loading

صورٌ يجمعها الفوتوشوب: سنابل راعي وباسل الأسمر وحكم المؤبد

كتب علي عبيدات 

في الثاني عشر من شهر آذار الماضي، غيّرت سنابل الراعي صورتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، احتفاءً بعقد قرانها، كل شيءٍ يبدو عادياً، إلا أذا عرفت أن صورة العروسين تم تجميعها عبر برنامج الفوتوشوب، لأن العريس باسل أسمر يقضي حكماً بالسجن المؤبد.

لقاء في زيارة للسجنِ على عَجَل، خلق من العَدمِ أمل، اخترقَ صلابة القضبان، ليكون تواصل العيون البداية، رغماً عن السجن والسجان، لتكتمل الحكاية بعقد القران، ليولد الأمل ينمو ويكبر، ويبتسم وجه أسير مغبّر، ويحمل وجهها في كل مَخفر، يصيرها وتصيرهُ حبيبان ماتا من الوجد سنابِلَ وأسمر.

عشرون عاما قضاها باسل الأسمر (٤٦ عاما) من بلدة بيت ريما قضاء رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، حكمت محكمة الاحتلال عليه بالسجن المؤبد بعد اعتقاله على خلفية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلية الأسبق رحبعام زئيفي.

لم تكن أجواء الأسر والاعتقالات والزيارات غريبة على الراعي، فهي التي قضت جزءا كبيرا من سنوات عمرها الثلاثة والثلاثين تتابع أوضاع اشقائها الأربعة في سجون الاحتلال، وأبرزهم شقيقها شاهر المعتقل الإداري التي تعرفت من خلاله على خطيبها باسل.

وتقول: “التقيت بباسل خلال زيارة شقيقي شاهر في شهر تموز من العام الماضي، كان لقاءً سريعاً لكنه كان كافياً لنعجب ببعضنا البعض، فطلبني من شقيقي، وتواصلنا، وقررنا أن نكمل ما تبقى لنا في هذه الحياة معاً، نربي الأمَل”.


وأضافت: “خلال تواصلي مع باسل، لم تكن سنوات سجنه الطويلة الماضية، ولا حكم المؤبد بالحسبان، فقد تربيت في عائلةٍ تؤمن بأن باب السجن لن يغلق على أحد، وأني سأنتظره إلى أن يعود، وسأكون شريكة حياته مهما كانت هذه الحياة”.

طوال أشهر طويلة، ظلت عائلة باسل تحاول الحصول عبر الصليب الأحمر على توقيعه على وكالة لشقيقه نائل ليتم عقد القران، خطوة اكتملت في شهر شباط الماضي، ليعقد القران في آذار، في حفل علّت فيه أهازيج الفرح على مسافاتٍ وجدار وحكم بالسجن المؤبد.

وقالت الراعي: “أنا متربية على هذه الأجواء، كما أن اغتيال زئيفي كان حدثاً مؤثراً في حياتي، كما أني كفلسطينية أؤمن أن الأسرى الذين ضحوا بسنوات عمرهم في السجون يستحقون من يقف إلى جانبهم ويعزز صمودهم ونضالهم”.

وشددت على حق الأسير كأي إنسان عادي أن يكون أسرة، وألا تكون جدران السجون وقرارات الاحتلال عائقاً أمام تحرره وأن يعيش حياة عادية، “فأنا قررت أن أكون شريكة حياته سواء تحرر أو بقي في السجن إلا أن أمل تحرره قائم ويكبر كل يوم”.

وتأمل الراعي أن تكتمل الإجراءات لتتمكن من زيارة خطيبها في وقت قريب، وحلمها أن تتحقق هذه الزيارة في العيد القادم، يكون عيدها عيدين.

من ناحيته، يقول الأسير الأسمر في إحدى رسائله: نحن هنا في قعر القهر والحرمان والتنكيل قابضون على أحلامنا بالحرية مستمرين بحياتنا الإنسانية كما الوطنية، من حقنا أن نعشق الزعتر، وأن نتوق إلى عناق سنابل البيدر، فلا تستكثروا علينا الحلم والأمل”.

ويضيف صار لدي زوجة، صار لدي عائلة، صار لدي حلم بأن أخرج وأملا يكبر كل يوم، بأن لا تطول سنوات السجن، وأخرج لأعوض سنابل عن انتظارها ونبني بيتاً يأوينا ككل البشر، وننجب أطفالاً، فهذه نتيجة حتمية لن تمنعها جدران السجون.

فصلٌ من فصول ملحمة حُبٍ على الطريقة الفلسطينية، كتبها عبد اللطيف عقل قبل سنوات، تتكرر في كل بيتٍ فلسطيني، تخترق تارةً جدارً فاصِل، وتزور سيدةً قتلوا زوجها، وأخرى اعتقلوا أولادها وظلت تقاتِل، لتقول إن حبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة