ترجمة محمد أبو علان – خاص بالغراف
كتب ناحوم بارنيع في يديعوت أحرنوت: ما يجري في الضفة الغربية لا يبقى في الضفة الغربية، قبل أسابيع معدودات التقيت مع أحد قادة المستوطنين، سألته، ما هو التقدير الذي يعطيه لسموتريش وبن جفير في موضوع الاستيطان كون الاستيطان مشروعهم وحصنهم الرئيسي، قال:” بن جفير أنا محبط منه، هو فقط يتكلم”، ” سموتريش أنا راضٍ منه”.
الثناء على سموتريش كان في محله، خلال 20 شهراً من حياة هذه الحكومة، سموتريش حقق إنقلاب في حياة المستوطنين والفلسطينيين في الضفة الغربية، العناوين الرئيسة في وسائل الإعلام مضللة، تذكر الضفة الغربية إما على خلفية “الإرهاب” الفلسطيني أو الإرهاب اليهودي، أو عن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، ولكن التغيير الحقيقي والتاريخي يتم في مكتب مُكيّف يعمل من تحت الرادار لتحويل الواقع في الضفة الغربية لنقطة اللاعودة.
حسب القانون، الجيش الإسرائيلي هو صاحب السلطة في الضفة الغربية، إلا أن الحياة الحقيقية والسيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية سلمت لطائفة سياسية مغلقة، متطرفة، تعمل وفق خطة بغض النظر إن كان رئيس الحكومة الإسرائيلية يدعم أو لا يعيق.
وتابع ناحوم بارنيع عن سياسة سموتريش في الضفة الغربية: سموتريش سيطر على الضفة الغربية بما يمكن تسميته “حركة الملقط”، من جهة صلاحياته كوزير مالية، ومن الجهة الأخرى صلاحياته كوزير في وزارة الحرب الإسرائيلية، الهدف الذي حدده في خطته منذ العام 2017 لم يتغير، هدم السلطة الفلسطينية، ومنع قيام دولة فلسطينية، ووضع (7) مليون فلسطيني يعيشون بين النهر والبحر أمام خيارات، إما الموت في الحرب، أو الهجرة للخارج، أو البقاء للأبد كمواطن من الدرجة الثانية.
المهمة الفورية له هي اسقاط الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من المناطق الموجودة تحت السيطرة الإسرائيلية، وإيصال الواقع على الأرض لمرحلة تمنع أي تقسيم جغرافي حتى في حال التوصل لاتفاق، كوزير مالية يمنع ويصادر أموال الضرائب الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل للسلطة الفلسطينية مقابلة عمولة محترمة، وهي الأموال التي تمكن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب (140) ألف موظف، بما فيهم عناصر الأجهزة الأمنية التي تحارب الإرهاب، وبسبب الضائقة الاقتصادية السلطة الفلسطينية تدفع 50% من الرواتب.
القانونيون في طائفة سموتريش وجدوا طريقة إضافية من أجل إفقار السلطة الفلسطينية، البند “ب “من قانون تعويض ما يسمون في القانون “العائلات المتضررة من الإرهاب”، والذي تمت المصادقة عليه على عجل في شهر حزيران الماضي، وكان أعد من قبل وزير القضاء ياريف لفين ورئيس لجنة التشريع سمحا روتمان، مما جاء في نص القانون:” جريح من عملية إرهابية، حددت له نسبة عجز دائمة، يكون للمصاب حق في تعويض قيمته (5) مليون شيكل”، وهي على مسؤولية طرف واحد السلطة الفلسطينية التي تقدم الدعم المالي “للإرهابيين” من أبناء شعبها، واليوم تقتطع إسرائيل وبقرار فردي منها قيمة رواتب الأسرى وعائلات الشهداء، ولو افترضنا أن هذا قانوني، القانون الجديد يجبي الأموال مرتين.
مصدر آخر يشكل دخل للسلطة الفلسطينية وللفلسطينيين بشكل عام هو العمل في إسرائيل، ومنذ السابع من أكتوبر منعت إسرائيل دخول العمال الفلسطينيين، جهاز الشاباك الذي تخوف من أن تؤدي الضائقة الاقتصادية لتدهور أمني، وضع خطة لإدخال العمال بشكل مُراقب لمواقع العمل الدائمة، والجيش الإسرائيلي دعم الخطة، بعد ضغوطات من سموتريش وجماعته ألغيت الخطة بشكل نهائي، لم يتبقى للفلسطينيين إلا الاعتماد على المساعدات الخارجية، ومن خلال ذلك “أموال الإرهاب” الإيرانية لحماس والجهاد الإسلامي.
الذراع الثانية تدار من الطابق 15 في وزارة الحرب الإسرائيلية في تل أبيب، طابق فوق مكتب وزير الحرب، هناك أقام سموتريش إمبراطورتيه الخاصة، الشخص التنفيذي فيها هو هليل روت، في السابق كان مستوطن في مستوطنة يتسهار، واليوم في مستوطنة رففاه، وهو تعين شخصي وسياسي من قبل سموتريش، ومسماه الرسمي خادع، مساعد رئيس الإدارة المدنية لشؤون السكان، من الناحية العملية هو حاكم الضفة الغربية.
وتابع بارنيع نقل الصورة التي كرسها سموتريش في الضفة الغربية، البرفسور دان ترنر من مستوطنة كفار أدوميم الواقعة على طريق القدس أريحا وهي مستوطنة قديمة ومتنوعة سياسياً، هو وسكان آخرين قاتلوا لسنوات من أجل جيرانه، عرب الجهالين في منطقة الخان الأحمر، وكان قد أخذني لزيارة إلى هناك قال بارنيع.
قبل عشرة أيام كتب لي ترنر رسالة طويلة، وسمح لي بنشرها، وجاء في رسالة ترنر : “بالنسبة للبؤرة الاستيطانية التي أقيمت على بعد 300 متر من الخان الأحمر، جاءت من أجل التضيق على السكان الفقراء، وإغلاق مراعيهم من أجل خنقهم اقتصادياً، يجب التوقف قليلاً والنظر في الخطوات التي تمت في السنة الأخيرة في الضفة الغربية، الحكومة منحت سموتريش الصلاحيات التي تسمح له عمل انقلاب في الضفة الغربية، الضم الفعلي للضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين من المنطقة المصنفة “ج”، ويحسب لسموتريش إنه يقول ذلك علناً.
“ماذا يعني هذا الكلام، كل صلاحيات رئيس الإدارة المدنية منحت لهليل روت، وهو نفسه تابع لقسم الاستيطان وهو قسم سياسي في مكتب سموتريش في وزارة الحرب، هذا يعني أن الإدارة المدنية غير موجودة، وكل ما يتعلق بالسكان من بناء وخدمات مدنية وإنفاذ القانون والمياه والآثار من صلاحياته، حتى منسق الحكومة في المناطق بالكاد عرف عن بعض القضايا.
تعين رؤوساء الدوائر في الإدارة المدنية يفترض أن يكون مهنياً، ولكن يتم التعيين من قبل شخصيات الحزب، وعلى هذا الأساس تم تعين رئيس مكتب التخطيط في الإدارة المدنية، وهو أعلى سلطة في شؤون التخطيط في الضفة الغربية، وهو مستوطن من مستوطنة رففاه، وكان مهندس “مجلس إقليمي السامرة/شمال الضفة الغربية”، والاستشارات القانونية انتقلت لأيدي مدنية، وتم تعين 20 محامياً من قبل سموتريش، مهمتهم الرئيسة تنفيذ سياسية الضم الفعلي وتهويد الضفة الغربية، وتسريع الإجراءات من أجل تحقيق التنمية لليهود فقط.
” لم يعد حراس للبوابة، لا يوجد مستوى مهني، ولا يوجد جيش، كل شيء يدار عن طريق كيانات مدنية مسيسة، تجنيس الخدمات (تحويلها للقطاع المدني) كانت خطة سموتريش ورجالاته لكي يتحرروا من سلطة الجيش، وتنفيذ سياسية الضم الفعلي، في العام والنصف الأخير صفر تخطيط ل (300) ألف فلسطيني يعيشون في مناطق “ج”، وصفر تراخيص بناء، في المقابل تنفذ عمليات هدم، بما فيها آبار مياه ومدارس، الهدم يتم بسرعة وبشكل انتقائي.
“التوجه عكس ذلك في الاستيطان اليهودي، أربعة أضعاف الإعلان عن أراضي دولة، أربعة أضعاف تراخيص يناء، إقامة عشرات البؤر الاستيطانية بدون ترخيص، يوجد أكثر من مائة مزرعة استيطانية في قلب مواقع الرعي للرعاة الفلسطينيين، البناء غير المرخص عند المستوطنين لا يلاحق قانونياً، وبتشجيع من الوزير المسؤول، في الإدارة المدنية يوجد قرارات منع صارمة تمنع التعرض للمخالفين في قضايا البناء من المستوطنين، يهدمون في حالات نادرة، وعندما تشكل خطر أمني عاجل.
“الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية تتعامل وفق رؤية بن جفير، ممنوع عليها وقف ومحاربة الإرهاب اليهودي، من يعتقل يفرج عنه، ولا يتردد الوزير في التدخل، وفي توجيه ضباط الشرطة، تجنيس الخدمات تحت سيطرت حزب مع حقوق لليهود فقط، أتساءل إن كانت هذه هي اليهودية؟، وهل هذه هي الصهيونية؟، الشيء المؤكد، هذا لا يساعدنا في المحكمة الدولية في لاهاي”.
وتابع الصحفي بارنيع الحديث عن ارتدادات سياسة سموتريش، وكتب في هذا السياق: جهات أمنية إسرائيلية عبرت عن قلقها من أن تؤدي هذه السياسية لتدهور في الأوضاع الأمنية، والقضية الأخرى الحكم الصارم الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي، لا يشغل بال القضاة هناك من سيحقق في فشل السابع من أكتوبر، ولكن ما يهمهم هو الابرتهايد وسياسة الضم في الضفة الغربية، وهذه أسباب كافية لإصدار أوامر اعتقال بحق وزراء في الحكومة الإسرائيلية الحالية، وحتى على رئيس الحكومة، الإدارة الأمريكية قلقة من ما يجري في الضفة ليس أقل من حالة الجمود في غزة، ما يجري في الضفة الغربية لن يبقى في الضفة الغربية.
الوزير سموتريش رد عبر منشور على منصة X:” إلى أي حد يجب أن يكون الشخص منفصلاً لكي يستمر بعد السابع من أكتوبر يدعم إقامة دولة الإرهاب في قلب البلاد، ويهاجم من يعمل على منعها، مهمة حياتي بناء دولة إسرائيل، ومنع إقامة دولة فلسطينية التي تعرض دولة إسرائيل للخطر، هذا ليس موقف سياسي، هذا موقف قومي ووجودي، لهذا السبب أخذت على نفسي مسؤولية السكان في الضفة الغربية لجانب وزارة المالية”.
وتابع سموتريش في تغريدته:” سأستمر في العمل من أجل أن يتمتع نصف مليون مستوطن موجودين في الواجهة وتحت النار بنفس الحقوق في دولة إسرائيل، وفرض حقائق على الأرض تمنع قيام دولة إرهاب فلسطينية، والتي ستكون معسكر إيراني متقدم لتنفيذ المذبحة القادمة في كفار سابا، ورعنانا وكل منطقة الوسط”.