هيئة التحرير
انضمت إيطاليا وأستراليا لقائمة دول أعلنت تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وذلك غداة مزاعم تحدثت عنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمشاركة بعض موظفي الهيئة التابعة للأمم المتحدة في عملية طوفان الأقصى في الـ7 من أكتوبر الماضي.
وبذلك تلتحق إيطاليا وأستراليا في هذا القرار الجائر والمتساوق مع رواية الاحتلال الزائفة، بكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وفنلندا.
يرى مراقبون أن معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة تزداد بشكل مأساوي غير مسبوق، إذ يتكدس نحو مليوني لاجئ فلسطيني في أماكن اللجوء وفي الخيام وفي الشوارع والأرصفة في كل أرجاء قطاع غزة، خاصة في مدينة رفح التي أجبر الاحتلال الغزيين على اللجوء إليها دون توفر أدنى مقومات الحياة لهم، إذ يواجه هؤلاء بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى أوضاعاً غير مسبوقة صعبة الوصف خاصة في ظل الأجواء الباردة، فالتقارير والصور التي تصل من هناك تشكل وصمة عار على جبين هذا العالم المتواطئ مع الاحتلال، وعلى جبين الدول العربية والإسلامية التي تصمت عن كل هذا الإجرام عاجزة عن إدخال المساعدات الإنسانية.
الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، قال في تصريحات صحفية إن تعليق هذه الدول دعمها للوكالة، يُعد محاولة إسرائيلية جديدة لوقف عمل “الأونروا” ضمن محاولات متجددة منذ سنوات لم يكتب لها النجاح، معرباً عن اعتقاده أن هذه المحاولة أيضا لن تنجح في إيقاف عمل الوكالة الأممية.
وأشار إلى أن قرار إنهاء عمل الأونروا ليس بيد الولايات المتحدة أو غيرها، وإنما بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات خليل شاهين، قال إن “إسرائيل” ومن خلال هذا القرار تسعى إلى تصفية قضية اللاجئين ما يعني تصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي هذا الموضوع سياسي، والذي على ما يبدو أنه المحرك الرئيسي للولايات المتحدة ومن تبعها من دول في عملية من الواضح أنه منسق لها مسبقاً، بمعنى أنه لا يمكن لهذه الدول بهذا التوقيت المتزامن أن تعلن تباعاً وقف الدعم دون أن يكون هناك تنسيق مسبق مع “إسرائيل” بشكل أساسي وبضغط من واشنطن.
وأضاف أن مساهمة هذه الدول تبلغ نحو نصف موازنة الأونروا البالغة 1.2 مليار دولار، وتزداد سنوياً بحكم الزيادة السكانية للاجئين في المخيمات في مناطق العمليات الخمس للوكالة، إضافة إلى التبعات الناجمة عن استمرار الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة.
وأكد شاهين أنه لا يمكن معاقبة وكالة الغوث ومعاقبة 5.5 مليون فلسطيني مسجلين لدى الوكالة، انطلاقاً من مزاعم إسرائيلية بأن هناك 12 شخصاً يعلمون في الوكالة شاركوا في أحداث الـ7 من أكتوبر، في حين ان عشرات الإسرائيليين يرتكبون يومياً جرائم بحق الفلسطينيين، وأن هناك مستوطنين حتى حكومتهم تصفهم بأنهم إرهابيون، تغض هذه الدول النظر عنهم، وتمتنع أوروبا عن ممارسة أي ضغط عليهم.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، اعتبر تعليق العديد من الدول تمويلها للوكالة أمرا “صادما” و”تهدد العمل الإنساني الجاري حاليا في المنطقة خاصة في غزة”، داعيا هذه الدول إلى العدول عن قراراتها.
من جهته، قال وكيل الأمين العام الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إن سكان غزة يعانون من أهوال وحرمان لا يمكن تصوره، والوقت غير مناسب لخذلانهم.
بدورها، قالت حركة “حماس” -في بيان- إنها تدين بشدّة حملة التحريض الإسرائيلية ضد المؤسسات الأممية، التي تسهم في “إغاثة شعبنا الذي يتعرض لإبادة جماعية”.
وأضافت أن آخر حملة التحريض “الاتهام الأجوف لمنظمة الصحة العالمية، بما سمّوه التواطؤ مع حركة حماس، بإعادة الادعاء الكاذب بشأن استخدام الحركة للمستشفيات في أعمال عسكرية”.
وأضافت أن التحريض على وكالة الأونروا يأتي “بهدف قطع التمويل عنها، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في خدمات تلك الوكالات الدولية”.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، طالب الدول التي أعلنت عن وقف دعمها لـ “الأونروا” بالعودة فورا عن قرارها، الذي ينطوي على مخاطر كبيرة سياسية وإغاثية.
وأضاف، “في هذا الوقت بالذات وفي ظل العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني، نحن أحوج ما نكون إلى دعم هذه المنظمة الدولية، وليس وقف الدعم والمساعدة عنها”.
وقد نفت منظمة الصحة العالمية،الاتهامات التي وجّهتها إسرائيل لها “بالتواطؤ” مع حماس خلال العدوان على قطاع غزة.
يذكر أن تقريرا إسرائيليا قال، في نهاية ديسمبر الماضي، إن هناك “محاولات من الحكومة في إسرائيل، لإخراج وكالة الأونروا من قطاع غزة”، في أعقاب الحرب الدائرة حاليا.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية، أن تقرير وزارة الخارجية “شديد السرية”، يشمل توصيات بأن تحدث تلك الخطوة على 3 مراحل، “الأولى تكمن في الكشف في تقرير شامل عن تعاون مزعوم بين الأونروا وحركة حماس”.
وأشار تقرير القناة الإسرائيلية، إلى أن المرحلة الثانية “قد تشمل تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة”.
أما المرحلة الثالثة فستكون عبارة عن “عملية نقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب”.