هيئة التحرير
حرق للأشجار، والمركبات، واعتداءات على الأهالي والبيوت والمزارعين يقوم بها المستوطنون، وسط قطع للطرق ورشق المركبات بالحجارة، اعتداءات متكررة ومكثفة على كافة المناطق الفلسطينية، اعتداءات تتصاعد مع مرور الوقت وبحماية قوات الاحتلال وتزاد وحشية بشكل غير مسبوق
كانت اعتداءات المستوطنين تتركز في السابق على المناطق المصنفة “ج” ولكن ومنذ عام تصاعدت وتوسعت الاعتداءات لتشمل كافة المناطق الفلسطينية سواء المصنفة “ب” أو “أ”، فيما تزداد مع مرور الأيام وحشية هذه الاعتداءات من قبلهم، وباتوا يهاجمون بشكل وحشي منازل وممتلكات المواطنين ويطلقون النيران تجاه المواطنين
خلال هذا الأسبوع أقدمت مجموعة من المستوطنين على حرق عدد من السيارات بالقرب من المنطقة الصناعية بمدينة البيرة، وهي المرة الأولى التي يقومون بها بفعل ذلك في هذه المنطقة التي تتعرض لاعتداءات بشكل متكرر من خلال الخط والكتابة على الحيطان وإعطاب السيارات وغيرها، فيما تعرض المزارعين في عدد من المناطق للاعتداء من قبل المستوطنين ومنعهم من الوصول لأراضيهم بل وإحراق أشجار الزيتون كما حدث في بلدة برقا شرق رام الله مطلع هذا الأسبوع
زكي بركات عضو مجلس قروي قرية برقا قال في حديث ل” بالغراف” أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم المستوطنون بها بحرق أشجار الزيتون في قريتهم، مشيرًا إلى أن أشجار الزيتون هذه ملاصقة لمنازل المواطنين من الجهة الشمالية للبلدة وعمرها 400 عام.
وبين بركات أن هجومهم على البلدة ازداد خلال الفترة الأخيرة وخاصة خلال موسم الزيتون حيث مُنِعَ العديد من المواطنين من الوصول إلى أراضيهم وقطف ثمار الزيتون، حيث إن وصل أحد إلى أراضيه قاموا بالاعتداء عليه وأجبروه على العودة، مؤكدًا أن الزيتون الذي أحرقه المستوطنون بالقرية كان مُثمِرًا ولم يتسنى لمالكيه قطفه، مشيراً إلى أن القرية كانت تتعرض للهجوم ولكنه لم يكن بهذه الكثافة وعدد المرات، حيث منذ عام تتكرر اعتداءاتهم واقتحامات الاحتلال
وتمنى بركات على من يستطيع من المؤسسات إيقاف توغلهم غير الطبيعي والذي يقومون به دون سبب وهم لا يحتاجون لسبب للقيام بهذه الاعتداءات، مشيراً إلى أنهم يقومون بالاعتداء أيضًا على كافة المناطق الفلسطينية
مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والإستيطان أمير داوود قال في حديث ل” بالغراف” إن وحشية المستوطنون هذه ليست جديدة وهي ممتدة في سياق مرتبط بتصاعد إرهاب اعتداءاتهم، مبينًا أن إرهابهم هذا لم يبدأ من اليوم بل من سنوات طويلة ولكن مع تشكيل حكومة اليمين المتطرف حيث قادة المستوطنين هم من وصلوا إلى سُدة الحكم مع تشكيل الحكومة في مطلع العام 2023 تصاعدت هذه الاعتداءات
وأكد أننا شهدنا اعتداءات لم نشهدها من قبل مثل حرق بلدة حوارة وترمسعيا والقرى المحيطة، وبعد السابع من أكتوبر تصاعدت وتضاعفت وتكثفت هذه الاعتداءات، مشيراً إلى أن أرقام الاعتداءات التي باتوا يتعاملون معها اليوم هي أرقام غير مسبوقة في تاريخ الصراع، حيث منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم سُجِلَ 1800 اعتداء نفذه المستوطنون وحدهم.
وبين داوود أنه خلال شهر أكتوبر وصل عدد الاعتداءات إلى 360 اعتداء نفذه المستوطنون، منها فقط 245 بحق قاطفي الزيتون، مضيفًا أن الموسم الماضي كان دَمويًا بشكل كبير، حيث مُنِعَ المواطنين من الوصول لأراضيهم وتم الاعتداء عليهم وصُودرت محاصيلهم، مؤكداً أن هذا الموسم يشبه إلى حد كبير الموسم الماضي، وهو لم ينتهي إلى الآن ويتوقع أن يتجاوز الموسم الماضي من ناحية نسبة الاعتداءات
وأفاد داوود أن سياق ما يفعلونه هذه الأيام هو أنه لديهم حكومة يمين متطرفة ترعاهم وتحميهم وتشجعهم، وباتت التوجيهات تأتي إليهم من داخل حكومة الاحتلال فالتغييرات التي حدثت في الإدارة المدنية وتسليم أجزاء كبيرة مرتبطة بالأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنين، حيث باتوا هم المسؤولين عن هذه القضايا، فكل هذه العوامل مكنت وجرأتهم على التنفيذ والإقدام على خطوات لم يكونوا يتجرأوا على الإقدام عليها، فبات لديهم تطمينات ورعاية وحماية ودعم من الجهات الرسمية في دولة الاحتلال وهي التي أدت إلى ما وصل عليه الحال اليوم، حيث التجرأ على المنطقة المصنفة ” أ” ففي السابق كانت الاعتداءات تكون في المنطقة المصنفة “ج”، ولكنهم اليوم باتوا أكثر تجرئًا وباتوا يهاجمون المناطق ضمن التصنيف ” أ” مثل ما حصل قبل أيام
وأوضح داوود أن هذا ينذر بمرحلة كانوا قد حذروا منها منذ فترة طويلة، وهي أن دولة الاحتلال تريد أن تخلق ما يشبه الرواية التي تحاول خلقها وهي أن هناك صراعًا بين شعبين وأن المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال تقف على الحياد وتحاول معرفة المشكلة، مؤكداً أن هذه الرواية زائفة وما يحدث هو أن هناك تبادلًا وظيفيًا للأدوار ما بين المؤسسة الرسمية وغير الرسمية الممثلة بالمستوطنين والجيش في مسألة فرض البيئة القهرية الطاردة على المواطنين الفلسطينيين وزعزعة الوجود الفلسطيني من خلال هذا النوع من الإجراءات، مؤكداً أن هذا هو السيناريو القادم من الاحتلال
وبين داوود أن كافة المؤشرات تقود إلى مزيد من الاعتداءات تكون أكثر تطرفًا، موضحاً أن الاعتداءات تتم في كافة المناطق الفلسطينية ولكنها تتركز في ثلاثة مناطق وتكون عنيفة وغير مسبوقة وهي “جنوب نابلس، وشمال شرق رام الله، وجنوب الخليل”، وهي دائماً ما تحوز على أعلى معدلات الاعتداءات، ويعود ذلك لعدة أسباب منها أن منطقة جنوب نابلس بسبب طبيعة المستوطنات وعلى رأسها “يتسهار”، وأيضا منطقة شمال رام الله وطبيعة المستوطنات التي بها وعلى رأسها “جيلو”، حيث تتواجد قيادة شبيبة التلال في هذه المناطق، مبينًا أنهم وضعوا أكثر المستوطنين تطرفًا بها، حيث باتت الصهيونية الدينية متواجدة في هذه المناطق وهم من يضعون ميليشيا شبيبة التلال الذين يتفرعون للبؤر الرعوية المتواجدة في هذه المناطق وحتى منطقة جنوب الخليل في مسافر يطا وضعوا الكثير من البؤر الرعوية فيها، مضيفًا أن من يقودها ويرعاها هم شبيبة التلال، وذلك من أجل إحداث عملية تغيير قسري واسع بحق المواطنين الفلسطينيين
وعن المطلوب فلسطينيًا أكد داوود أن هناك ضرورة للارتقاء لمستوى الحدث لأن ما يحدث اليوم غير مسبوق، مبينًا أن هناك برامج حقيقية منها برامج صمود وبرامج قانونية وتوثيقية، ولكن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود وأولها هو الاندراج أسفل استراتيجية وطنية ينخرط بها الكل الفلسطيني وليس فقط المستوى الرسمي بل الكثير من المنظمات الشعبية والمدنية، والتي يجب أن تندرج تحت استراتيجية وطنية تشارك بكل ما أوتيت من قوة على مستوى الميدان بلجان الحماية وعلى مستوى المساعدات ودعم الصمود وثتبيت المواطنين بأرضهم وعدم السماح برحيلهم.
ولفت إلى أنه على المستوى القانوني فاليوم يجب المطالبة بحماية دولية، مؤكداً أن الشعار اليوم هو الحاجة للحماية الدولية في الضفة الغربية لأن دولة الاحتلال تحاول أن تنقض بكل قوتها على الوجود الفلسطيني ولذلك فإننا نمر بمرحلة هي الأكثر حاجة للحماية الدولية، والتي تتأتى من خلال متابعة قانونية حقيقية سواء من البعد الرسمي أو الشعبي، مشددًا على أن العنوان الأبرز هو استراتيجية وطنية موحدة تندرج تحتها كافة المقومات الوطنية