ترجمة خاصة لبالغراف
كثيرة هي التسميات التي يطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على اقتحاماته وعملياته العسكرية في الأحياء والمباني المأهولة في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية لاعتقال من يسميهم مطلوبين، أو حتى يستخدم هذا الإدعاء لتبرير جرائمه، وتهدف هذه الإجراءات وهذه التسميات للتنصل من المسؤولية عن جرائم قتل ينفذها خلال تلك العمليات التي يصفها بالأمنية، تحت إدعاء استنفاذ كل الوسائل، من هذه الإجراءات إجراء “الجار”، وإجراء “طنجرة الضغط” و “إجراء تفجير الباب”، والذي ارتقت بفعلة الشهيدة رهف الأشقر 21 عاماً من مخيم نور شمس.
عن استشهاد رهف الأشقر كتب الصحفيان الإسرائيليان في صحيفة هآرتس العبرية جدعون ليفي والكس ليبك: (17) شخصاً يتحركون في بيت واحد بفعل تهديدات الجيش الإسرائيلي، جنود إسرائيليين اقتحموا فناء البيت، وضعوا فيه عبوة متفجرة، رهف الأشقر 21 عاماً قتلت أمام والديها، والدها الذي حاول إنقاذها جرح، العائلة أجبرت على مغادرة المنزل دون أن تعلم ما تبقى منه.
وتابع الصحفيان الإسرائيليان في هآرتس: كفاح الأشقر تمكنت من تخليص ثلاثة أشياء من منزلها، بعد أن فجر الجنود الإسرائيليين عبوة في فناء البيت، وقتلوا ابنتها أمام ناظريها، وجرحوا زوجها، بعض الملابس لابنتها التي قتلت، والوثائق الخاصة بالعائلة، والببغاوان في القفص اللواتي احبتهن ابنتها، وكل ما هو غير ذلك اضطرت لتركه خلفها، بعد شهرين من اضطرارها لترك منزلها لا تعلم ما تبقى منه إن فعلاً تبقى منه شيء، المؤكد أن المطعمين المملوكات لزوجها دمرتها الجرافات الإسرائيلية.
طيف ابنتها يلاحقها، سبعة عشر شخصاً بينهم أربعة أطفال كانوا في البيت عندما وضع الجنود الإسرائيليين الأسلاك الكهربائية وفجروا العبوة في فناء المنزل، رهف الأشقر ابنة ال 21 عاماً تمكنت من الصراخ لأبناء العائلة عندما شاهدت الجنود يضعون أسلاك الكهرباء المتعرجة في فناء المنزل، بعدها كان الانفجار الضخم وقتلت رهف على الفور.
وعن استشهاد رهف كتبت الصحفيان الإسرائيليين، وجهها وجسدها مليئ بالكدمات حتى بات من الصعب التعرف عليها، جسمها غرق ببركة من الدماء، جثمانها بقي في صالون المنزل لساعة كاملة، والدها الذي حاول إنقاذها جرح في ظهرة.
هكذا يقتحم الجيش الإسرائيلي منازل المواطنين في المخيمات في الضفة الغربية، قبل كل شيء يضعون عبوات دون أي تحذير، على عكس أكاذيب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، ولاحقاً يقتحمون البيت الذي وَجِدَت ثلاث عائلات فيه ملجأ من تهديدات الجيش الإسرائيلي.
مخيم نور شمس كسابقيه مخيم طولكرم ومخيم جنين تحول لمخيم أشباح منذ اقتحامه من قبل الجيش الإسرائيلي قبل حوالي الشهرين، وحتى الآن لم يغادره، لا أحد مهتم بمصير 40 ألف مهجر من المخيمات الثلاثة، وكل هذا يجري بغطاء الحرب على قطاع غزة.
وتابع الصحفيان الإسرائيليان سرد قصة معاناة عائلة الأشقر: في بيت صغير في حي “الكفا” في طولكرم، بيت عائلة ريهام، توجد فيه عائلتان أخريات يعايشن حالة الحداد على رهف، في مركز غرفة الصالون وضعت صورة كبيرة لرهف التي التقطتها قبل شهرين من مقتلها، ترتدي فيها الزي الفلسطيني المطرز باللون الأحمر، شقيقتها تضع بجانب الصورة قفص الببغاوات الخُضر، الهدية من عمة رهف.
