حلا خلايلة
“كل أم بتكون تنتظر عرس ابنها وتشوف بيته، إلا أنا كل يوم بزور قبره المفتوح وبتمنى أشوفه مليان وجثمانه موجود”.
أزهار أبو سرور، والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور الذي ارتقى في العشرين من نيسان لعام ٢٠١٦، تنتظر منذ ذلك الوقت أن تعانق ابنها للمرة الأخيرة وأن تصدق أنه فارق الحياة ولم يعد موجوداً، تحلم أن يطلق سراح جثمان ابنها من صقيع الثلاجات، أزهار هي أم واحدة بين ٣٨٢ عائلة تنتظر أن تسترد جثامين أبنائهن ما بين مقابر الأرقام وثلاجات الاحتلال.
صاحب الابتسامة
الشهيد عبد الحميد أبو سرور (١٩ عاماً) من مخيم عايدة في بيت لحم، نفذ عملية تفجير لحافلة “اسرائيلية” في مدينة القدس، في الثامن عشر من نيسان لعام ٢٠١٦ وأصيب بجراح خطيرة وأعلن عن استشهاده في عشرين نيسان لعام ٢٠١٦ بعد يومين من تنفيذه العملية.
كان الشهيد صاحب ابتسامة دائمة والتي اعتبرتها العائلة مصدرا للفرح، وعلاج الروح كانت تمطرهم حناناً وحباً، كانت العائلة تعتبر الشهيد مصدر الأمل الذي يحميهم، فلم يعد ترنيمة حياتهم موجوداً ولم يبق لهم إلا حلم واحد برؤية هذه الضحكة، وحضن هذا الجسد للمرة الأخيرة.
الشهيد عبد الحميد أبو سرور، كانوا يلقبونه في المخيم “فريد”، وخلال المواجهات ينادونه من أجل أن يكون حاضراً، أبو سرور كما يسمونه الابن البار والمحب للحيوانات، الصديق الصدوق الذي لم يعد سوى اسماً وأملاً بلقاء جسده للحظة الأخيرة.
الاحتجاز المؤلم..
وحول احتجاز جثمانه تقول والدته أزهار أبو سرور في حديث ل”بالغراف” :” منذ ذلك الحين والاحتلال يحتجز جثمانه، وهو أقدم شهيد محتجز جثمانه منذ عودة الاحتلال لسياسة احتجاز جثامين الشهداء بعد عام ٢٠١٥”.
وتكمل أبو سرور، رغم أنه جاء قرار أول من المحكمة للإفراج عن جثمان الشهيد عبد الحميد مع ستة شهداء، إلا أن الاحتلال تحفظ على جثمانه ولم يفرج عنه ورفض تسليمه، وتؤكد أن الاحتلال احتفظ بجثمان عبد الحميد لمدة عام وشهر في الثلاجات، وقام الاحتلال بنقله إلى مقابر الأرقام مع ثلاثة شهداء، ولم تعلم أبو سرور بالأمر إلا بعد أربعة أشهر من تنفيذهم الدفن وبالصدفة عن طريق المحكمة، حصلت فيما بعد على قرار الدفن لتعلم أن ابنها دفن في مقابر الأرقام في الثامن من أيار لعام ٢٠١٧.
الأم الصامدة التي تظهر في كل مسيرة وحملة، المتشبثة بالأمل تنتظر على أحر من الجمر اللحظة التي سيخبرونها أنها ستدفن جثمان ابنها وأن القبر سيغلق وأنها لن تزور خيال وفراغ بل ستزور جثمان ابنها في قبره.
وتؤكد أبو سرور أن الاحتجاز شيء مؤلم لأنهم يشعرون بأن هذا حق لأبنائهم عليهم وعلى الوطن، بأن يدفنوا بكرامة وأن لا يكونوا مجرد رقم في مكان نائي ومحمية عسكرية لا يمكن لأحد الوصول إليها ولا يمكن زيارة القبر، وتبين أن هناك سبب رئيسي أيضاً وهو اللايقين أن الاحتلال حينما يحتجز جثامين الشهداء فإنه لا يسمح لأهاليهم أن يروا الجثامين ولا حتى معرفة أية معلومات عنهم.
بعد أعوام استطاعت أبو سرور الحصول على الملف الطبي الخاص بابنها من معهد أبو كبير ولكنه لا يوضح شيء ولا يعطيهم المعلومات الكافية، وطالبت العائلة نتائج تحليل الحمض النووي وزيارة القبر ومعرفة أي طرف خيط، ولكن الاحتلال لا زال يماطل، فعلى الرغم من تقديمها طلب لزيارة القبر إلا أن الاحتلال رفض للمرة الأولى، ولا زالت والدته تنتظر الرد بعد تقديمها طلب للمرة الثانية للنيابة من أجل زيارة القبر.
“هو شعور صعب بأنك لا تستطيع أم تلقي نظرة الوداع على ابنك وأن تقومي بواجبك تجاهه وأن يدفن بكرامة، وننتظر كل يوم أن نسمع خبراً جديداً، وأن نستطيع أن نصل لجثمان عبد الحميد وباقي الشهداء المحتجزة جثامينهم، لأنه حق وواجب، ولن نتوقف عن المطالبة بجثامين أبنائنا إلا إذا توقفت أنفاسنا” هذا ما قالته والدة الشهيد أبو سرور والحزن يملأ عينيها.
الأمنية الصعبة..
تروي أبو سرور بأن لها أمنية واحدة وهي صعبة، بأن تدفن ابنها وهذه أمنية صعبة لا يمكن أن تجدوها في أي مكان في العالم إلا في فلسطين، نتيجة هذه السياسة والجريمة التي يرتكبها الاحتلال ولكن هناك أمنيات من الممكن أن تتحقق لو بالفعل كان هناك مجهود يبذل بحجم هذا الملف، وتعتبر والدته أن هناك تقصير في متابعة هذا الملف على كافة الأصعدة.