بشار عودة
وسط الركام والدمار الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 16 شهرًا على قطاع غزة، يجد الآلاف من الفلسطينيين أنفسهم بلا مأوى، يواجهون الموت البطيء في ظروف معيشية قاسية لا تليق بالبشر.
ومع استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق، تتفاقم المعاناة، حيث لجأ كثيرون إلى أماكن غير صالحة للحياة، مثل مكبات النفايات، هربًا من القصف والدمار.
سميحة أبو زبيدة، مسنة من شرق مخيم البريج، فقدت منزلها جراء القصف الإسرائيلي، وبعد إعلان الهدنة، حاولت العودة إلى موقع منزلها المدمر لإقامة خيمة، لكنها تفاجأت بإطلاق النار عليها من قبل قوات الاحتلال، ما أجبرها على النزوح مجددًا.
تقول المسنة أبو زبيدة بأسى لـ “بالغراف”:”اضطررت للعودة إلى المكان الذي نزحت إليه خلال الحرب، إلى خيمتي التي أقيمت وسط مكب نفايات غرب مخيم النصيرات. هنا، نعيش في ظروف مأساوية، وسط روائح النفايات القاتلة، وانتشار القوارض والحشرات التي تهدد حياتنا يومًا بعد يوم”.
وتضيف :” نكافح للبقاء وسط البرد القارس، حيث تقتلع الرياح خيمتنا مع كل منخفض جوي يضرب القطاع، ولا نملك ما يحمينا سوى إغلاق باب الخيمة لنحصل على بعض الدفء. هكذا نعيش منذ أكثر من 16 شهرًا”.
لم تتوقف معاناة السيدة المسنة عند البرد والجوع فقط، بل امتدت إلى مشاكل صحية خطيرة، حيث تعاني من ضيق في التنفس بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من المكب، فضلًا عن انتشار الأمراض الجلدية بين أفراد أسرتها.
وتضيف بحزن لـ “بالغراف”: “حتى الكلاب والقطط التي تأتي من المكب باتت تشكّل خطرًا علينا”.
أما المواطن أبو أدهم، فهو أحد النازحين الذين أُجبِروا على الإقامة في مكب النفايات بسبب استحالة العودة إلى منزله، حيث تقع منطقته ضمن “المناطق الحمراء”، التي يمنع الاحتلال الفلسطينيين من دخولها.
يقول بحسرة لـ “بالغراف”:”نعيش هنا لأنه لا يوجد أي مكان آخر، على الرغم من خطورة المكان بسبب انتشار الأمراض والروائح الكريهة. وفي الليل، تنتشر الكلاب الضالة والمتوحشة، والروائح تصبح لا تُطاق، لكن لا يوجد بديل، فغزة كلها مدمرة”.
يطالب أبو أدهم العالم بأن ينظر إليهم بعين الرحمة، وأن يتحرك لإنهاء معاناتهم المستمرة، وسط أزمة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، ومع استمرار الحصار، تتفاقم الأوضاع.
في السياق ذاته، حذرت بلدية غزة من “كارثة صحية وبيئية كبيرة” بسبب آلاف الأطنان من النفايات في الشوارع والمكبات المؤقتة”، إثر منع إسرائيل طواقم البلدية من الوصول للمكب الرئيسي قرب الحدود الشرقية للمدينة، إضافة لتدمير معظم آلياتها خلال أكثر من 16 شهرًا من العدوان.
وقالت البلدية، في بيان لها، أن مدينة غزة تعيش كارثة صحية وبيئية كبيرة بسبب تراكم نحو 170 ألف طن من النفايات في الشوارع والمكبات المؤقتة، وذلك بسبب منع الاحتلال لطواقم البلدية من الوصول للمكب شرق المدينة، وتدمير الاحتلال لنحو 80% من آليات البلدية”.
وأوضحت البلدية في بيانها أنها نفذت حملة لجمع وترحيل النفايات من شوارع وأحياء المدينة إلى مكبات مؤقتة.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل منع طواقم بلدية غزة من الوصول للمكب الرئيسي في منطقة جحر الديك قرب الحدود الشرقية، مما تسبب بتراكم النفايات داخل المدينة، وفق بيانات سابقة للبلدية.