مها عويس
بعد أن أنهت الشابة روان فياض من مدينة طولكرم دراستها في تخصص هندسة الحاسوب من جامعة خضوري عام 2018 وجدت نفسها ترغب في الانتقال لعالم ريادة الأعمال، فقد تبادرت لذهنها فكرة إنتاج النحل والانخراط بهذا المجال في ظل عدم توفر فرص عملٍ في السوق الفلسطيني آنذاك.
في عام 2020 وبعد دراسةٍ حثيثةٍ للمشروع بدأت روان الرحلة في عالم الريادة، حيث خاضت خلالها عدة تدريبات أهلّتها للتقدم بمشروعها، باحثةً عن كل الأدوات والأساليب التي تميزها عن غيرها فعملت على صنع تغليفاتٍ فريدة وبأسعارٍ منافسة، وبرأس مالٍ حصدته من منحة تُعطى للمشاريع الناشئة. ومن هنا أبصر مشروع “شهد العسل” النور بإصرار روان على النجاح والتقدم والخروج من دائرة الصندوق أيضًا.
سُمي المشروع بـ “شهد العسل” ليكون اسمًا مميزًا فمُرادف كلمة شهد هو العسل بذلك يكون اسمًا مركبًا ويحمل ذات المعنى في آن واحد.
في بداية المشروع واجهت روان الكثير من الصعوبات أبزرها خبرتها القليلة في إنتاج العسل وتربية النحل، إلا أن رغبتها بالتميز جعلتها تواصل العمل بالبحث عن حلولٍ لكل عقبةٍ واجهتها في بدايتها، فاستعانت في الموسم الأول بخبيرٍ بالنحل ليساعدها على تكوين الخبرة في فترة قصيرة تُمكنها في المواسم القادمة بالعمل وحدها مع خبرةٍ كافيةٍ لانطلاق المشروع.
ومن التحديات الأخرى التي واجهتها في أشهر مشروعها الأولى هي انطلاقه في ذروة جائحة كورونا، لكنها اتجهت للتسويق الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث حظي بتفاعل واسع بين الجمهور وخلال الأشهر الأربعة الأولى من الإنتاج تمكنت من بيع كل ما لديها من العسل.
استطاعت ابنة طولكرم تحدي الصورة النمطية في المجتمع بأن تربية النحل لا يقوم بها سوى الرجال لتتمكن فتاةٌ في سنها الصغير بخلق فرصة عملٍ مستقلة بفترةٍ قصيرة.
سعت روان خلال عملها على خلق ثقةٍ بينها وبين الجمهور، فقد آمنت بأن هذه الثقة هي الطريق الأساسي لنجاح المشاريع الصغيرة في بداياتها لذلك ركزت على توثيق خطوات عملها للزبائن المحتملين ليشاركوها رحلة النظر لعملية إنتاج العسل، وما الذي يحدث خلف الكواليس، فقد اتخذت هذه الوسيلة طريقةً تسويقيةً غير مباشرة تعلمتها من خلال الاجتهاد والبحث وتلقي تدريباتٍ في التسويق الإلكتروني.
بدأت روان المشروع بـ 15 خلية ثم طورتها لـ 50 خلية وتأمل بزيادتها في حال حصلت على منحة جديدة للمشروع مستقبلًا، ولم تتوقف روان عند هذا الحد بل استمرت بالعمل للوصول لحلمها والنجاح في مشروعها بإكمال دراسة الماجستير في تخصص “ريادة الأعمال الزراعية” رغم معارضة رؤساء الأقسام في جامعتها هذا التخصص لأنه لا يناسب شهادة البكالوريوس التي درستها روان سابقًا في تخصص هندسة الحاسوب، إلا أنها أصرت على حلمها وأكملت دراستها به واليوم أصبحت مُقبلة على مناقشة رسالة الماجستير.
أثر مشروع “شهد العسل” على حياة روان من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، ومع مرور الوقت ازدادت أعداد المنافسين لها، لكنها اتخذت منهم حافزًا للاستمرار في التميز والتقدم بمشروعها واستمرت في التطوير على مشروعها بتنويع طرق التعبئة والتسويق وخلق ولاءٍ للزبائن القدماء والجدد.
في عام 2024 كان لروان خطة تسويقية في شهر أكتوبر لكنها لم تتمكن من تنفيذها بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فكان التحدي بالنسبة لها أن تبقى موجودةً في السوق الفلسطيني بذات القوة رغم الظروف السياسية والاقتصادية السيئة التي قللت من نسب البيع لديها، إضافةً لصعوبة التنقل والحركة وانتشار الحواجز التي يفرِضها الاحتلال على الضفة الغربية، لتقول روان” العام السابق كان من أصعب الأعوام التي مرت علينا في إنتاج العسل”.
الوصول للأسواق الخارجية هو أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها وأن يصبح “شهد العسل” علامةً تجارية محليًا ودوليًا بفلسطين وخارجها وتتمكن من تصديره للخارج، لتثبت بأن المنتج الفلسطيني بإمكانه المنافسة عالميًا.
تعمل روان اليوم إضافةً لمشروعها الخاص في النحل ودراستها الجامعية كمدربة للفتيات اللواتي يملكن مشاريعًا خاصة بهن، لتنقل إليهن خلاصة تجربتها التي اكتسبتها طيلة السنوات السابقة بدءًا من خطوات التأسيس، وصولًا للتغلب على العقبات، لتكون نموذجًا مُلهمًا للنساء رغم كل الظروف والعقبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.