loading

نظام التصاريح الإسرائيلية نظام للسيطرة على حياة الفلسطينيين !!

ترجمة خاصة لبالغراف

عن السياسية الإسرائيلية المتعلقة بمنح التصاريح الزراعية للفلسطينيين أصحاب الأراضي في منطقة التماس (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) كتب يحزقيل لين الذي شغل في السابق مدير الأبحاث في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة (OCHA) في الموقع العبري سيخا مكوميت:

في هذه الأيام الانتباه مركز حول صفقة تبادل الأسرى ومستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في المقابل هناك عمليات هدم ممنهجة تتم في المناطق تحت السيطرة الفلسطينية في الضفة الغربية، وفي شمال الضفة الغربية بشكل خاص، تدمير للبنى التحتية، وعمليات تهجير للمواطنين، وهذه العمليات لا تتم من خلال عمليات التفجير والبلدوزرات فقط بل من خلال إجراءات بيروقراطية رمادية.

قبل عدة أيام، ورداً على قضية مرفوعة من مركز هموكيد للدفاع عن الفرد، أبلغت الدولة الإسرائيلية المحكمة العليا الإسرائيلية إنها لن تسمح لغالبية المزارعين الفلسطينيين الدخول لأراضيهم الموجودة في منطقة التماس بين الجدار الفاصل والخط الأخضر، مع العلم أن مساحة هذه الأراضي تساوي 9.5% من مجمل مساحة الضفة الغربية، حيث ألغيت التصاريح بشكل جماعي بعد السابع من أكتوبر، وكانت من المفترض أن تجدد بالتدريج، ولكن على ما يبدو أن الدولة تراجعت عن وعودها.

إسرائيلياً هذا القرار اعتبر قراراً عادياً جداً، حتى لم يتم التطرق له في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولكن لهذه الاعتيادية للقرار انعكاسات تدميرية في الميدان، منع المزارعين الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم خلف الجدار يعني الإضرار بمصدر رزق عشرات آلاف العائلات الفلسطينية، ويشكل القرار أيضاً هدم وتدمير لنسيج حياتهم، ويعمق حالة اليأس والرغبة في الانتقام.

الجدار الفاصل جزء منه باطون وقسم آخر أسلاك شائكة، أقيم منذ أكثر من عقدين من الزمان، والتزمت الدولة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية في حينه بأن الإضرار بالفلسطينيين سيكون “محسوب”، لهذا كان القرار بأن كل فلسطيني يمتلك أرض في منطقة التماس يسمح له الدخول وفق تصاريح خاصة، والمنع هنا على المواطنين الفلسطينيين فقط، بينما اليهود يحظون بحرية الحركة في تلك المنطقة.

نظام التصاريح التي تعمل به السلطات الإسرائيلية أكبر من نظام إداري –أمني، بل هو أداة رئيسة إسرائيلية في السيطرة على حياة الفلسطينيين، من خلال تلك التصاريح تكون طريقة للمتابعة والمراقبة، وتستخدم تلك التصاريح للابتزاز وتجنيد العملاء أيضاً، وكل تصريح خاضع لموافقة جهاز الشاباك، والذي يمكنه رفض التصاريح بدون تقديم مبررات، كما يطلب من أصحاب الأراضي إثبات ملكيتهم لتلك الأراضي وفق الاشتراطات الإسرائيلية الصارمة، سبب بات الأكثر استخداماً لرفض التصاريح للفلسطينيين إلى منطقة خط التماس.

في إطار القضية التي رفعها مركز هموكيد أعلنت الدولة إنها ستمنح تصاريح لأصحاب البيوت البلاستكية ومزارعي الخضروات، وهؤلاء يشكلون 5% من أصحاب الأراضي في منطقة التماس، بحجة أنهم هم وحدهم بحاجة للعمل بشكل يومي، وغالبية المزارعين أصحاب كروم زيتون بالتالي يمكنهم تقديم طلبات تصاريح في موسم قطف الزيتون، وهذا يعني أن كل مزارع يمكنه الوصول لأرضه لأسابيع في العام، هذا إن فتحت إسرائيل البوابات الزراعية، وشريطة ألا يقوم المستوطنين بإحباط عملية دخول المزارعين.

مع العلم أن كروم الزيتون تحتاج لرعاية دورية من حراثة وتقليم طوال العام، والإجراءات الإسرائيلية تعيق ذلك، وحسب تقارير مؤسسة أوتشا التابعة للأمم المتحدة، قبل الإجراءات الإسرائيلية الحالية، إنتاجية موسم الزيتون تراجعت 60% على الجانب الفلسطيني من الجدار، وكل هذا بسبب الإجراءات الإسرائيلية ومنع المزارعين من الاعتناء بكروم الزيتون الخاصة بهم، وخاصة إزالة الأعشاب، والتي أدى عدم إزالتها لاحتراق كروم زيتون في بلدة قفين.

المستوطنون يستغلون حرية الحركة التي يتمتعون فيها في منطقة التماس لسرقة المحاصيل الزراعية، وتحويل الأراضي خلف الجدار لمكبات نفايات، واستخدامها كمراعي، والمزارعين الذين يحصلون على تصاريح لجمع المحاصيل لا يجدون ما يجمعون بسبب ممارسات المستوطنين.

كل هذا الثمن المدفوع من الفلسطينيين هو ثمن الوضع الأمني المعاش، إسرائيل لم تقدم أي دليل على علاقة أيٍ ممن يحملون تصاريح زراعية في أعمال المقاومة، كل من يتقدم بطلب تصريح زراعي يخضع لفحص دقيق من قبل جهاز الشاباك الإسرائيلي، وفحص آخر عند كل مرة تفتح البوابات للدخول للمنطقة، ومن يخطط لتنفيذ عملية يمكن العثور على طرق أخرى، يمكنه الدخول من فتحات الجدار، أو من خلال الحواجز التي تستخدم لمرور الإسرائيليين، ما يؤكد أن المنطق الأمني الإسرائيلي ومبرراته غير مقبولة.

وتابع الموقع الإخباري سيخا مكوميت حول سياسة منح التصاريح الزراعية لمنطقة التماس: هناك من يدعي أن منع الدخول المطلق لأراضي تخضع لنظام منح التصاريح نفسه جاء ليشكل نظام مراقبة، وتبعية وابتزاز، بالتالي هذا ما يحقق التخلي عن الزراعة والذي هو جوهر كل مشروع استعماري استيطاني للسيطرة على الأرض.

القانون العثماني من العام 1858 والذي تطبقه إسرائيل بشكل دقيق في الضفة الغربية، والذي يعطي الدولة اعتبار كل أرض لم تستغل على مدار ثلاث سنوات أراضي دولة ومصادرتها، ومنذ قرار المحكمة العليا في قضية ألون موريه في العام 1979 أصبحت هذه الآلية الرئيسية التي سيطرت فيها إسرائيل على مئات آلاف الدونمات من أجل إقامة المستوطنات وتوسعتها.

سياسية إفراغ منطقة خط التماس من الفلسطينيين تتناسب مع خطاب التطهير العرقي في المجتمع الإسرائيلي، والذي حصل مؤخراً على دفعة بعد مواقف شخوص إدارة الرئيس الأمريكي ترمب، والتطهير العرقي لم يعد فقط احتمال افتراضي، بل يتم تحقيقه بطرق مختلفة، في العام والنصف الأخيرة اقتلع 1.5 مليون مواطن من غزة من بيوتهم تحت غطاء الحرب، وعشرات آلاف آخرين هجروا من مناطق C في الضفة الغربية، ومن المخيمات شمال الضفة الغربية على يد الجيش والمستوطنين.

وختم الموقع العبري تقريره عن سياسية منح التصاريح كوسيلة من وسائل التطهير العرقي من قبل السلطات الإسرائيلية: الظلم في موضوع منع الدخول للأراضي في منطقة التماس إلا بتصاريح يمكن إصلاحه، عبر منح حرية الدخول لكل فلسطيني يريد الوصول لأرضه، ويكون خاضع لعمليات فحص أمنية على بوابات منطقة الجدار دون حاجة للحصول على تصاريح، مثل هذا الإصلاح ينقذ فترة جمع المحاصيل، خطوة كهذه ستعود بالفائدة على أعداد كبيرة من العائلات الفلسطينية، وستكون خطوة رمزية وعادلة للسكان.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة