هيئة التحرير
على سفح الجبل في المنطقة الشرقية من قرية بورين جنوب نابلس، تعيش عائلة المواطن عادل عيد بحالة رعب مستمرة، إثر اعتداءات المستوطنين المتكررة لمنزلهم ما جعلهم يعيشون حياة أشبه بالسجن.
جدار بطول ثلاثة أمتار ونصف وسلك حديدي شائك يحيط بالمنزل، بهذه الطريقة حاول المواطن عيد حماية عائلته ومنزله من اعتداءات المستوطنين المتزايدة التي تطاله وتطال بلدة بورين بشكل وحشي.
المواطن عيد قال إن آخر اعتداء تعرضوا له كان في الرابع عشر من الشهر الجاري حين هاجم المستوطنون محيط منزلهم وحاولوا إحراق آلة بناء “باچر” تعمل في محيط المنزل، مضيفًا أنهم عندما حاولوا التصدي لهم قاموا بإلقاء الحجارة على المنزل، وعند مساء ذات اليوم أعادوا هجومهم وقاموا بإلقاء بالزجاجات الحارقة في محاولة منهم لحرق المنزل.
اعتداءات متزايدة
بدأت عائلة عيد ببناء منزلهم منذ العام 2013 ومنذ ذلك العام وهم يتعرضون لاعتداءات متكررة منذ بداية البناء وحتى بعد أن استقروا به، مشيرًا إلى أن منزلهم يقع في المنطقة المصنفة “ب” وهم حصلوا على رخصة للبناء في هذا الموقع، حيث يعتبر منزلهم أقرب منزل لمستوطنة “جفعات رونين” ما يجعله يتعرض لهذه الاعتداءات المتكررة.
وأضاف عيد أن هذا الاعتداء لم يكن الأول هذا العام فهم قاموا خلال الأشهر السابقة بإحراق مركبتين له، وقاموا بتكسير مصاريف الصرف الصحي له، إضافة إلى قيامهم باقتلاع وتكسير الأشجار، مبينًا أنهم في كل اعتداء يتعرضون له يقومون بالتواصل مع الجهات المختصة وإبلاغهم بأنهم يتعرضون لاعتداء من المستوطنين، مؤكدًا أنهم يتعرض لأضرار مادية وجسدية ونفسية في كل هجوم يتعرضون له.
جدار وأسلاك شائكة للحماية
وفي محاولة من عيد لحماية عائلته ومنزله من هذه الاعتداءات المتكررة أقام حول منزله جدارًا بارتفاع ثلاثة أمتار ونصف على نفقته الخاصة دون مساعدة من أي مؤسسة، مضيفًا أن الإغاثة الفرنسية الدولية ساعدته على إقامة سياج شائك حول منزله أيضًا في محاولة لحماية المنزل من الاعتداءات المتكررة، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تقلل من إمكانية الاعتداءات ولكنها لا تمنعهم من محاولة الدخول للمنزل.
يُحرم أطفال عائلة عيد من اللعب والعيش بطريقة طبيعية كباقي الأطفال، فهم يُحرموا حتى من اللعب في حديقة المنزل وذلك خوفًا من تعرضهم للأذى حال تعرض المنزل لهجوم وفق ما يؤكده عيد، الذي يوضح أن الأطفال يعيشون في حالة رعب دائم بسبب تكرار الاعتداءات، مشيراً إلى أنهم يسكنون في منطقة جبلية ولا يوجد حولهم منازل وهم أقرب منزل لمستوطنة “چفعات رونين” التي تبعد عنهم فقط مقدار 150 متر هوائي.
حياة أشبه بالسجن
يصف عيد حياتهم وعيشهم ” بالسجن” حيث يعيش أفراد العائلة السبعة بحالة رعب مستمرة، حتى عندما يخرج للعمل فإنه يبقى خائفًا طيلة الوقت من تعرض عائلته لأي اعتداء وهجوم وهو خارج المنزل، كما يعيش الأطفال برعب دائم من تعرضهم لأي اعتداء.
عيد يبيّن أن اعتداءات المستوطنين ازدادت وحشية عقب السابع من أكتوبر حتى بات المستوطن يهاجم وهو مسلحًا، كما أن المنطقة التي يقع بها منزله باتت منطقة عسكرية مغلقة يُمنع من القيام بأي شيء أو إحضار “باچر” للعمل، منوهًا إلى إن الطريق لمنزله غير معبدة ويصعب الوصول إليها بسبب ذلك، مستذكرًا حينما حُرِقت مركبته فإن الدفاع المدني احتاج لساعة كاملة ليصله بعد حصوله على تنسيق لدخول منزله.
ووجه عيد رسالته لكافة المؤسسات المختصة بضرورة الاهتمام ليس فقط بمنزله، إنما ببلدة بورين المحاصرة من ثلاثة مستوطنات وتتعرض لانتهاكات واعتداءات متواصلة.
بلدة محاصرة وانتهاكات مُتصاعِدة
رئيس مجلس قروي قرية بورين إبراهيم عمران بين في حديث ل” بالغراف” إن القرية تجثم على أراضيها ثلاثة مستوطنات وهي “يتسهار جنوبًا، وبراخا شمالًا، وچفعات رونين شرقًا” الأمر الذي يدلل على معاناة القرية بسبب الاستيطان، مضيفًا أن الاعتداءات التي تتعرض لها القرية هي ظاهرة قديمة جديدة فمنذ أن أقيمت هذه المستوطنات على أراضي القرية وهي تتعرض لاعتداءات وانتهاكات من قبل المستوطنين.
طبيعة الاعتداءات التي تتعرض لها القرية اختلفت بين الماضي والحاضر، وفق ما يؤكده عمران الذي يوضح بأن الاعتداءات قبل السابع من أكتوبر كانت تتم بشكل غير منظم وشبه فردي، ولكن بعد السابع من أكتوبر اتخذت هذه الاعتداءات استراتيجية جديدة حيث قطعان المستوطنين وما يُسمون بجماعات ” تدفيع الثمن” باتوا يقومون بالاعتداءات بشكل جماعي ومنظم وممنهج.
وأصاف أنه بات هناك تبادلًا للأدوار ما بين المستوطنين وجيش الاحتلال، مشددًا على أنهم لم يعودوا قادرين على التمييز بين اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال، حيث المستوطن بات يرتدي ملابس الجيش خلال تنفيذه للاعتداءات.
وتابع عمران أنهم أيضًا باتوا يقومون بمهاجمة المزارعين ورعاة الأغنام، حيث كل ما بداخل القرية يتعرض للاعتداء من شجر وحجر وبشر، مفيدًا بأن المزارع يُمنع من الوصول إلى أرضه والاهتمام بها وزراعتها ويُمنع من قطاف ثمار الزيتون، كما أن الراعي لم يعد يجد مكانًا ليرعى أغنامه بها، وذلك بسبب سياسة الحصار والاعتداءات والانتهاكات التي يفرضها جيش الاحتلال، عدا عن الاقتحامات اليومية التي يُنفذها جيش الاحتلال في البلدة، وفي بعض الأحيان يتم اقتحام القرية لأكثر من مرة يوميًا.
قرية معزولة
عمران أوضح أن القرية باتت معزولة بسبب إقامة الاحتلال لأربع بوابات حديدية وحاجز على كافة مداخل القرية، حيث يقومون بإغلاق هذه البوابات عند حدوث أي حدث وهو ما يسبب انقطاع القرية عن العالم الخارجي بشكل كامل، ما يجعلهم يشعرون وكأنهم يعيشون بسجن صغير.
إغلاق القرية ساهم في تقطيع أوصالها، إضافة إلى التأثير الكبير على سكانها من نواح عديدة، حيث أثر على سير العملية التعليمية بحيث لا تستطيع الكوادر التعليمية الوصول إلى مدارسهم في كثير من الأحيان، وعندما يحدث أي حدث لا يستطيع الطلبة أيضًا الوصول إلى مدارسهم بسبب غياب المعلمين، كما أن طلبة جامعة النجاح لا يستطيعون الوصول إلى الجامعة أيضًا كما أنهم يمكثون عدة ساعات على حاجز المربعة للوصول إلى الجامعة، بحسب ما يؤكده عمران.
وأفاد أيضًا بأن الحالة الصحية تأثرت فعيادة البلدة التي يرتادها طبيب واحد لعدة ساعات في الأسبوع إن حدث أي إغلاق في ذلك اليوم تتأثر، كما أن المرضى لا يستطيعون الوصول لمشافي مدينة نابلس، إضافة إلى أن الحالة الاقتصادية تأثرت فأصحاب المحال التجارية يتأثرون بالإغلاقات التي تحدث بالقرية.
مُصادرة للأراضي ومنع للبناء
صادر الاحتلال قبل أربعة أعوام 10 دونمات من أراضي مدرسة بورين الثانوية القريبة من ما يسمى بالشارع الالتفافي “يتسهار”، كما وقاموا قبل شهرين بمصادرة 17 دونم ومن ثم قاموا بمصادر 10 دونمات من أراضي القرية، بحسب ما قاله عمران، الذي نوه بأن مساحة أراضي القرية تبلغ 18 ألف دونم، 12 ألف دونم منها أقيم عليها مستوطنات أو مناطق “ج” التي يمنع استخدامها أو البناء بها، مشيرًا إلى أنه وعقب السابع من أكتوبر بات جيش الاحتلال يتغول في أراضي منطقة “ب” حيث ضاحية بورين الجديدة مُنِعَ الأهالي من إكمال البناء بها، كما أن للمجلس القروي خط مياه في هذه المنطقة مُنِعوا من إكماله بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة.
عمران أردف أنهم على تواصل دائم مع الإرتباط الفلسطيني وهيئة الجدار والاستيطان ولكن هذا الاحتلال هو عدو متغطرس لا يقيم وزنًا لأي إنسان، فكل طلب يقدمون له يقابل بالرفض لدواع أمنية وبحجة أن المنطقة منطقة عسكرية مغلقة ويكون الأمر غير قابل للنقاش.
وأشار إلى أنه حتى في موسم الزيتون ورغم التنسيق للمزارعين للوصول إلى أراضيهم إلا أنهم كانوا يُطردوا من أراضيهم، حيث إن ربع محصول الزيتون لم يتمكن المزارعين من الوصول إليه وقطف ثماره، وهو ما انعكس سلبًا على اقتصاد البلدة واقتصاد المزارعين الذين يعتمدون على هذا الموسم نظرًا للضائقة المالية التي يمر بها المواطنين، في ظل رواتب مجتزئة وعدم قدرة على العمل في الداخل.
عالم منافق
وأوضح عمران أن هذا العالم منافق ويكيل بمكيالين فالحق واضح والباطل واضح والظلم واضح، وسياسة القتل والتدمير وسياسة الأرض المحروقة التي يمارسها الاحتلال واضحة، مؤكدًا على اعتزازه بمواقف الشعوب التي خرجت بمظاهرات في كثير من العواصم الأوروبية، ولكن موقف الحكومات لم ولن يتغير تجاه ” إسرائيل” فهي بمثابة الإبن المدلل لهم ولأمريكا، موجهًا مناشدته للمؤسسات الدولية بأن تحق الحق وتنطق بكلمة الحق.