هيئة التحرير
في الحلقة الجديدة من بودكاست “حكي مدني” الذي يقدمه الزميل علي عبيدات تحدثت المديرة التنفيذية لجمعية أصالة رجاء الرنتيسي عن المشاريع الصغيرة للنساء في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة لأبرز المشاكل التي تواجهها هذه المشاريع، والحلول المقترحة لضمان استمراريتها.
الرنتيسي أوضحت أن الوضع في غزة كان صعبًا في بداية الحرب حيث فُقِدَ الاتصال بالعديد من المنتسبات للجمعية وارتقى العديد منهن، إلا أنه بهمة وجهد الموظفات أُعيد نشاط الجمعية في القطاع الآن، حيث بدأن بتشجيع السيدات على الاستمرار بالمشاريع الصغيرة، مؤكدة أن أشكال المشاريع اختلفت لِتُلائم الوضع الجديد بغزة، حيث الكثير من المشاريع بات لها علاقة بالتصنيع الغذائي المتعلقة بالقوت اليومي، إضافة لمشاريع التدوير كتدوير الملابس وبرابيش المياه، وتدوير الدمى حيث ستحمل هذه الدمى أسماء الشهداء والمفقودين في غزة.
وأفادت أن طاقة النساء بغزة أعلى وأكثر ايجابية من طاقة النساء خارج غزة، مضيفة أنها تستمد قوتها منهن، حيث لديهن الشغف للاستمرارية وتلقي التدريبات التي تقدمها الجمعية.
ولفتت الرنتيسي إلى ضرورة وجود عمل وجهود مشتركة بين مؤسسات المجتمع المدني لأن عملها مشتت ويعتمد على نوع الدعم المقدم، مضيفة أنه لا يوجد خطة استراتيجية متكاملة بين هذه المؤسسات حتى تقوم بدعم مُثمر في غزة، ولذلك يجب العمل على دمج الجهود لإيجاد طريقة عمل مشتركة ذو تأثير أكبر، مؤكدة أنه فلسطينيًا لم يتم القيام بالدعم المطلوب لغزة، حيث قطاع غزة بحاجة لدعم مالي كبير فالحاجة والفقر كبيران في القطاع.
وبينت أن الضفة غير مهيأة في حالة إصابتها بما هي غزة مصابة به الآن، حيث تعيش الضفة بوهم أنه لن يحدث بها هكذا ولكن هذا غير صحيح، فالمياه من الممكن أن تُقطع بيوم وكذلك الكهرباء، ولذلك يجب أن يكون هناك استعدادًا لمجابهة هكذا ظروف وهذا يتطلب خطة طوارئ على مستوى كبير بكل مكونات المجتمع الفلسطيني وليس فقط على مستوى مؤسسات المجتمع المدني.
وأشارت الرنتيسي إلى أن المشاريع الصغيرة في الضفة الغربية تأثرت أيضًا بالحرب وبالأوضاع السياسية التي تحدث بها، من تقطيع الأوصال بين المدن والقرى وهو عامل مهم في الحد من نجاح هذه المشاريع الصغيرة، حيث الكثير منها يعتمد على التسويق بالمدينة، إضافة لصعوبة الحصول على المواد الأولية، مبينة أنهم في الجمعية قاموا بعمل استبيان لمعرفة المشاكل التي تواجه هذه المشاريع فكان أهمها الوصول إلى المصادر الأولية والتسويق، مفيدة بأن هذه المشاكل ما زالت متواصلة.
وأكدت على ضرورة دعم هذه المشاريع الصغيرة، وعلى ضرورة التوجه للزراعة حيث هناك ضرورة لوجود المواد الأولية التي تحتاجها هذه المشاريع لأن تكون في متناول اليد، فهناك الكثير من الأراضي المتروكة من غير زراعة، ومن بعد الزراعة يكون هناك توجه للتصنيع الغذائي والمشاريع التي سيتم تسويقها والتي ستكون أجدى وبسعر أرخص ونوعية أفضل، مبينة أنه في هذا الأمر لا تستطيع مؤسسة مجتمع مدني واحدة القيام به، فهو بحاجة لاستراتيجيات على مستوى الحكومة والعمل بشكل جدي للالتفات لهذا الموضوع، ويجب عدم الاعتماد على خطط الممولين.
وأوضحت أن مؤسسات المجتمع المدني تقدم دعمًا للمشاريع الصغيرة فمثلًا جمعية أصالة لديها 300 منتسبة تحصل على تدريبات مختلفة، مشيرة إلى أنه في ذات الوقت هناك بعض التكرار في البرامج وفي استهداف السيدات اللواتي يستفدن من المشاريع الصغيرة، حيث بات هناك إغداقًا للمشاريع لنفس المجموعة من النساء، مفيدة أن المطلوب هو المبادرة بالبحث عن النساء وتشجيعهن للقيام بهذه المشاريع، إضافة إلى ضرورة التنسيق بين المؤسسات التي تقوم على رعاية هذه المشاريع حتى يتم خدمة أكبر عدد من النساء، والذهاب لمناطق لم تصل إليها المشاريع من قبل.
وتابعت الرنتيسي أنهم قبل الحرب كانوا يقومون بمعارض تسويقية في المناطق الريفية وذلك لتعريف الجماهير بهذه المناطق وتشجيع السيدات على تسويق منتجاتهن، مؤكدة على ضرورة الوصول للمناطق المهمشة والاهتمام للوصول إليها، إضافة لوجود النية الجادة للبحث عن آليات للوصول إليها ولا يجب استسهال القيام بالمعارض في منطقة واحدة.
وبينت أن دور الوزارات في دعم المشاريع بالمناطق المهمشة ليس بالمستوى المطلوب حيث من المفترض على وزارة الاقتصاد فتح آفاق تسويقية للنساء ولكن لا يوجد ذلك، والاهتمام بتصدير المشاريع الصغيرة للخارج، مفيدة بأن وزارة الزراعة أيضًا لا تقوم بتشجيع الزراعة، حيث لا يوجد برامج استراتيجية كاملة ومرئية من الوزارات يمكن الإعتماد عليها في الحديث عن تشجيع المشاريع الصغيرة، وفي ما يخص وزارة شؤون المرأة أوضحت أنها تقوم برسم سياسات و تساعد النساء صاحبات المشاريع، ولكن يجب عليها القيام بذلك بالتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني التي لها الخبرة في هذا المجال، إلا أنها لديها ضعفًا في هذا الأمر.
الإقبال على المشاريع الصغيرة ازداد بعد السابع من أكتوبر من العام الماضي وذلك عقب فقدان الكثير من العمال لوظائفهم وفق ما أكدته الرنتيسي، موضحة أن العديد من السيدات بدأن بالعمل بهذه المشاريع حتى يحصلن على الدخل، إلا أنه في ذات الوقت باتت المنتجات والمشاريع مكررة، حيث لا يوجد اهتمام بالسيدات وتوعيتهن بحاجة السوق حتى تنجح هذه المشاريع، ولذلك يجب أن يكون هناك دورًا لمؤسسات المجتمع المدني في التدريب والتوعية وفتح آفاق جديدة للتفكير خارج الصندوق.
الرنتيسي بينت أن اسم فلسطين باتت يتردد بالعالم بشكل كبير، حيث التضامن الواسع بالعالم والوعي الكبير بالقضية والذي لم يحصل من قبل، مؤكدة أن هذه فرصة لمؤسسات المجتمع مدني والحكومة لاستغلال هذا الموضوع في تسويق هذه المنتجات خاصة وأنها تصنع بأيد نسوية، ولذلك يجب على الحكومة تشجيع اقتناء هذه المنتجات وإرسالها للخارج، وأيضًا محاولة تقليل الفجوة بين سعر هذه المنتحات وأسعار المنتجات التي تصنع بالصين والموجودة بالسوق بكثرة، موضحة أن الجمهور الخارجي والجاليات الفلسطينية تحب اقتناء هذه المنتجات، وبالتالي بات هناك حاجة ملحة للإهتمام بهذه المشاريع وتطويرها حيث بإمكانها أن تكون داعمة بشكل كبير للاقتصاد الفلسطيني إذا ما تم الاهتمام بها.
وأوضحت أن الشعب الفلسطيني يستطيع مساعدة هذه المشاريع باقتناء منتجاتها، حيث مؤسسات المجتمع المدني تستطيع الإهتمام والإشراف على هذه المنتجات حتى يكون هناك ثقة عند الجمهور عندما يذهب لاقتنائها، مبينة أنها تدرك أن هناك مشكلة بتسعيرة هذه المنتجات ولذلك هناك حاجة لتوفير كافة الظروف الممكنة لجعل هذا المنتج بأسعار أقل وبنفس الجودة وبضمان من قبل مؤسسات مشرفة عليها.
وحول دور الهيئات المحلية أفادت بأن عليها القيام بتوفير المساحات وإعطاء الفرص لهذه المشاريع بالتسهيل عليها وتسجيلها، وتسهيل الحصول على الرخص والحِرف المطلوبة لهذه المشاريع، ولذلك يجب أن يكون لدى البلديات والهيئات المحلية برامج خاصة لتشجيع المشاريع الصغيرة والاهتمام بها.
وأفادت أن الممولين لديهم عناوين وأجندات تتغير ما بين السنة والأخرى، ولكن بالمجمل وخلال الخمسة سنوات المنصرمة كان هناك توجهًا لدعم المشاريع الصغيرة وخاصة النسائية منها، حيث كثير من مؤسسات المجتمع المدني لم يكن من ضمن رؤيتها أو رسالتها دعم مثل هكذا مشاريع، إلا أنها دعمت وذلك نظرًا لوجود تمويل لهذه المشاريع، موضحة أنه فلسطينيًا يجب البحث عن الاحتياجات ولا يجب أن نكون متلقين وغير فاعلين، مضيفة أنه يجب أن يكون هناك خطة متكاملة بالشراكة ما بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لمعرفة احتياجات المجتمع الفلسطيني والفرض على الممولين أن يكون التمويل ضمن هذه الاحتياجات.
وأضافت أنه يجب أن نتعلم الكثير من غزة وتجاربها، حيث إرادة الصمود والصبر والمهنية العالية في التعامل مع كافة المشاريع الموجودة والنجاح بها وبكافة متطلباتها.
وشددت على ضرورة تسليط الإعلام الضوء على هذه المشاريع لأنها تقوم على إعالة عائلات بأكملها، ولذلك يجب التركيز على أهمية هذه المشاريع من هذه الناحية وأيضًا من ناحية خلقها لفرص عمل للكثير من السيدات، كما أن تسليط الضوء عليها يساعد على التسويق لهن ويشجع الأخريات على القيام بهذه المشاريع عندما يرين قصص نجاح هذه المشاريع.
كل جيل من النساء الفلسطينيات منذ عام 1948 وحتى الآن شهد أحداثًا تطلبت منهن القوة للبقاء والصمود وهو ما تتوارثه النساء جيلًا بعد جيل، وهن سيبقين بهذه النفسية حتى التحرر وما بعده، وفق ما قالته الرنتيسي.
ولفتت إلى أنه يمكن دعم هذه المشاريع من خلال الترويج لها ومحاولة اقتنائها، وأيضًا من خلال جمع التبرعات للخروج من إطار التمويل المشروط والمقنن.