هيئة التحرير
بينما كان الشاب أحمد الشايب برفقة ابنه عائدًا من مكان عمله بجنين إلى بلدته برقين، فوجئ برصاص قناصة الاحتلال تجاه سيارته، ليُصابَ ومن ثم يرتقي أمام أعين طفله، في مشهد سيرسخ في ذاكرة طفله للأبد، وهو مشهد ليس الأول في فلسطين فقد شوهد مرات عديدة خلال عدوان الاحتلال على غزة، حيث أعدم الآلاف بدم بارد.
صباح أول أمس أعلن الاحتلال عملية عسكرية موسعة على مدينة جنين ومخيمها تحت عنوان ” السور الحديدي”، عملية عسكرية جاءت لإرضاء سموتريتش لمنعه من الانسحاب من الحكومة عقب توقيع إتفاقية وقف إطلاق النار بغزة وفق عدد من وسائل الإعلام العبرية، مع إمكانية توسع العملية لمناطق أخرى من الضفة المحتلة التي تشهد اغلاقات وتضييق كبير على حركة المواطنين.
ومنذ لحظة انطلاق هذا العدوان على جنين ومخيمها ارتقى 9 شهداء فيما أصيب أكثر من 40 آخرين، فيما ارتقى شهيد آخر في قرية تعنك غرب المدينة، إضافة إلى شهيدين آخرين في قرية برقين غرب المدينة، ما رفع عدد شهداء المدينة ومخيمها وقراها إلى 12 شهيدًا، رافق هذا العدوان تدمير للبنية التحتية في المدينة واعتداء ومحاصرة للمستشفيات وهي السياسة التي بات يتبعها الاحتلال خلال عدوانه على المخيمات الفلسطينية، إضافة لإجبار عشرات العائلات على النزوح من منازلهم، كما ونفذ الاحتلال عمليات اعتقال وتحقيق ميداني مع العشرات من المواطنين.
الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش أوضح في حديث ل” بالغراف” أن هذه العملية ربما رقم مئة في جنين، حيث يقومون في كل مرة بشن حملات وعمليات بأسماء مختلفة مثل ” حديقة وبيت، ومخيمات الصيف، والسور الحديدي” إضافة لوجود مناهج يكررونها لعملياتهم مثل تكتيك أو جز العشب.
وأضاف أن كافة هذه العمليات لم تؤدي إلا إلى زيادة القهر والضغط وزيادة العوامل التي تؤجج المقاومة، فهذا الشعب الذي لم يستسلم طيلة قرن كامل من الزمن، لا يمكن لعملية مثل هذه أن تُوقِفَ كفاحه من أجل حريته واستقلاله.
وبين أبو غوش أن هذه العملية يمكن أن تتوسع في طولكرم، كما أن نابلس تتعرض قراها لاعتداءات المستوطنين، إضافة للاعتقالات التي يُنَفذها الاحتلال في مختلف مناطق الضفة بما فيها قرى وبلدات الخليل، مشيرًا إلى أنها نعم عمليات واسعة ولكن ربما تركيزها في جنين ولكن هذا لا يعني أنها ستتركز فقط فيها، فهي ربما تمتمد لمناطق أخرى.
وحول الأحاديث عن إطلاق العملية إرضاء لسموتريتش يعتقد أبو غوش أن سياسيات القمع الإسرائيلية ليست مرتبطة بشخص سموتريتش بل هي سياسات منظومة احتلالية واستعمارية حاكمة، وهي لا ترتبط بأشخاص بل ترتبط بمنظومات ولذلك فإن مؤسسات الدولة بأكملها تدعم هذا العنف وترعاه وتوفر له كافة التسهيلات، فالموضوع لا يقتصر فقط على سموتريتش.
وأكد أبو غوش أن الحلقات القادمة من المجابهة مع الاحتلال ستكون محطات صعبة، وبالتالي لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يواجه هذه الحملة التي لا تهدف فقط لقمع المقاومة والقضاء عليها، بل هي تريد تصفية القضية الوطنية فلا يمكن مجابهة هذه الحملة بصفوف منقسمة كما هو الحال الآن.
وأفاد أن الحلقات القادمة ليست أقل خطورة من الحرب على غزة فما زال أمامنا محطات صعبة جدًا ومحطات تتطلب أقصى درجات الوحدة الوطنية، وهو الشيء الغائب الآن في ظل الانقسام.