هيئة التحرير
فجر اليوم نفذ الاحتلال الإسرائيلي ضربة تجاه المواقع الإيرانية وذلك ردًا على الضربة الإيرانية مطلع الشهر الجاري، ضربة قالت السلطات الإيرانية أنها محدودة فيما حذرت سلطات الاحتلال إيران من أي تصعيد محتمل أو رد
الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي قال في حديث ل” بالغراف” إن الإعلام العبري تعامل مع هذا الرد بتبنيه للرواية الإسرائيلية وذلك بسيناريو معكوس للرد الإيراني الأخير على إسرائيل، مشيرًا إلى أنه في حينها ضخمت إيران من حجم الضربة التي كانت بالفعل ضخمة ورأى الجميع سقوط الصواريخ على القواعد الجوية الإسرائيلية، مضيفًا أن إسرائيل يومها حاولت تقزيم وتحجيم هذه الضربة وذلك لإحباط الطرف الأخر مع توعدها برد ضخم على إيران
وأفاد البرغوثي أن وزراء الاحتلال هددوا بأنه إن لم يكن الرد كبيرًا على الضربة الإيرانية فسيكون لهم موقف، حيث سموتريتش وبن غفير وغيرهم كانوا يطالبون بضرب المواقع النووية والنفطية وضرب الاقتصاد الإيراني وخلق أزمة عالمية في قطاع الطاقة، مشيراً إلى أنه في المقابل كان هناك ضغوطًا أمريكية كبيرة وتعهدات بدعم اسرائيل بجوانب أخرى منها دفاعية ودبلوماسية واقتصادية إذا ما تجنبت إسرائيل ضربة تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية وهو الذي ليس بمصلحة الإدارة الأمريكية سياسيًا وانتخابيًا حيث هي مقبلة على الانتخابات خلال أيام
وأكد البرغوثي أن إسرائيل تحاول الآن تضخيم حجم الضربة التي قامت بها فجر اليوم ضد إيران وفي المقابل تحاول إيران تقزيم حجم هذه الضربة، حيث وسائل الإعلام العبرية تحاول اقتناص أي مشاهد لموقع مدمر أو مشتعل في إيران لتقول أنه من آثار الضربة وأنه مع الوقت ستظهر آثارها
من جانبه يرى المحلل السياسي نهاد أبو غوش في حديث ” بالغراف” أن الرد الإسرائيلي كان بلا شك أقل بكثير من التوقعات ومن التهديدات عالية الصوت الإسرائيلية حيث العديد من المسؤولين الإسرائيليين هدد بأن الرد سيكون غير مسبوق ولن تستطيع إيران إدراك طبيعته، ولذلك فإن الرد كان أقل مما جرى الحديث عنه بكثير.
الرد الاسرائيلي كان منضبطًا بالتقييدات الأمريكية
أبو غوش أوضح بأن الرد كان مُنضَبِطًا وَمُقَيدًا بالضوابط والشروط الأمريكية بحيث لم يشمل أي مؤسسات نووية أو نفطية ولا حتى هيئات قيادية، مضيفًا أنه من الواضح أن الطائرات الإسرائيلية لم تدخل المجال الإيراني واكتفت برشقات صاروخية جو أرض، مضيفا أنه ربما يكون هناك حسابات ولكن هذا الرد بالنسبة لبعض الإسرائيليين كسر لحاجز قديم.
وتابع أبو غوش بأن هذا أول رد رسمي من نوعه حيث في السابق كان هناك عمليات اغتيال ومناوشات بحرية واغتيالات لعناصر إيرانية في سوريا، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تُقِرُ بها اسرائيل أنها تُهاجم أهدافًا إيرانية داخل إيران، وذلك عقب ضربها لأهداف إيرانية وسورية ولبنانية ولا زالت تواصل استهداف منشآت فلسطينية بشكل يومي سواء في الضفة الغربية أو غزة، ولكنها للمرة الأولى تُجاهِر بضرب أهداف إيرانية داخل إيران
من جانبه أكد البرغوثي أنه من الواضح أن الضربة كانت سريعة ولن يكون لها تأثير على مئات أو آلاف المواقع الإيرانية سواء العسكرية أو غيرها، مفيدًا بأنه من الواضح أن الطرفين كانوا يعلمون أنهم ذاهبين لضربة محدودة ولمواقع عسكرية مقابل امتصاص الحدث وعدم تطويره، حيث إيران وخلال ال24 ساعة الأخيرة قالت إن كانت الضربة محتملة بالنسبة لها فلن ترد إضافة إلى أن إسرائيل أبلغت الدول الأخرى قبل الضربة أن تبلغ إيران بأنها ستقوم بضربة ولكنها لن تستهدف المواقع النووية، فمن الواضح أن هناك سيناريو أُعِدَ مُسبَقًا وتم تنفيذه الليلة الماضية
وأشار إلى أن تصريحات لابيد والمعارضة الإسرائيلية تأتي ضمن المناكفات بين المعارضة والحكومة، مبينًا أنه ربما لو كانت المعارضة هي التي في الحكم ربما يكون سلوكها مختلفًا، مضيفاً أنه كان هناك توقعات بضربة قوية حيث أنه من ضمن مصلحة نتنياهو أن يذهب إلى تصعيد ولكن يبدو أنه كان كان هناك قلقًا من رد إيراني عنيف ومن ثم يكون هناك ردًا إسرائيليًا عنيفًا أيضًا، وهو الشيء المكلف لإسرائيل على كافة المستويات سياسياً وعسكريًا واقتصاديًا وعلى علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة خاصة.
أمريكا شريكة بالضربة
أبو غوش أفاد بأن هذا الرد أثبت أن إسرائيل لا تستطيع أن تتحالف وحدها ضد إيران فهي التزمت بالضوابط الأمريكية وهي تعتمد اعتماداً كلياً على الدعم الأمريكي في أي مواجهة مستقبلية وخاصة في الدفاع عن أي هجوم إيراني، مبينًا أنه من المعروف أن التقنيات والأسلحة المُستخدَمة كلها أمريكية بدءًا من الطائرات، فمثلاً هناك الطائرات الأمريكية التي أوصلتها لإسرائيل قبل أسابيع قليلة وتشمل على الأقل أربعة طائرات لتزويد الوقود للطائرات بالجو، إضافة لإحضار بطارية صواريخ ثاد عدا عن المساعدة الاستخبارية، مؤكدًا أن كل هذا يؤكد أن إسرائيل تعتمد على امريكا بهذا الهجوم وبالتالي فإن الولايات المتحدة شريكة بهذا الهجوم بشكل أو بآخر.
وأضاف أن أمريكا ليست معنية بحرب واسعة خاصة بمثل هذا الوقت ولكنها كانت شريكة في هذه العملية، مؤكداً أن هذه الضربة عززت من مكانة إيران الإقليمية وأظهرت أنها خصمًا لا يستهان به وليس من السهل إلحاق ضربة موجعة بها أو حتى ضربة من الممكن أن توقف برنامجها النووي لأنه يوجد حسابات معقدة لإمكانيات الرد الإيراني المضاد.
انتهاء الرد والرد المُضاد
وحول انتهاء الرد الإيراني والرد الإسرائيلي المضاد بين البرغوثي أنه نعم انتهى ولذلك فضلوا خيار توجيه ضربة محدودة تمتصها إيران وتخرجان من دائرة الرد والرد المضاد، مبينًا أنه وبمعظم التقديرات وبناء على السيناريو الذي تم فإن إيران التي تتحدث عمليًا وكأنه لا يوجد ضربة إسرائيلية فعلى أي شيء سترد، وهو على ما يبدو تمهيدًا لعدم الذهاب للرد على هذه الضربة الإسرائيلية
بدوره أكد أبو غوش أنه في المدى المباشر يمكن القول أنه انتهى ولكن لا يمكن المعرفة إن كان الوضع سيتغير، خصوصًا إذا ما وصل ترمب للرئاسة، إضافة لاحتمال استمرار المناوشات الإسرائيلية بإيران في ساحات عديدة، فإسرائيل حينما اغتالت الشهيد إسماعيل هنية هي التي استفزت إيران وانتهكت سيادتها، إضافة لاستهداف القنصلية الإيرانية بدمشق، مفيداً أنه ربما تُقدِم إسرائيل على خطوات استفزازية لاستدراج رد إيراني وربما تكون هي معنية برد إيراني وبالتالي تكون معنية باقحام الولايات المتحدة في حرب ضد إيران.
ولفت أبو غوش إلى أن هذا الهدف كان واضحاً حيث اسرائيل لا تستطيع وحدها التصدي لإيران وهي أكثر ما تخطط له هو إشراك الولايات المتحدة، وحتى الآن الولايات المتحدة التزمت بمساعدة إسرائيل بالشق الدفاعي وليس بالشق الهجومي ولذلك فإن إسرائيل تطمح بدور أمريكي أكثر حتى في الجانب الهجومي