بشار عودة
للعام الثاني على التوالي، يستقبل المواطنون في قطاع غزة عيد الفطر في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية، حيث حلّت مشاهد الألم والمعاناة محل أجواء الفرح والاحتفال.
كانت غزة في الأعوام السابقة تتزين بالمصابيح والألوان الزاهية، وتضج أسواقها بالحياة، فيما تستعد العائلات لاستقبال العيد بصنع الكعك وتبادل الزيارات. أما اليوم، فقد باتت الفرحة غائبة، وحلّ الحزن محل البهجة، بعدما خطفت الحرب كل مظاهر العيد.
في منزلها الذي لم يعد كما كان، تجلس السيدة نادية السلموني، التي اعتادت كل عام على تحضير كعك العيد برفقة بناتها وسط أجواء مفعمة بالحب والسعادة.
تقول بألم عن التغييرات القاسية التي فرضتها الحرب، لـ “بالغراف” :”في السابق، كنت أخبز الكعك وأوزعه على الأهل والجيران، وكنا نستمتع بمذاقه مع ضيوفنا. أما الآن، فحتى أبسط المكونات غير متوفرة، ولم يعد لدينا منازل نستقبل فيها الأحبة، فقد دُمّرت بيوت الكثير من أقاربنا وأصدقائنا”.
أما المسنّة الفلسطينية حربة سلامة، فتجلس أمام فرن طيني في أحد مراكز الإيواء، تحاول إشعال النار وتحضير القليل من كعك العيد بمواد شحيحة، وكأنها تسابق الزمن لاستعادة لحظات الفرح الماضية.
تتذكر العيد قبل عامين، قائلة:”كان لدينا بيت دافئ، نستعد فيه للعيد بشراء الحلوى والملابس الجديدة للأطفال، ونستقبل الأهل والجيران. أما اليوم، فنحن نعيش في ظروف قاسية، نفتقد فيها كل شيء، حتى أبسط مقومات الحياة”.
وتروي بحسرة أم رياض، وهي أم لخمسة أطفال، كيف تحول العيد من مناسبة للفرح إلى يوم آخر من المعاناة، قائلة:”لم أتمكن من تحضير أي شيء للعيد، لا يوجد دقيق ولا سكر، وحتى لو توفر، فأسعاره مرتفعة جدًا. فبالكاد أجد ما أُطعم به أطفالي”.
وتضيف بحزن أن أطفالها كانوا ينتظرون العيد ليخرجوا إلى الحدائق والأسواق، أما اليوم، فقد أصبحت أجواء العيد يسودها الحزن والخوف، حيث لم تعد هناك أماكن للتنزّه، ولا أمان للخروج.
وبدعم أميركي مطلق، يرتكب الاحتلال، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 163 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.