loading

مخيمات شمال الضفة الغربية: تدمير ونزوح وتغيير لمعالمها

هيئة التحرير

“بنطلعش من جنين بنطلعش ولا بنتهجر” بهذه الكلمات عبرت حاجة مسنة 83 عامًا عن إصرارها على البقاء والصمود في مخيم جنين رغم حصار الاحتلال لمنزلهم والاعتداء المتواصل. 

هدم للبيوت وحرق وتدمير للطرقات وتدمير للماء والكهرباء وشبكات الصرف الصحي وتهجير للسكان وتغيير ديمغرافي يمارسه الاحتلال في مخيمات شمال الضفة الغربية مع استمرار عدوانه لليوم الثالث والعشرون في مخيم جنين والسادس عشر في مخيمات طولكرم، فيما انسحب صباح اليوم من مخيم الفارعة بطوباس بعد عدوان استمر لتسعة أيام. 

ثلاثة وعشرون يومًا يواصل فيهم الاحتلال عدوانه على مخيم جنين والمدينة، حتى تحولت المدينة لمدينة أشباح تخلو من الحياة، فيما أُفرِغَ المخيم من سكانه تحت قوة السلاح، بينما تُعيث جرافات الاحتلال خرابًا ودمارًا في أزقة المخيم ومنازله وطرقاته. 

مساعد محافظ جنين منصور السعدي بين في حديث ل” بالغراف” أن عدوان الاحتلال يتمركز لليوم الثالث والعشرين على التوالي في مخيم جنين والمدينة، حيث أَفرغَ الاحتلال سكانه منه بقوة السلاح وهجرهم من بيوتهم قسرًا، مبينًا أن 20 ألف مواطن أخرِجَوا من بيوتهم تاركين وراءهم كافة مقتنياتهم وحتى الأوراق الثبوتية. 

السعدي أوضح أن جرافات الاحتلال وبعد إفراغ المخيم من سكانه بدأت بهدم البيوت وتوسعة الطرقات حسب خارطة هيكلية جديدة، ولم يُسمح للطواقم الطبية أو الصحفية أو المسؤولين بالدخول للمخيم، ولذلك فإنه لا يوجد أرقام دقيقة أو رواية واضحة إنما شهادة الذين أخرجوا من المخيم تتحدث عن حجم الكارثة الكبيرة. 

وتابع بأنه وخلال اليومين الماضيين بدأ الاحتلال بتجريف وهدم مباني الحي الشرقي كما حدث داخل مخيم جنين تمامًا، مفيدًا بأن المدينة لم يعد يزورها أحد أو أي مواطن من الداخل الفلسطيني، حيث محالها التجارية مغلقة إلا من بعض الصيدليات والمخابز، مؤكدًا أن الأوضاع صعبة جدًا. 

السعدي وصف ما يقوم به الاحتلال من تغيير لمعالم المخيم بالسلوك السادي والهمجي وهدفه التدمير فقط، مؤكداً أن التغيير في المخيم طال كل شيء حيث المعالم القديمة في المخيم طُمِسَت وشوارع عريضة فُتِحَت ومنازل هُدِمَت.

وأشار إلى أنه لا توجد احصائية دقيقة لعدد المنازل المهدمة ولكنها  ربما تصل ل300 منزل دُمروا بشكل كلي أو جزئي وحُرقوا وحتى هذه اللحظة فالمخيم محاصر ولا يُسمح لأحد بالدخول إليه حتى الطواقم الصحفية التي دخلت للتوثيق تم الاعتداء والتحقيق معها، مؤكدًا أنه عندما سيسمح للأهالي بالدخول سيتفاجأ الجميع من حجم الدمار غير المسبوق بالمخيم.

وأفاد السعدي بأنه تم تشكيل لجنة طوارئ عليا تتابع أمور الإيواء للاجئين للإغاثة، مضيفاً أنه بالإحصاء هناك 3500 أسرة تم تهجيرها وتطابقت الأرقام مع تقارير وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” الأونروا”، مؤكدًا أن العدوان امتد  ليصل لبلدات مجاورة في المحافظة منها قباطية واليامون والسيلية وشوارع المدينة وداخل المدينة نفسها والحي الشرقي. 

وأكد أن العدوان شل الحركة في المدينة وأغلقت مؤسسات الدولة ومدارسها، حيث 60 ألف مواطن في المدينة و20 ألف مواطن من المخيم تأثروا بهذه الهجمة بشكل مباشر، فيما سكان المحافظة البالغ عددهم 350 ألف مواطن تأثروا بشكل غير مباشر بسبب هذا العدوان المتواصل. 

وأردف السعدي بأن النازحين تم توجييهم من خلال لجنة الطوارئ العليا إلى الريف الفلسطيني حيث محافظة جنين بها 73 تجمعًا سكنيًا ما بين بلديات ومجالس قروية، حيث المواطنين ذهبوا الى أقاربهم ومعارفهم ومن ليس له مكان تولت ذلك وزارة الحكم المحلي من خلال رؤساء المجالس القروية والبلديات في البلدات المحيطة. 

وحول الاحتياجات قال السعدي بأنها تبدأ من احتياجات الأغطية والفرشات في هذا الجو البارد إلى احتياجات الملابس والاحتياجات النسائية والأطفال واحتياجات الأمراض المزمنة والأدوية مثل “السكري، والضغط” واحتياجات الغذاء اليومي وحليب الأطفال وفوط الأطفال وغيرها من الاحتياجات الأساسية. 

 وبين أن الاحتياجات كبيرة نظرًا لحجم النازحين الكبير والتي تفوق حجم قدرة لجنة الطوارئ، مشيرًا إلى أن الحكومة تدخلت ودعمت لجان الطوارئ بثلاثة آلاف طرد غذائي وُزِعت لمرة واحدة، مفيداً بأنه يوميًا هناك حاجة للاحتياجات ويسعفهم بها المجتمع المدني والقرى والبلدات المحيطة حيث الاحتياجات متجددة بشكل يومي. 

وفي طولكرم لا يختلف المشهد كثيرًا حيث عكف الاحتلال على تدمير البنية التحتية في مخيمي طولكرم ونور شمس وتهجير سكان المخيمين وهدم المنازل وحرقها وذلك لليوم السادس عشر في مخيم طولكرم والرابع في مخيم نور شمس 

محافظ محافظة طولكرم عبد الله كميل قال في حديث ل” بالغراف” إن الوضع سيء ويزداد سوءًا ساعة بعد أخرى خاصة أنهم يمارسون جرائم بكل ما تعنيه الكلمة في كلا المخيمين، حيث يتواجد الجنود داخل أزقة طولكرم ويقومون بالعبث بالمنازل وقاموا بحرق المنازل وتدمير أثاثها والتنكيل بالمواطنين ما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة منهم. 

وأكد أن مخيمي مدينة طولكرم يتعرضان لهذه الهجمة وبنفس النسق الذي قاموا به في مخيم طولكرم يقومون به في مخيم نور شمس، حيث بدأت العملية منذ أربعة أيام بقتل امرأة حامل بشهرها الثامن، ولم تتمكن الطواقم الطبية من إنقاذ الجنين نظرًا لترك المرأة لخمسة ساعات دون السماح لسيارات الإسعاف بالوصول إليها وكذلك لمدة ساعة ونصف على مقربة من المستشفى حيث رفض الإسرائيليين إدخال المرأة الشهيدة للمستشفى وكان الهدف محاولة إنقاذ الجنين. 

وبين كميل أن  أكثر من 85% من سكان المخيمين باتوا نازحين حتى هذه اللحظة، مؤكدًا أنهم يعانون من أزمة حقيقية خانقة ناتجة عن هذا الكم الكبير من النازحين، والذين يجلسون في مراكز نزوح خصصتها لهم المحافظة عبر البلديات وعبر لجان متخصصة ممتدة مع اللجنة المركزة وهي لجنة “الكرامة للإغاثة والإيواء”، إضافة لقاعات أفراح سابقة وهناك قاعات لم يتم الإنتهاء من تشطبيها وهناك مساجد وقاعات تابعة للبلديات في عدد من المناطق، إضافة إلى أن جزءًا كبيرًا منهم ذهبوا لمنازل أقارب لهم أو معارف وهناك بعض العائلات استوعبوا لديهم عددًا من النازحين. 

وأردف أن الحالة صعبة جدًا فهناك كم كبير من النازحين يقابله ضعف في الإمكانيات، حيث الإمكانيات أقل بكثير من هذا الضغط الهائل لحالة النزوح الكثيفة والجماعية، مشيرًا إلى أنه في مخيم طولكرم وبعد حوالي 12 يومًا من منع التجول والاجتياح تم بعد تدخل الارتباط العسكري دخول فرق للدفاع المدني والهلال الأحمر والصليب وقاموا بإدخال بعض الاحتياجات الأساسية للمخيم وهناك بعض المنازل لم يتمكنوا من الدخول إليها وعن طريق البيوت المتداخلة تم إدخال الاحتياجات لهم. 

وحول عدوان الاحتلال على مخيمات الضفة، أوضح أن موضوع اللاجئين مرتبط بعدة مسائل منها “الأونروا” حيث قامت أمريكا وإسرائيل بتجفيف المنابع المالية للمؤسسة عبر توقف أمريكا عن دعمها، ودعوة بعض الدول لعدم الدفع، إضافة للقرار الإسرائيلي بالتعامل مع الأونروا كمنظمة غير قانونية، مبينًا أن موضوع اللاجئين مرتبط بالمخيمات وقضية اللجوء هي جريمة أنتجها الإسرائيليون عقب النكبة وتم التعبير عنها من خلال بناء المخيمات. 

 ولفت كميل إلى أن ما يجري الآن هو تغيير لمعالم المخيمات والتعامل مع هذه الأماكن وكأنها ضواحي تابعة للمدن من خلال التغيير الديمغرافي والجغرافي في هذه المخيمات، مؤكدًا أن هذا الأمر خطير ولكن الذاكرة الفلسطينية فإن استطاعت المجنزرات أن تمحو جزءًا من المخيمات لا يمكن أن تمحو أي شئ من الذاكرة الفلسطينية مؤكداً أننا نعتمد على ذاكرتنا كفلسطينيبن ونعتمد على تاريخنا وحاضرنا وإرادتنا وانتمائنا الوطني. 

وأوضح أن هذه سادية إسرائيلية تُمارس ضد أبناء شعبنا حيث يتلذذون على تعذيبنا الناس العزل وهم الهدف الأساسي، وبنفس الوقت فالقرار الذي اتُخِذ بالهجوم على المخيمات هو قرار سياسي مرتبط بخطة، مؤكدًا أنه علينا 

 كفلسطينيين الصمود والصبر وأن ندرك تمام الإدراك بأن إرادة الشعوب لا تقهرها الدبابات ولا الطائرات ولا المجنزرات التي تقوم بكل هذا التدمير. 

في مخيم الفارعة جنوبي محافظة طوباس انسحب جيش الاحتلال من المخيم بعد عدوان استمر لعشرة أيام، صاحبه تدمير كامل للبنية التحتية ونزوح لمئات المواطنين وقطع للإمدادات الغذائية. 

رئيس اللجنة الشعبية في مخيم الفارعة عاصم منصور بين أن الاحتلال خلال عدوانه فرض على المخيم حِصارًا مُطبقًا 

ومنع للخروج والدخول، إضافة إلى تدمير البنية التحتية بشكل كامل، وانقطاع الكهرباء عن قسم كبير بالمخيم وانقطاع المياه عن المخيم بشكل كامل. 

وأكد أن الاحتلال وطوال فترة العدوان شن اقتحامات متواصلة للبيوت حيث كان يتم اقتحام البيت لأكثر من مرة وفي كل اقتحام يقومون بتخريب ممتلكات البيوت، إضافة إلى تفجيرهم لبعض المحال التجارية ونهبها، كما كان يتم منع دخول الطواقم الطبية للمخيم ومنع دخول المساعدات الغذائية إلا بالشيء القليل ما تسبب بجوع المواطنين وعيشهم بمآساة خاصة كبار السن الذين انتهت لديهم الأدوية خلال فترة العدوان. 

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة