loading

الضفة الغربية: رحلة في أرض الحواجز

ترجمة خاصة/ بالغراف

كتبت الصحفية الإسرائيلية في صحيفة هآرتس العبرية هاجر شيزيف عن واقع الضفة الغربية في ظل الحواجز الإسرائيلية وعملية الحد من تنقل الفلسطينيين تحت عنوان: “قرار واحد اتخذ في القدس أوقف الحياة في الضفة الغربية، جولة في بلاد الحواجز”:

وتابعت الصحفية شيزيف في هآرتس: شوارع تغلق بشكل مفاجئ دون أية تحذيرات، سائقون يتم التعامل معهم كمشبوهين بدون أسباب، ومشاهد سيريالية تصبح اعتيادية، قرار المستوى السياسي الإسرائيلي الشهر الماضي بإضافة عشرات الحواجز المأهولة في الضفة الغربية، إلى جانب الحواجز الموجودة من بداية الحرب، دفعت بالفلسطينيين للبحث عن طرق بديلة للعيش.

الساعة كانت الثامنة والنصف صباحاً، على مخرج قرية ترمسعيا طابور طويل من المركبات، السائقون الذين نفذ صبرهم ينتظرون على الحاجز الذي يربط قريتهم مع الشارع الرئيسي حتى يقوم الجنود الإسرائيليين على الحاجز بفحص هوياتهم، في السابق لم يكن هنا حاجز، كان الجنود أحياناً يوقفون المركبات التي كانت تصنف مشبوهة، ولكن الآن تغير كل شيء، إنها مرحلة تزايد عدد الحواجز، وكل شخص متهم حتى يثبت عكس ذلك، نضال البالغ من العمر 33 عاماً، ويعمل معلم للغة العربية في مدرسة في رام الله قال وهو في حالة من الإحباط:” طلابي ينتظروني منذ ساعة، وهذا يحدث مرة أو مرتين في الأسبوع”.

مثل الكثير من الفلسطينيين، الحواجز التي أقيمت في الضفة الغربية منذ بداية الحرب على غزة غيرت نظام حياته بشكل دراماتيكي، الشهر الماضي ترك نضال قريته دير جرير بعد أن أغلق الجيش الإسرائيلي مدخلها بشكل كامل، واستأجر مع زوجته الحامل منزل في ترمسعيا لقربها من مكان عمله، ولكن حتى هذا لم يساعد، غالبية الحواجز في الضفة الغربية ليست حواجز دائمة، الطريق التي كانت مغلقة بالأمس، ستكون مفتوحة اليوم، والعكس صحيح، بالتالي من الصعب على الفلسطيني تخطيط حياته كونه لا يعرف متى يمر ومتى يتم تأخيره، وقل نضال مرّة أخرى:” بالأمس انتظرت أربع ساعات، قبل أسبوعين سافرت لتركيا، في طريق العودة من معبر النبي استغرقت رحلة العودة 11 ساعة، في الوضع الطبيعي تستغرق ساعة.

في أعقاب حالة الإحباط يدرس نضال وزوجته الذهاب لأبعد من ذلك، وقال في هذا السياق:” لزوجتي جنسية أمريكية، نريد الهجرة من هنا، الوضع العام سيء بدون كل ما يجري، ولكن في السابق لم يكن لدينا حتى التفكير في الهجرة”.

وتابعت الصحفية الإسرائيلية حول موضوع الحواجز:

 الحواجز المؤقتة كحاجز ترمسعيا شكل واحد من عدة أشكال التي تغير شكل حياة الفلسطينيين في الضفة العربية، كما يوجد بوابات حديدية في مختلف نواحي الضفة الغربية تفتح وتغلق هي الأخرى حسب تعليمات الجيش الإسرائيلي، وحواجز ترابية أو باطون تغلق بشكل كامل، الوصول للقرى يكون عبر طرق ترابية، وكذلك الحواجز التقليدية التي تربط بين الضفة الغربية وإسرائيل كان يمر من خلالها قبل الحرب (160) ألف عامل يحملون تصريح عمل، ومنذ السابع من أكتوبر العبور منها ممنوع.

الحاجز هو الرسالة 

التغبير الكبير كان في شهر يناير الماضي عندما أصدر المستوى السياسي الإسرائيلي بتفعيل عشرات الحواجز على الشوارع الموصلة للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، هذا إلى جانب الحواجز التي نشرت فيها منذ بداية الحرب، القرارات صدرت عن الكبنيت السياسي الأمني المصغر بحجة منع التصعيد في أعقاب الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في إطار صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مع حركة حماس.

إلى جانب الحواجز العسكرية، أغلق الجيش الإسرائيلي مداخل بعض القرى بالبوابات الحديدية فمنع من سكانها الخروج مباشرة للشوارع الرئيسية، وبهذه الطريقة يتم توجيه حركة المرور للشوارع التي يوجد عليها نقاط تفتيش، والانتظار على هذه الحواجز هو نهاية رحلة شاقةعبر الطرق الالتفافية.

الحواجز الإسرائيلية ليس فقط حولت حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية لكابوس، بل أوجد شبكتين من الطرق، واحدة للمستوطنين والثانية للفلسطينيين، شبكة الطرق الخاصة بالمستوطنين هي الأفضل، وهي الطرق الرئيسية التي استثمرت فيها إسرائيل مبالغ مالية كبيرة في السنوات الأخيرة، ويستخدمها الفلسطينيين والمستوطنين في الظروف العادية، الفلسطينيون مجبرون على استخدم الشبكة الأخرى من الطرق، والمعروفة فقط لهم، والتي تربط بين المدن والقرى الفلسطينية وهي طرق متعرجة.

وتنقل هآرتس رواية من أحد الجنود الإسرائيليين على حاجز ترمسعيا: الحاجز أقيم بعد أن تم القاء الحجارة من القرية على المركبات الإسرائيلية على الطريق الرئيسي، وبواسطة الحاجز ينقل الكبار رسالة للصغار بأنه من غير المجدي القاء الحجارة.

ليس بعيداً عن الحاجز، ينتظر لؤي وبيسان حميد مع خمسة أطفال من قرية كفر مالك، وصلوا لحاجز ترمسعيا بعد أن أغلق الجيش الطريق الموصل للشارع الرئيسي من قريتهم، لؤي قال:” قبل الحرب الطريق للعمل كانت تستغرق ربع ساعة، اليوم تستغرق ساعة ونصف، وطريق العودة من العمل تستغرق نفس الوقت”.

بيسان قالت: الجنود إلى جانب فحص الهويات يقومون بتصوير الوجوه وأرقام المركبات، وحسب هآرتس هذه الصور للوجوه وأرقام المركبات يستخدمها الجيش الإسرائيلي في نظام “الذئب الأزرق” وهي قاعدة بيانات يتمكن الجيش من خلال الصور وأرقام المركبات التعرف على صاحبها، ومن خلال الحديث مع الفلسطينيين سكان المنطقة قالوا هناك ظاهرة تظهر بين الفينة والأخرى، التأثير الاقتصادي القاسي لهذه الحواجز، وثائق المنظمات الدولية، ومنها تقرير البنك الدولي الصادر في ديسمبر من العام الماضي، التقرير أشار لتراجع العمليات الاقتصادية في الضفة الغربية بنسبة 23% في النصف الأول من العام 2024 بسبب الحد من حركة الفلسطينيين، ومنع العمال الفلسطينيين من العمل في الداخل، بالإضافة إلى الاقتطاعات من أموال الضرائب الفلسطينية التي تتم بناءً على أوامر وزير المالية الإسرائيلي سموتريش.

وعن موضوع العمال الفلسطينيين جاء في تقرير هآرتس: أنس البالغ من العمر 19 عاماً يقول:” نحن توقفنا عن العمل، أقف على الحاجز منذ ساعتين، كل يوم هكذا” يقول أنس، “وعندما يطول الانتظار على الحاجز بكل بساطة أعود للبيت”، وأوردت صحيفة هآرتس شهادات أخرى عن معاناة العمال والتجار والموظفين على الحواجز التي لا يعلم أحد متى تكون سالكة ومتى تكون مغلقة، ومختصر تلك الشهادات، المسافة التي كانت تستغرق ربع ساعة، اليوم قد تحتاج ساعتين.

وتابعت هآرتس: حالياً هناك من يحاول استغلال الوضع وتحقيق قدر ما يستطيع من المرابح، يبيعون القهوة في ساعات الذروة على الحواجز، وهناك من يحاول بيع العطور للسائقين خلال انتظارهم لعمليات فحص هوياتهم، أو حتى يغادر الجنود الموقع.

النقل من الجدار:

الحواجز الإسرائيلية تعيد تشكيل حياة الفلسطينيين في أكثر من وسيلة، الدليل الصارخ على ذلك هو حاجز الباطون الذي أقيم على مدخل قرية الحص، عشرات الأمتار من حاجز يفصل بين القدس والضفة والغربية، بعد عملية الإغلاق تحولت جانبي الحاجز لكراج مركبات، سكان القرية يسافرون بمركباتهم حتى الحاجز، من ثم يعبرون سيراً على الأقدام، ويستقلون مركبة أخرى من الجانب الآخر للحاجز، أو الانتقال عبر المواصلات العامة.

في ساعات بعد الظهر، البقاء لفترة قصيرة على الحاجز غير المشغول بجنود إسرائيليين يكشف مشاهد سيريالية، شاب ينقل لسيدة سلة فيها طفل من فوق حاجز الباطون، وآخر يجر بضاعة من بين فتحات حاجز الباطون، وثالث يمر سيراً على الأقدام بعد يوم عمل، محمد أبو سرحان قال: عبور الحاجز على الأقدام يعني مغادرة البيت في الساعة الخامسة صباحاً.

ويروي تقرير هآرتس قصة عائلة فلسطينية الزوج من العبيدية والزوجة من القدس ولديهم أبناء كانوا يجلسون في مركبة في موقف المركبات على الحاجز، قبل الحرب كان للزوج تصريح عمل في القدس، وبغطاء تصريح العمل كان يسكن مع عائلته في القدس، هذا الترتيب الذي لم يكن قانونياً بالكامل لم يعد متاح بعد الحرب، وهذه الجزئية أهم من موضوع البحث عن مصدر رزق، المتزوجون من مقدسيات يخافون القبض عليهم بدون تصاريح، ويقول الزوج عن عائلته، هم يعيشون في القدس، يأتون هنا لمقابلتي ويأتون لي بالطعام أيضاً.

النقل إلى الجدار:

الحواجز خلقت خدمة جديدة لمن يرغبون بالمخاطرة، وكانت موجودة خلال الأزمات، النقل مدفوع الأجر للعمال من منطقة الجدار إلى منازلهم، وهنا لا يوجد خيارات، الخدمة تقدم لكل من يذهب ويعود طواعية، وللمعادين على يد الجيش الإسرائيلي ممن حاولوا المرور، لهؤلاء ينتظر مجموعة من السائقين، ومن ساعات الصباح الباكر على الحاجز الذي يوصل لقرية رنتيس في منطقة رام الله.

 سامي أبو سالم، عامل في منطقة العاد منذ نشأتها وحتى بداية الحرب ، الآن هو أيضاً يحاول الاسترزاق من النقليات، وقال في هذا الإطار:” بالأمس كنت هنا من الساعة 7:00 وحتى الساعة 23:00 في النهاية أخذت شخص لحوارة، دفعت 100 شيكل ثمن بنزين، دفع لي 120 شيكل، وهناك أيام لا أحصل ولو شيكل واحد.

 صديق سامي اسمه علي قال: حتى بداية الحرب كان لدي مطعم حسب التعاليم الدينية اليهودية/كوشير في الميدان خلف الحاجز، حتى المستوطنين كانوا يأتون إليه، وتابع علي:” استثمرت في المطعم كل حياتي، منذ السابع من أكتوبر وهو مغلق، وأنا غارق في الديون، هذا الوضع عاد بنا 20 عاماً للوراء”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة