هيئة التحرير
“غزة مخذولة، موجوعة، جائعة، يتيمة، تشعر بالبرد، مذبوحة من الوريد إلى الوريد” بهذه الكلمات عبر الصحفي أنس الشريف عن حال غزة في اليوم ال400 من الإبادة المستمرة على قطاع غزة، إبادة مستمرة بلا بوادر لوقفها وبلا رقيب أو حسيب لجرائم وانتهاكات الاحتلال المتواصلة
وفي اليوم 400 من الإبادة واصل الاحتلال ارتكاب المجازر بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، حيث ارتكب الاحتلال 3 مجازر راح ضحيتها 51 شهيدًا و164 مصابًا من مناطق مختلفة من القطاع، وهو ما رفع عدد المجازر في القطاع لأكثر من أربعة آلاف مجزرة منذ بدء الحرب، وقد أدت هذه المجازر لمحو آلاف العائلات بشكل كامل من السجل المدني، فيما ارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 43 ألف شهيد وأكثر من 102 ألف إصابة، بينما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لم تستطع طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم.
لجنة مراجعة المجاعة في برنامج الأغذية العالمي حذرت في تقرير لها من شبح مجاعة يخيم على مناطق شمال قطاع غزة، نتيجة القصف المتواصل ومنع دخول المساعدات ما أدى لتدهور الوضع بشكل سريع، متوقعة أن يصل عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في غزة إلى 345 ألف شخص
وأكدت اللجنة في تقريرها أن سوء الوصول للغذاء في هذه المناطق يزداد، إضافة للغلاء الكبير في أسعار المنتجات المتوفرة، مبينة أن هناك إنهيارًا كاملًا لسبل العيش بحيث لا يمكن شراء أو مقايضة الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى.
وعبرت اللجنة في الوقت نفس عن قلقها الكبير عقب قرار الاحتلال بقطع علاقاته مع الأونروا، محذرة من العواقب الوخيمة لهذا القرار على العمليات الإنسانية في هذه المناطق
مدير منظمة الصحة العالمية أفاد أن تحذير خبراء الأمن الغذائي العالمي من احتمال حدوث مجاعة بشمال غزة يثير القلق الشديد، داعيًا إلى زيادة فورية في المساعدات الإنسانية بغزة وتوفير وصول آمن لها
وفي محاولة منه لتنفيذ خطة الجنرالات في شمال قطاع غزة، يواصل الاحتلال عدوانه المكثف على مناطق شمال غزة منذ قرابة الشهر، ما أدى لارتقاء أكثر من 1300 شهيد، فيما يستمر الاحتلال بقصف البيوت على رؤوس ساكنيها وقصف مراكز الإيواء وإجبار الأهالي الذين نزحوا إليها ظنًا منهم أنها آمنة على الخروج منها ومن ثم يتم حرقها، كما ويواصل طيران الاحتلال إضافة لآلياته العسكرية قصف كل ما تطاله أعينهم حيث أقدموا على نسف أحياء سكنية بأكملها، وسط استمرار بالحصار ومنع دخول المساعدات الغذائية أو حتى الطبية، فيما أجبر الاحتلال آلاف العائلات على النزوح من مناطق الشمال، إضافة لاعتقاله مئات من الشبان الفلسطينيين في هذه المناطق.
مناشدات متواصلة يُطلقها مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية للعالم أجمع بضرورة التحرك وإنقاذ الأهالي وإنقاذ المرضى في المستشفى، التي يستهدفها الاحتلال بشكل متكرر، ضاربًا بعرض الحائط كافة المواثيق والأعراف الدولية التي تضمن حماية المستشفيات والمرافق الطبية، حيث أقدم الاحتلال على فرض حصار مطبق على المستشفى وكافة المستشفيات في شمال القطاع حتى خرجت عن الخدمة، نتيجة انعدام الأدوية والمستلزمات الطبية إضافة لاعتقال العديد من الكوادر الطبية عقب اقتحام المستشفيات
ووصف أبو صفية الوضع في شمال القطاع بالكارثي، حيث يرتقي الجرحى في الطرقات، مؤكدًا أنه ونتيجة لاستمرار منع إدخال الوقود والطعام والدواء فإنهم باتوا يستقبلون أطفالًا تظهر عليهم علامات سوء التغذية والجفاف، مشيرًا إلى أنه يجب على العالم أن ينظر إليهم بعين الإنسانية ويتدخل فورًا لإنقاذ المنظومة الصحية
بدوره أكد الدفاع المدني أن الاحتلال يواصل تعطيل عملهم منذ ثمانية عشر يومًا في شمال القطاع نتيجة الاستهداف المتكرر، ما أدى لبقاء آلاف المواطنين دون رعاية طبية وإنسانية، مضيفًا أن الاحتلال هاجم طواقم الدفاع وأجبر عناصره على النزوح إلى وسط وجنوب القطاع كما واختطف تسعة منهم
لا يختلف حال مناطق وسط وجنوب القطاع كثيرًا عن شماله، حيث يواصل الاحتلال تدمير المنازل واستهداف المستشفيات حيث استهدف اليوم خيمة للنازحين في مستشفى شهداء الأقصى ما أدى لارتقاء شاب وإصابة عدد آخر، كما وواصل الاحتلال استهدافه لمنازل المواطنين ومراكز الإيواء في جنوب ووسط القطاع، تلك المراكز التي يُصورها الاحتلال على أنها مراكز آمنة لكنه يقوم باستهدافها حيث قصف الاحتلال أكثر من ألف مركز إيواء منذ بدء حرب الإبادة
كما ويواصل الاحتلال فرض الحصار على هذه المناطق أيضًا، ويمنع دخول المساعدات بالشكل الكافي حيث ما يدخل لهذه المناطق لا يكفي مئات آلاف العائلات فيها خاصة مع شح المواد وارتفاع أسعارها إن وُجدت، وهو ما يُلوح بشبح مجاعة آخرى في جنوب القطاع، وسط مناشدات بالتدخل وزيادة المساعدات إلا أن هذه المتاشدات لا تلقى أي إجابة أو آذان صاغية.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قال إن تلكؤ المنظومة الدولية عن اتخاذ قرارات حاسمة تجاه المجازر التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة وتحديدًا في شماله، يجعلها شريكة في تلك الجرائم ويمثل ضوءًا أخضر للاحتلال للمضي قدمًا في تصعيد جريمة الإبادة الجماعية، ويعكس تجاهلًا صادمًا لحياة الفلسطينيين وكرامتهم، مضيفًا أن المنظومة الدولية بكافة مؤسساتها عجزت عن تحقيق الأهداف والمبادئ الأساسية التي قامت عليها، وأظهرت فشلًا مشينًا بالالتزام بحماية المدنيين ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في غزة طيلة 13 شهرًا متواصلًا.
وأفاد المرصد أن المجتمع الدولي وآليات العدالة الدولية لم تتعامل بجدية مع الجرائم المرتكبة رغم خطورتها وفظاعتها، بل تجاهلتها بشكل كبير، وهو ما شجّع إسرائيل على توسيع تلك الجرائم بدعم وتسليح من الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية، مبينًا أن شمال القطاع يتعرض لاستباحة شاملة بهدف القضاء على الفلسطينيين وإفراغه منهم، حيث يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر وشن الغارات والأحزمة النارية، بالتزامن مع فرض حصار خانق ومنع إدخال وإخراج المستشفيات عن العمل، إضافة لإصدار العديد من أوامر الإخلاء القسري غير القانونية.
ودعا المرصد المحكمة الجنائية الدولية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها، والتحرك من دائرة الصمت إلى مرحلة إصدار أوامر بالقبض والمساءلة والمحاسبة، وذلك بشأن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال والتي تدخل ضمن اختصاصها، مُطالبًا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ مئات الآلاف من سكان شمالي غزة، ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل للعام الثاني على التوالي، إضافة لفرض حظر الأسلحة عليها، ومساءلتها ومعاقبتها على كافة جرائمها، واتخاذ كافة التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين