loading

   حجارةٌ بيئية ..بيد كرَميّة

تسنيم دراويش

   لم تستطع روان رجب ابنة قرية كفر اللّبد قضاء طولكرم تجاوز ألم أخيها الصّغير، ومُعاناته الشّديدة جرّاء العمليةِ الجراحية التي أُجريَت له لاستخراج قطعة زجاج من قدمه، لكنّها لم تلعنِ الظلام أبدًا بل مدّت يدها الكرميّة الكريمة لتضيءَ ألف شمعة وتنثر الجمال في الدّروب.

 بدأت رجب بجَمع الزجاجِ المكسور حتى لا  يتعرّض أحدٌ للأذى الذي تعرض له أخاها الصغير، بل عملت بمهارة على تحويلِ سبب الجرح والألم إلى تُحفةٍ تُهدى للأحبة وتزيّن بها الأماكن، حتى رأى مشروعُها “الحجرِ الأزرق” النّور.

تشعر رجب بالامتنان لكونها ابنة قرية فهي الملهم الأول لها، ما جعلها أقرب للطبيعة وأكثر وعياً لما تعانيه من مشاكلِ في انتشار المخلفاتِ خاصة الزجاج، ما جعلها تلجأ للتفكير  بطريقة تسعى لتخفيف الأذى الناتج عنه حتى خرجت بفكرة مشروعها وفق ما تقوله في حديث ل” بالغراف”.

عملت رجب على دمجَ شغفها بالبيئةِ مع دراستها للفنونِ التطبيقية للخروج بمشروع ريادي، ّمدرّ للدّخل من خلالِ تحويلِ المخلفاتِ الزجاجيةِ لحجارةِ زينة صديقة للبيئة، فعملت على إنتاج حجارةٍ داخليةٍ للديكور بأشكال وأحجامَ مختلفة تضاهي الجودةَ الموجودة بالسوق بسعر مناسب، إضافة لصناعةِ التُحفِ والتوزيعات للمناسبات المختلفة و القواوير الزراعية وحافظات الشموعِ الصديقةِ للبيئة.

وعن اختيارها للون الأزرق لمشروعها تقول إن اللون الأزرق يدل على “الريادةِ، والإبداع، والابتكارِ، واللاحدود” مثل السماء، مشيرة إلى أن مشروعها هو ابتكارٌ فلسطينيٌ تطمح به أن يصِلَ لكافة أنحاء العالم، مؤكدةً بأن الزبونَ باقتنائه حجارتَها لا يشتري مجرد منتج، إنما يصنع فارقاً بالكوكب.

لم تكتفِ روان بكمياتِ الزجاج البسيطةِ التي تجمعها مع عائلتها، بل قامت بتوزيع ١٠ حاويات لجمع الزجاجِ في منطقةِ كفر اللبد، استطاعت من خلالها تجميع ١٥ طن من الزجاج لتوسيعِ المشروع، لكنّ الحربَ غيرت كل خططها وتضررَ مشروعها بسبب الوضع الاقتصاديّ السيء، بحيث قلّ البيع  بالإضافةِ إلى مشاعرِ العجز والإحباط، مبينة أنه وسط الظروف الحالية لا تجد رغبةً بالنشرِ والعملِ، ولكنها ما تزال تحاول انطلاقاً من إيمانها بأن الألمَ يصاحبهُ دائماً أمل.   

وبالرغم من اتجاه رجب نحو عمل أبعد ما يكون عن أعمال الإناث على حدّ تعبيرها، إلا أنها تلقت ردودَ فعل ايجابية وداعمة من العائلةِ والمجتمعِ المحلّي والأصدقاء، بالإضافة لبعض مشاهيرِ السوشيال ميديا الذين تبنّوا فكرةَ مشروعها ، وبعض أصحابِ المحالّ التجارية الذين قاموا بعرضِ مُنتجاتها في مناطقَ مختلفة من الضفة الغربية، ما أعطاها حافزاً قوياً للاستمرار بالإنتاج.

وتقدم رجب ورشات تفاعلية مختلفة للأطفال نابعاً من إيمانها أنهم  أساس التغيير، وذلك لتوعيتهم بأهميةِ التخلصِ السليم من النفايات وخاصةً “الزجاج”، لما له من أثر سلبيّ على الحيوات المختلفة، حيث يجمع  الأطفال بقايا الزجاجِ ثم يقوموا بالتعاون معها بصنع قطع مليئة بالحياة.

شاركت روان في الكثير من المسابقات من خلال مشروعها، واستطاعت إقناع الممولين بتمويلِ مشروعها لتطويره، كما وعملت على التشبيكَ مع عدةِ مؤسساتٍ لخدمةِ المجتمع والبيئة، ولم تقف عند هذا الحد بل قامت بإنشاء شبكة “الأصوات الخضراء”، التي تشكلُ تجمعًا للشبابِ العربيّ المهتم  للقيادة بمواضيع البيئة وتغير المناخ .

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة