هيئة التحرير
يعتبر قرار مجلس القضاء الأعلى بإعادة تفعيل أوامر الحبس في الملفات التنفيذية داخل أروقة المحاكم، بما في ذلك الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد، قرارًا طبيعيًا وقانونيًا، إلا أنه يأتي في ظل أوضاع يمكن وصفها بأنها غير طبيعية على الإطلاق.
ومع توقف “حالة الطوارئ”، فإن إعادة العمل بالقوانين، خاصة مع تعطل المصالح وتضرر السوق بسبب الامتناع عن سداد الديون، يتمّ إما بسبب استغلال بعض الأطراف لهذه الظروف كذريعة لعدم السداد، أو بفعل الظروف الاقتصادية التي أعقبت جائحة كورونا، حيث قدرت خسائر الاقتصاد الفلسطيني بسبب الجائحة بـ2.5 مليار دولار أمريكي.
أمر خاطئ
تبدو هذه الأرقام في شكلها مجرد أرقام، لكنها تعكس واقعًا اقتصاديًا هشًا وصعبًا. ويعلق المحلل والخبير الاقتصادي جعفر صدقة على القرار بالقول إن تناول الموضوع بجملته أمر خاطئ، وإن كان قانونيًا، بمعنى أن هناك فارقًا شاسعًا بين المتعثر والمحتال.
دراسة كل حالة على حدة
ويشير صدقة إلى أن الأصل هو دراسة حالة كل فرد على حدة؛ هل هو متعثر بسبب انقطاع رواتب الحكومة التي دخلت عامها الرابع؟ هل هو عامل من العمال في السوق الإسرائيلية والعاطل عن عمله منذ 14 شهرًا؟ هل هو مواطن تعثرت مصلحته بفعل التداعيات الاقتصادية للحرب وما رافقها من واقع معيشي صعب؟ أم أنه فعلاً محتال يتعمد عدم سداد الحقوق؟
الحبس ليس حلاً
ويقول إن الظروف الحالية بعيدًا عن الطبيعية تتطلب اتباع إجراءات تتوافق مع الحال. ويعتبر أن القول إن تجديد أوامر الحبس هو الحل أمر غير دقيق، بل يجب أن يكون جزءًا من الحل، وإلا فإن الحكومة مطلوبة وفق هذا القرار نظرًا لحجم ديونها سواءً للأفراد من موظفين عموميين أو للقطاعات الأخرى. فكيف يمكن أن يكون الحل هو سجن شخص متعثر، بدلًا من أن يكون خارج السجن وفق آلية تلزمه الدفع؟
أزمة الشيكات
ويؤكد صدقة أن الشيكات المرتجعة هي بحد ذاتها أزمة ومشكلة حقيقية لأنها تمثل كتلة نقدية هائلة ولكنها وهمية مقابل سلع وخدمات حقيقية، وبالتالي هي أزمة تحتاج فعلًا إلى حل.
مخالفة للقوانين الدولية
بدوره، يشدد المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ICHR) عمار الدويك على أن فكرة حبس مواطن متعثر ماليًا، على خلفية عدم قدرته على السداد والإيفاء، هي فكرة مخالفة للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وأن زجه في السجن هو تضخيم للمشكلة بمشاكل أكبر، بدلًا من إيجاد بدائل وحلول عملية أكثر.
قضية خطيرة
ويحذر الدويك من أن هناك كبارًا في السن ومرضى، بل وحتى في حالات كثيرة سيدات لا يعملن، ولكن غُرر بهن إما من قبل أزواجهن أو أقارب لهن، لإصدار دفاتر شيكات والتصرف بها دون علمهن، وهذه قضية جد خطيرة.