لكفاح وزوجها فؤاد كان خمسة بنات وولدان، كانوا يعتاشون من مطعمي حمص وفلافل في مخيم نور شمس، الأول في مركز المخيم، والثاني على أطراف المخيم للمارة، الحمص الذي حضّره فؤاد ليلة الكارثة التي حلت بهم بقي في المخيم.
وعن تفاصيل ليلة استشهاد رهف كتب الصحفيان ليفي ولبيك: الساعة 11:00 ليلاً كانت رهف جالسة في صالون المنزل، سمعت أصوات من جهة فناء المنزل، من خلال الشقوق في شباك الصالون شاهدت الجنود يدخلون فناء المنزل، ويضعون أسلاك كهرباء في فناء المنزل، أبناء العائلة الذين تحدثوا مع هآرتس ومع محقق منظمة بتسيلم عبد الكريم السعدي قالو: الجنود لم يعطوا أي تحذير، لا عبر مكبر صوت، ولا بأي طريقة أخرى، رهف اعتقدت أن الجيش سيفجر المنزل على رؤوس ساكنيه، أصيبت بالرعب، ونادت أبيها:” أبي انظر أنهم سيفجرون المنزل”، في ذات اللحظة سُمع انفجار هائل.
رهف تمكنت من الصراخ “ساعدوني” وفؤاد الذي أصيب بجروح من الشظايا قال سمعتها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وبعدها صمت مطبق، ومن كمية الدم التي نزفت من جسدها كان واضح إنها ماتت، وانفجر سكان المنزل بالصراخ.
بعد التفجير دخلوا الجنود الإسرائيليين للمنزل، أبناء العائلة صرخوا عليهم لماذا قتلتموها، الجنود طلبوا منهم استدعاء مركبة إسعاف، وطلبوا من الرجال الخروج من المنزل مع بطاقات الهوية، أوس ابن ال 21 عاماً اعتقلوه، ولازال من يومها في الاعتقال الإداري بدون محكمة لمدة ستة شهور.
الجنود لم يقدموا أي مساعدة طبية لفؤاد الجريح، تأكدوا من توقف نبض رهف، بعد نصف ساعة وصل الإسعاف بعد تنسيق مع الجيش الإسرائيلي، مركبة الإسعاف لم تتمكن من الدخول بسبب تخريب الجيش للطرقات، ودخل تكتوك تابع للهلال الأحمر وحمل جثمان رهف ووالداها الجريح، فؤاد بقي في المستشفى أربعة أيام، والأم كفاح بدون ابنتها المتوفية لتسعة أيام، وبدون زوجها الجريح في بيتها المفجر، ولم يتمكنوا من الخروج منه، في يوم الثلاثاء جاء الجنود الإسرائيليين وطلبوا منهم مغادرة المنزل خلال ساعتين، وهم أيضاً خرجوا على تكتوك الهلال الأحمر.
الجيش الإسرائيلي كان يرفض دفن رهف، وبعد أن وافق شريطة أن تذهب من ثلاجة الموتى للمقبرة مباشرة ودون المرور بمنزل العائلة ولا المسجد كما جرت العادة، وبحضور العشرات فقط، ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن والداها من زيارة قبرها بسبب تواجد الجيش الإسرائيلي في المخيم.
تعليق الجيش الإسرائيلي على مقتل رهف لهآرتس:” الجيش الإسرائيلي فتش منزلاً كان معروفاً لقوات الجيش أنه يسكن فيه مخرب خلال عملية الجيش الإسرائيلي في المخيم، قبيل اقتحام المنزل طلب الجنود من سكان المنزل الخروج، بعد عدم خروج سكان المنزل اضطر الجنود لتفجير باب المنزل، من الانفجار أصيبت سيدة التي لم تخرج رغم النداءات، الجيش نسق بسرعة لوصول الهلال الأحمر الفلسطيني لتقديم العلاج، وتمت الموافقة على تشيعيها مع تلقي طلب من طرف السلطة الفلسطينية”.
وهنا وجب التنويه أن الصحفيان الإسرائيليان من هآرتس العبرية وصفوا رواية الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكذب الفاضح، حيث تتنافي الرواية الرسمية للجيش مع رواية عائلة الشهيدة رهف للصحفيان الإسرائيليان ولباحث المنظمة الحقوقية الإسرائيلية بتسيلم عبد الكريم السعدي.