loading

حرب متواصلة على التعليم.. مئات الطلبة المقدسيين مهددون بفقدان مقاعدهم الدراسية

محمد عبد الله

قرابة ألف طالب مقدسي، يدرسون في 6 مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في المناطق الخاضعة لسيطرة بلدية الاحتلال في القدس، قد يجدون أنفسهم في الطرقات بعيدًا عن مقاعدهم الدراسية، بعد إخطار سلطات الاحتلال الإسرائيلي هذه المدارس بإغلاقها خلال مهلة 30 يومًا.

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح يوم الثلاثاء 8 نيسان 2025، مدرسة البنات التابعة لوكالة “الأونروا” في مخيم شعفاط شمال شرق القدس، وسلّمت مديرة المدرسة أمرًا عسكريًا يقضي بإغلاق المدرسة بدءًا من الثامن من أيار 2025.

وبحسب متابعة “بالغراف” فإن مدرستين في مخيم شعفاط، ومدرسة في صور باهر، وفي سلوان، ووادي الجوز، وباب المغاربة، والمعهد العربي في مخيم قلنديا، قد تلقت أوامر مشابهة من سلطات الاحتلال.

وفي السياق، قال المفوض العام لوكالة “الأونروا” فيليب لازاريني في منشور عبر حسابه الرسمي في منصة “إكس”، إن مسؤولين إسرائيليين من بلدية القدس، اقتحموا برفقة قوات الأمن الإسرائيلية، 6 مدارس تابعة للأونروا في القدس، وقاموا بتسليمها أوامر إغلاق خلال 30 يومًا.

وأفاد لازاريني، أن مدارس الأونروا في القدس المحتلة تعد منشآت تعليمية تقدّم التعليم لأطفال لاجئي فلسطين، وحوالي 800 طالب وطالبة سيتأثرون بشكل مباشر بهذه الأوامر، ومن المرجّح بأن لا يتمكنوا من إكمال عامهم الدراسي، بالرغم من أن مدارس الأونروا محمية بموجب امتيازات وحصانات الأمم المتحدة.

وأكد لازاريني، أن الدخول غير المصرح به وإصدار أوامر الإغلاق يعد انتهاكًا لهذه الحماية، ويمثلان نقضًا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. مضيفًا أن أوامر الإغلاق غير القانونية هذه تأتي في أعقاب تشريعات من الكنيست الإسرائيلي تهدف إلى تقويض عمل الأونروا.

كما أكد المسؤول الأممي، على التزام الأونروا بالبقاء وتقديم التعليم والخدمات الأساسية الأخرى للاجئي فلسطين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفقًا لتفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة.

من جانبه، قال مستشار محافظة القدس معروف الرفاعي لـ “بالغراف”، إن مضمون القرار الذي تسلمته المدارس وحجة الإغلاق بأنها تعمل دون ترخيص، علماً أن إدارة هذه المدارس تتبع لوكالة الأونروا وهي مؤسسة أممية دولية، وبالتالي لم يكن مع هذه المدارس ترخيص للعمل، على اعتبار أنها تعمل ضمن الترخيص الممنوح لوكالة الأونروا، وأما الآن بعد حظر وكالة الأونروا بموجب قرار من الكنيست وإغلاق مكاتبها في القدس، تم منح هذه المدارس مهلة 30 يومًا لتصويب وضعها القانوني، وهذا أمر مستحيل، لأن إدارة الوكالة ذاتها تم إغلاقها ولم يعد هناك اعتراف إسرائيلي بها.

ولفت الرفاعي النظر إلى أن قرارات الإغلاق تزامنت مع مساعي مدارس بلدية الاحتلال وسباقها على استقطاب هؤلاء الطلاب من هذه المدارس لتسجيلهم لديها، حيث تقدم لهم تسهيلات مثل عدم حاجتهم لورقة نقل وعدم حاجتهم لكشف علامات، إضافة لتسهيلات مالية وجهاز حاسوب ومواصلات وغيرها.

وأكد الرفاعي، أن هناك حملة على التعليم في القدس، وتعتبر إسرائيل أن المنهاج الفلسطيني والمدارس الفلسطينية تمثل رمزًا من رموز السيادة الفلسطينية في القدس، وهو ما لا يعجبها في الوقت الذي تسعى فيه لاعتبار القدس عاصمة موحدة لها، وتسعى لفرض السيادة على كامل المدينة، لذا فهي تحارب كافة رموز السيادة الفلسطينية في القدس سواء التعليم، أو الرموز الدينية والوطنية، وإغلاق المكتبات، والمؤسسات التابعة للسلطة الفلسطينية، وغيرها من الانتهاكات التي تأتي ضمن الحرب على القدس.

وتابع الرفاعي، بأن إسرائيل تعتبر المنهاج الفلسطيني منهاج تحريضي ويربي على العداوة والبغضاء للاحتلال، وأن هذا التعليم هو المحرض الأساسي، وهذا الجيل الشاب الذي يتصدى للمسيرات والاقتحامات في القدس، نتيجة للتحريض في المنهاج الفلسطيني، لذلك هناك محاولات لتهويد التعليم في القدس.

والهجمة على التعليم في القدس- بحسب الرفاعي، تأتي أيضًا ضمن محاولة الاحتلال فرض ما يسمى بالقدس الكبرى، حيث إن هناك مخططات لضم كتل استيطانية كبيرة، وإقرار لبناء وحدات استيطانية أخرى في عدد من المناطق، وإذا تم هذا فسوف يكون هناك حلقة استيطانية تحيط في مدينة القدس وتعزلها عن وسطها العربي والفلسطيني.

أما حول الدور المطلوب منهم في السلطة الفلسطينية للتصدي لهذه القرارات، قال الرفاعي إن الكرة الآن في ملعب الأمم المتحدة، حيث إن وكالة الأونروا تابعة للأمم المتحدة، وتمويلها يأتي من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لذا فالمطلوب الدفاع عنها من المجتمع الدولي ومجلس الأمن، الذين أصدروا قرارًا بتأسيسها.

لكنه استدرك بالقول “علمًا أننا في الدبلوماسية الفلسطينية رفعنا تقارير لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وممثلي الدول التي لها ممثليات في إسرائيل وفي السلطة الفلسطينية، وبالتالي يجب أن يكون هناك جهدُ عربي ودولي”.

بدوره، أكد المتحدث باسم اتحاد لجان أولياء أمور مدارس القدس رمضان طه لـ “بالغراف”، أن هذه القرارات ليست قانونية، وخطوة استباقية من الاحتلال لتنفيذ قرار سياسي. 

وأوضح طه، أن هناك هجوم على التعليم في القدس وهي هجمة قديمة جديدة، ولكن تُستحدث فيها الخطوات التي تقوم بها سلطات الاحتلال لإغلاق المدارس، إن كان في موضوع التراخيص، أو منع التمويل، أو محاربة المنهاج، والآن مدارس الأونروا التي لها وضع خاص بعد إصدار قانون في الكنيست بحظر الأونروا، والمدارس هي جزء من هذه المنظومة، وبالتالي فهي هجمة تكاملية ومتدحرجة على التعليم في القدس تكون حسب الرؤية الموجودة بين أيديهم وحسب الوضع الدولي. 

وأكد طه على رفضهم لهذا القرار معتبرًا أنه أمر سياسي، يسلب حق أطفالهم في التلعيم، خاصة في ظل الظروف الحالية، وفي نهاية العام الدراسي، وقرب الامتحانات النهائية، فلا قدرة لأحد على استيعاب هذا العدد من الطلبة في نهاية عام دراسي، وتوفير مقاعد دراسية لهم، وفي ظل الضغط الموجود حاليًا على المدارس في القدس.

وأشار طه إلى وجود خطوات تخويفية للأهالي في القدس، ولكن لدى الأهالي وعي كامل بأن هذا القرار غير قانوني وحق التعليم مكفول، ولا يجوز إلقاء الأطفال في الشوارع في ظل ظروف صعبة، قائلًا إن “هذا أمر غير قانوني وترفضه كل المواثيق الدولية التي تنص على الحق في التعليم لكل طالب في العالم”.

لذا طالب طه المؤسسات الدولية والحقوقية في العالم القيام بدورها الطبيعي في التصدي للقرار، إن كان المجتمع الدولي معني بشكل جدي بحق الطلبة في التعليم في كل أرجاء العالم. 

جدير بالذكر أن هذه هذه التطورات تأتي في ظل قانونين صادق عليهما الكنيست في أواخر تشرين الأول 2024، يهدفان إلى حظر نشاط الأونروا داخل “حدود إسرائيل”، حيث يقضي الأول بوقف عمل الوكالة داخل المناطق السيادية لإسرائيل وعدم تزويد أي خدمات أو أنشطة من داخل تلك المناطق.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة