loading

اسرائيل تتعمد نشر الأوبئة في غزة

بشار عودة

يفرض الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول للعام الماضي، حظرًا مشددًا على إدخال مواد التنظيف إلى قطاع غزة، مما أدى إلى انتشار واسع للأمراض الجلدية المعدية بين المواطنين في قطاع غزة وخصوصاً مخيمات النزوح المكتظة بأعداد كبيرة من النازحين.

ونتيجة لنقص مواد التنظيف في الأسواق وارتفاع أسعارها، أصبح من الصعب على المواطنين الحصول على احتياجاتهم الأساسية، حيث نفدت المواد المخزنة وتوقف تصنيع المواد محليًا بسبب نقص المواد الخام، بالرغم من انتشار تصنيع المنظفات يدوياً لتعويض النقص، إلا أن تلك المنتجات لا تفي بالغرض المطلوب وتؤدي إلى مشاكل صحية إضافية بسبب ضعف جودتها.

انتشار الأمراض الجلدية 

وتشتكي والدة الطفلة جود سلام من انتشار الطفح الجلدي على شكل حبوب على ابنتها ذات 7 أعوام، لعدم قدرتها على شراء شامبو مخصص للأطفال بسبب ارتفاع سعره في السوق، مشيرة الى أن “ارتفاع درجة، والرطوبة، والحشرات، والقوارض، مياه الصرف الصحي، التي تقتحم خيام النازحين هي المسبب الرئيسي لانتشار كافة الأمراض الجلدية المعدية التي يعاني منها أطفالها“.

وتقول والدة الطفلة سلام لـ “بالغراف إن: “المرض أنتشر بين أبنائي الثلاثة بعد إصابة أول طفلة بطفح جلدي، مضيفة أن المواد التنظيف المصنعة محليا لا تفي بالغرض بشكل كبير وتضر أكثر مما تنفع بسبب عدم معرفة المواد المستخدمة في صناعتها رغم ارتفاع سعرها.

أما والد الطفل محمد الغريب فيعبر عن استيائه الشديد مما حدث لطفلة خلال الحرب بعد انتشار الحبوب في كافة مناطق جسمه، برغم من توفيره مواد التنظيف لطفلة بأسعار باهظة، إلا أنه انتشر المرض بسبب البيئة الغير صحية في مخيم النزوح مع انتشار مياه الصرف الصحي بشكل كبير في الشوارع وبين خيام النازحين.

واستطرد والد الطفل الغريب قائلاً لـ ” بالغراف“:” المواد التنظيف محلية الصنع متوفرة بكميات قليلة في السوق بعد انتهاء المواد الخام الذي تدخل في صناعتها، رغم انها لا تفي بالغرض بشكل المطلوب”.

يقول والد الطفل الغريب: “المواد التنظيف محلية الصنع متوفرة بكميات قليلة في السوق بعد نفاد المواد الخام التي تدخل في صناعتها، لكنها لا تفي بالغرض المطلوب”.

ويروي والد الطفل: “مع قلة استخدام مواد التنظيف والصابون، أصيبت أجسامنا بالحساسية وظهرت بثور بسبب قلة النظافة الشخصية، بالإضافة إلى أن المياه لا تتوفر بشكل يومي، حيث تعمل محطات المياه بشكل جزئي بسبب نقص الوقود، مما لا يكفي للنظافة الشخصية”.

“كل شيء عبارة عن رمال وحشرات وقمامة” هكذا وصف الحاجة نادية محمد وهي نازحة في خيمة بمواصي خانيونس جنوب قطاع غزة المشهد الذي يعشيه النازحين منذ أكثر من 10 شهور في ظل حرب الإسرائيلية المستمر من السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني.

بنظرات هاربة وجفون مثقلة بالأوجاع، تقول نادية لـ “بالغراف“:المرض هنا ينتشر بين الأطفال في مخيم النزوح في ظل غياب المؤسسات الحقوقية والدولية نتيجة منع الاحتلال إدخال مواد التنظيف“، متسائلة:” لماذا يحدث هذا؟ أين المحاكم الدولية عما يحصل؟”.

في ذات السياق، يقول طبيب الأمراض الجلدية دكتور حسام أبو صفية إن هناك أعداداً هائلة من الأطفال مصابة بأمراض جلدية، تصل إلى أكثر من 200 حالة يومياً، منبها إلى أنه هذا يعدّ مهدداً لصحة الأطفال، خاصة أنها أمراض معدية للصغار والكبار.

ويوضح أبو صفية لـ “بالغراف “، أن مضاعفاته قد تكون خطيرة وقد يسبب التهابات تسمم أو تعفن في الدم، مشير إلى أنه قد يؤدي إلى حدوث التهاب كلوي مزمن.

وأضاف طبيب الأمراض الجلدية أن هناك أمراض جليدية جديدة غير معلومة، يوجد أمراض فيروسية بين الأطفال نراها لأول مرة، مضيفا أن عدم وجود بيئة نظيفة وانتشار مياه الصرف الصحي في الشوارع وانقطاع مواد التنظيف ندرة المياه الصالحة للاستحمام.

وأكد أبو صفية أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد منع دخول المنظفات على الرغم من المناشدات الدولية، ما أدى إلى تفاقم الأزمة وانتشار الأمراض بشكل كبير بين النازحين.

غلاء فاحش لمواد التنظيف

يقول سالم اللوح، بائع مواد التنظيف لـ “بالغراف”: “إن مواد التنظيف المتوفرة في السوق غالية الثمن، لدرجة أن المواطنين يلجؤون إلى استخدام رمال البحر في التنظيف بدلاً من دفع 50 شيقل (13 دولارًا أمريكيًا) لشراء مواد التنظيف”، مشيرا إلى أن سعر قطعة الصابون بلغ 25 شيقل (7 دولارات أمريكية).

ويضيف اللوح أن المواطنين يتجهون شراء الخضراوات لإطعام أسرهم بدلاً من شراء مواد التنظيف بسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعانيه سكان قطاع غزة، مبينا أن المواد التنظيف المتوفرة في السوق الان كلها مواد مصنعة محلية نتيجة انتهاء مواد التنظيف المحزنة في المخازن قبل بدء الحرب.

ويوضح بائع مواد التنظيف: “ العديد من الأصناف الأخرى اختفت من الأسواق أما ارتفعت سعرها 20 ضعفا بحيث لا يستطيع المواطنين شرائها لان معظمهم نازحون عاطلون عن العمل منذ أكثرعشرة أشهر وسط ارتفاع كبير على السلع في الأسواق”.

أما التاجر أسامة قاسم الذي يفترش الأرض في سوق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يقول إن الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال مواد التنظيف للقطاع منذ بداية الحرب، مما أدي لارتفاع أسعارها بشكل جنوني في الأسواق.

ويتابع التاجر قاسم أنه عمل على إدخال مواد التنظيف من شمال قطاع غزة مع النازحين قبل عدة أيام بعدما ترك مخزنه مجبرا عند نزوحه الى جنوب قطاع غزة في بداية الحرب، لافتا إلى أن عند وصولها إلى المستهلك تصل بسعر فلكيلا لا يستطيع المواطن شرائها.

تصنيع مواد التنظيف يدويا

يقول وعد نجم صاحب مصنع منظفات يدوية لـ بالغراف“:” مشاكل كثيرة تواجه في الوقت الحالي لعل أبرزها شح المواد الخام، لافتا الى انه إذ توفرت في الأسواق يكون سعرها غالي الثمن فتصبح غالية على التجار والمواطن”.

ويوضح نجم أن المواد المواد المتوفرة في الوقت الحالي لا تفي شيء في صناعة مواد التنظيف وتكون ذات كفاءة قليلة، مشيرا إلى أن:”انقطاع التيار الكهرباء من بداية الحرب زاد من أزمة تصنيع المواد المنظفة مما أدي الى زيادة في عدد العمال، بالإضافة إلى قلة المياه بعد توقف محطات التحلية جزئيا لعدم ضح الوقود اللازم لتشغيلها”.

ونوه نجم صاحب مصنع مواد التنظيف اليدوي إلى أن:” إذ استمر إغلاق المعابر إلى قطاع غزة، وعدم دخول المواد التنظيف إليها سيتوقف عن بيع مادة التنظيف، لانتهاء الكميات المتاحة لديه“.

إسرائيل تمنع التجار من استيراد مواد التنظيف 

يقول التاجر أبو عمار لـ “بالغراف” إن الاحتلال الإسرائيلي يمنع استيراد مواد التنظيف، بعد السماح للتجار في نهاية مايو الماضي بتنسيق استيراد عدد من المواد الغذائية من إسرائيل والضفة الغربية.

ويوضح التاجر أبو عمار أن المواد الغذائية المستوردة أسعارها مترفعة ولا تتناسب مع جيوب سكان قطاع غزة لانتشار الفقر والوضع الاقتصادي السيئ، خصوصا بعد إغلاق معبر رفح الحدودي إثر الاجتياح الإسرائيلي في السابع من أيار/ مايو الماضي.

وكانت صحيفة هآرتس العبرية، قد ذكرت في 30/ مايو / 2024 الماضي، أن إسرائيل رفعت الحظر المفروض على شراء سكان قطاع غزة البضائع من التجار الإسرائيليين للمرة الأولى منذ بداية الحرب 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتوضح الصحيفة أنه يمكن الآن للتجار الذين استوردوا المواد الغذائية إلى غزة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول شراء المواد الغذائية، بالإضافة إلى منتجات أخرى مثل الخيام والالبان فقط”.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد تم الإبلاغ عن أكثر من 33,551 حالة إسهال منذ منتصف أكتوبر 2023، أكثر من نصفها بين الأطفال دون سن الخامسة، وهو ما يمثل زيادة كبيرة بالنظر إلى أن المتوسط الشهري لم يكن يتجاوز ألفي حالة للأطفال من نفس الفئة العمرية خلال عامي 2021 و2022.

كما أُبلغ عن 8944 حالة إصابة بالجرب والقمل، و1005 حالات إصابة بجدري الماء، و12635 حالة طفح جلدي، و54866 حالة إصابة بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي.

ويعيش ما يقرب من مليون ونصف المليون نازح في قطاع غزة بمخيمات تفتقر إلى مرافق النظافة الشخصية والمياه المأمونة، مما يزيد من خطر انتقال الأمراض المعدية.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة