loading
المربعانية

المربعانية.. في الموروث الشعبي الفلسطيني

هيئة التحرير

“المربعانية” أول شيء يتبادر لذهنك عند سماع هذه الكلمة، هو البرد القارس والمطر الغزير، اسم ارتبط بالكثير من الأمثال الشعبية التي قيلت فيه والتي توارثتها الأجيال جيل بعد آخر إلى يومنا هذا، فما الذي قِيل عن المربعانية في الموروث الشعبي، وبماذا تمتاز؟!

يقول مدير الأرصاد الجوية يوسف أبو أسعد في حديث “لبالغراف” إن المربعانية تبدأ في الثاني والعشرين من شهر كانون الأول ” ديسمبر”  وتنتهي في الأول من شباط  “فبراير”.

وأكد أن المربعانية تمتاز بالبرد الشديد وانخفاض في درجات الحرارة وتعاقب في المنخفضات الجوية الكثيرة على البلاد، وزيادة سرعة الرياح في المنخفضات الجوية، وتكون درجات الحرارة متدنية تقترب من الصفر في بعض الأحيان، مضيفاً إلى إمكانية تساقط الثلوج في هذه المنخفضات في المربعانية.

وأضاف أنه لا يمكن توقع الحالة الجوية لمدة أربعين يوماً، إنما يتم تحليل كل منخفض جوي قادم على حدى، حيث يتم تحليله من كافة النواحي من درجة حرارة ورطوبة وإن كان يحمل ثلوج أم لا، ويتم تزويد المواطنين بالمنخفضات الجوية لأخذ الحيطة والحذر.

المربعانية في الموروث الشعبي

يقول الحكواتي حمزة العقرباوي في حديث ل” بالغراف” إن المربعانية سميت بهذا الاسم لامتدادها لأربعين يومًا، حيث تبدأ في الثاني والعشرين من شهر كانون الأول “ديسمبر” وتنتهي بنهاية شهر كانون الثاني “يناير” القادم، مضيفاً أنها عبارة عن أربعين يوماً من البرد الشديد المتواصل وتنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي ” الإكليل، القلب، والشولة”، حيث تكون بالعادة ذات برد شديد ومطر غزير، مشيراً إلى أنه بعد خرم طبقة الأوزون أضحى هناك تغير في المناخ، وأصبح هناك بعض التغير، ولكن الشتاء والذي يمتد لتسعين يوماً ينقسم إلى قسمين، حيث “المربعانية” والسعود الخمس”.

وأوضح أن المربعانية في بدايتها تكون شديدة البرودة ولذلك لا يكون بها زراعة، حيث في الاعتقاد الشعبي يقولون حولها أنها “إما شمس تحرق أو برد يَغرِق”، أي كما تبدأ تنتهي، إن بدأت بالبرد والمطر فإنها تنتهي هكذا وإن بدأت بالدفئ والشمس فيكون المطر بها خفيف ومقبول وغير متعب.

وتابع أنه في روزنامة الفلاح فإن المربعانية بأيامها الأربعين يحدد بها الفلاح ماذا يزرع ومتى، ففي بدايتها يزرع القمح، ومن ثم يتم التوقف عن الزراعة في أسبوعها الأول، ومن ثم يتم زراعة الزيتون وبعض الأشجار الأخرى التي تحتمل البرد، ومن ثم يتم العودة لزراعة القمح مرة أخرى، لأنه يكون مناسب بعد انقضاء الأسبوع الأول من المربعانية، والذي يكون مناسباً أيضاً لزراعة المحصول الشتوي.

أما عن المربعانية في الموروث الشعبي فيقول العقرباوي أنه هناك الكثير عنها فقيل ” إذا ما عجبكم حالي بوديلكم السعود أخوالي” وأيضاً ” وما سكعة إلا سكعة المربعانية” ” وعينك ومطر المربعانية”، ” وأسكع الليالي ليالي كانون، وما عتمة إلا عتمة كانون”، مضيفاً أن الزيتون الذي نفتخر بجودته يقال عنه” مسقي من ماء كانون” أي أن مطر المربعانية مهم لفكرة زراعة الزيتون وريه، فالذي يفتخر بجودة زيته يفتخر بأنه روي بماء كانون الأول والثاني.

وأشار عقرباوي إلى أنها مرتبطة أيضاً بلمة العائلة والدفىء ومنقل النار، وذلك قبل مجيء التكنولوجيا فكانت مرتبطة بلمة العائلة حول منقل النار والأحاديث، حيث يقول المثل ” كن في بيتك وكثّر من حطبك وزيتك”، فلا يخرج الأهالي من منازلهم، وتتوقف الأعراس حيث قيل في المثل أيضاً” عرس المجانين في الكوانين”، مضيفاً أن العائلة كانت تتجمع حول كانون النار، وكان يكون لديهم المونة التي قاموا بتخزينها في الصيف والخريف، فكانوا يأكلون مما خزنوه ويستمتعون بأجواء المربعانية.

وحول أكلات المربعانية فقال إن العدس والمفتول تحديداً من أكلات هذه الفترة، فعندما يكون الجو بارداً وماطرًا يكون يوم المفتول، فهو الأكل الحامي إضافة إلى “العدس، والبشيشة، والدبس، والقطين، والمربى”، فهذه أكلات شتوية يقوم الأهالي بتخزينها .

ولفت عقرباوي إلى أنه في القِدم لم تكن حياة الأهالي مثالية في المربعانية، فكانت البيوت تُبنى من الطين وكانت الشوارع أيضاً من الطين، فالمربعانية ببردها ومطرها فهي “ضيق وإن كانت فرج”، حيث كان بها أيام شديدة وقاسية وإن كان المطر فرج ورحمة على الناس، حيث كانت برد شديد والبيوت تنقط مياه على ساكنيها والطرقات تصبح وحلاً فيصبح التنقل صعبًا، فكانت الحياة شاقة على الأهالي، ولكن اليوم مع التقدم أصبح هناك وسائل متعددة للدفئ فأصبح الناس لا يعانون من البرد كثيراً، خاصة ذلك البرد الذي كان يسبب لهم المعاناة الكبيرة في القِدَم.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة