمد أبو علان/ خاص بالغراف
موضوع الهجرة العكسية للإسرائيليين تشغل الرأي العام الإسرائيلي ووسائل الإعلام حتى قبل بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، حيث ارتبطت في البداية في موضوع رفض الإصلاحات القضائية التي بدأتها حكومة نتنياهو في يناير 2023، وتفاقمت القضية أكثر بعد حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والمستمرة منذ أكثر من عامين، وارتداداتها التي كانت في لبنان ومن اليمن، وقد يكون للمواجهة الإسرائيلية مع إيران بالتحديد دور إضافي في دفع إسرائيليون للهجرة.
في هذا الإطار كتبت الصحفي الإسرائيلي سامي بيرتس في الموقع الاقتصادي باللغة العبرية “ذا ماركر”: لمن الواقع سيء هنا؟، فقط 3% من المتدينين المتشددين يفكرون في الهجرة من البلاد مقابل 39% من العلمانيين، العلمانيون أصحاب الدخل والتعليم العالي، ومن تيار يسار الوسط يفكرون في ترك البلاد أكثر من المتدينين، وأكثر من أصحاب التعليم المتدني واليمينيين، العرب يشكلون النسبة الأكبر من حيث الرغبة في الهجرة، والأسباب لذلك، ارتفاع تكاليف الحياة، وغياب مستقبل أفضل للأولاد، والوضع الأمني وموضوع جودة الحكم والسلطة.
اليهود المتدينين في إسرائيل يواجهون ضغط كبير من بداية الحرب على غزة من أجل تجنيد أبنائهم للجيش، ويخوضون صراع قوي ضد هذا المطلب، لدرجة التهديد بالهجرة من البلاد، وهذا التهديد كان على لسان الحاخام الإسرائيلي الرسمي السابق يتسحاق يوسف.
ولكن في استطلاع للرأي العام تبين أن قلائل من المتدينين لديهم مثل هذه النية، استطلاع معهد الديمقراطية الإسرائيلي بيّن أن، 39% من العلمانيين يدرسون الهجرة من البلاد، مقابل 24% من التقليديين غير المتدينين، و19% من التقليدين المتدينين، 14% من المتدينين و3% فقط من المتدينين المتشددين، على صعيد القومية، 30% من العرب يفكرون بالهجرة من البلاد، مقابل 26% من اليهود، وفي فئة “يفكرون جديا في المغادرة”، 9% من العرب و6% من اليهود.
وتابع الصحفي الإسرائيلي سرد دوافع الحوار والنقاش حول الهجرة من إسرائيل: بداية النقاش حول الهجرة من إسرائيل بدأ مع بدء الحديث عن الانقلاب القضائي في يناير 2023، ولم يتم التعبير عن ذلك بالمشاعر، بل من خلال الاتجاهات الصلبة، والتي عبرت عنها بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي، ظهر في تلك البيانات، ما بين الأعوام 2023-2024 ترك إسرائيل (143) ألف إسرائيلي، ومنذ إقامة الحكومة الحالية تركوا إسرائيل (200) ألف إسرائيلي، عاد منهم (69) ألف إسرائيلي، لكن لم ينشر الجهاز المركزي للإحصاء معطيات عن هوية المهاجرين، أو عن نوايا إسرائيليين للهجرة ولكن لم يهاجروا بعد.
الشباب يهاجرون بمستويات أعلى:
الاستطلاع الذي أجري شمل عينه من (720) يهودي و(187) عربي، فحص النوايا المستقبلية للإسرائيليين للهجرة، والخصائص الديموغرافية، اعتبارات الرغبة في الهجرة وجوانب الدخل ومستوى التعليم، هناك أهمية خاصة لأولئك الذين لديهم دخل مرتفع وتعليم أعلى، 29% من ذوي التحصيل العلمي العالي يدرسون الهجرة، مقابل 22% من هم بدون تحصيل علمي، في الوسط العربي المؤشرات أكبر، 38% من أصحاب التحصيل العلمي يدرسون الهجرة، مقابل 22% من دون تحصيل علمي.
وعلى صعيد المهن، بين أصحاب مهن تكنولوجيا المعلومات والطب والمالية التوجه أكبر للهجرة، والرغبة في الهجرة أكثر بين الشباب وبشكل أكثر العلمانيين، وهذا يعني أن هذه الشريحة تشعر أكثر بحالة الاختناق منذ تأسيس هذه الحكومة، بسبب الليبرالية الأقل لهذه الحكومة، وبسبب العبء الكبير في الخدمة العسكرية خلال الحرب، بالتزامن مع السير قدماً بقانون إعفاء اليهود المتدينين من الخدمة، كما يظهر الاستطلاع غالبية في مصوتي اليسار يفكرون بالهجرة بنسبة 42% مقابل 19% من مصوتي اليمين.
الاعتبار الرئيسي تكاليف المعيشة:
في الوسط اليهودي الاعتبار الرئيسي للتفكير في الهجرة من البلاد هو ارتفاع تكاليف المعيشة، والاعتبارات الأخرى هي على النحو التالي، غياب مستقبل أفضل للأبناء، الحرب والحالة الأمنية، الوضع السياسي وموضوع جودة الحكم، وعدم المساواة في العبء الأمني، وفي أدنى الاعتبارات موجودة الاغتراب عن الثقافة الإسرائيلية، وفي الوسط العربي الأسباب متشابهة، ولكن على رأسها غياب مستقبل أفضل للأبناء، وارتفاع تكاليف المعيشة.
بين من لا يفكرون في مغادرة البلاد، وُجد أن الأسباب الرئيسية هي الرغبة في البقاء بالقرب من عائلاتهم وتربية أطفالهم كإسرائيليين، بالإضافة إلى الشعور بالأمان في إسرائيل. أما أقل الاعتبارات إزعاجًا لهم فهو صعوبة التكيف مع بلد آخر.
المؤشر المفاجئ هو الوجهة التي يريد الذهاب إليها من يدرسون مغادرة البلاد، الدول الأوروبية هي المفضلة سواء كان للعرب أو لليهود، وبنسبة ضعف من يفكرون بالمغادرة للولايات المتحدة وكندا، والسبب أن جزء كبير من الإسرائيليين يحملون جنسيات أوروبية مما يسهل عملية الانتقال والعيش في أوروبا.
وفي ذات السياق، قبل أسابيع تحدث تقرير لصحيفة هآرتس العبرية عن هجره إسرائيلية إلى دول حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث ذكر التقرير أن (15) ألف إسرائيلي انتقلوا للعيش في قبرص، و(10) آلاف إسرائيلي انتقلوا للعيش في اليونان، ناهيك عمن يتنقلون للعيش بين هذه الدول وإسرائيل.




