loading

ثلاث سنوات على بالغراف

في الـ ١٧ من نيسان أكملت بالغراف عامها الثالث، منصة إعلامية فلسطينية، وموقعاً إخباريا رائدا، أردنا له أن يشكل منحىً جديدًا في الساحة الإعلامية الفلسطينية، متحررًا من شروط التمويل، وطامحًا لبحر الاستقلالية، ونافضًا لغبار القوالب الصحفية التقليدية، باحثًا عن أبواب جديدة، تقدمُ المحتوى الإعلامي لجمهور المتلقين، بما يحفظ أسس وأخلاقيات المهنة، ويجيب على استفسارات الجمهور.

قبل ثلاث سنوات، كان ميلاد بالغراف عصيباً صعباً، من جهة محدودية التمويل، ليخرج موقعاً فلسطينياً مستقلاً مهنياً في ظل حالة الانقسام والاستقطاب الثنائي سواء على الساحة الفلسطينية أو حتى على الساحة الإقليمية المزدحمة بمواقع وأسماء مما هبَ ودَب.

وكان تحدينا الثاني، إطلاق منصة صحفية فلسطينية، تعتمد بشكل أساسي على الصحافة المتأنية، التي تتبع نهج الصحافة التفسيرية، والتي تغطي إجابات الجمهور، كان هذا وظلًّ صعباً في ظل صحافة الأخبار العاجلة، وعصر السرعة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وشكل اعتماد غرفة تحرير بالغراف على القصة الصحفية الإنسانية، تحدياً آخر، في ظل منطقة تعج بالأحداث، وتزدحم بالأخبار العاجلة، وتضيعُ بين عشرات الأرقام، بين شهداء ومعتقلين ومصابين، ومنازل مهدومة ومهجرة، وأراضي مصادرة ومضمومة.

والوصول إلى جمهور يُقدر القصة، وينتظر التفاصيل، كان هدفاً أساسياُ صعباً في ظل كل هذه المعطيات، لكننا على مدار ثلاث سنوات حافظنا على منحانا الجديد، وعلى جودة وأصالة منتجنا الإعلامي، الذي يقدم للجمهور مادةً مفيدة بعيداً عن زحمة الفضاء الالكتروني.

وشكلت الحرب على فلسطين، تحدياً كبيراً لمنصتنا الجديدة، كم كبير من القصص، وكم أكبر من التحديات، التمسك بأصالة المحتوى وجودة المُنتج، الحفاظ على المهنية ومحاربة الشائعات، وتطوير قوالب جديدة لتتناسب مع ضخامة المشهد وتعاطي الجمهور.

ورغم الإمكانيات المحدودة، إلا أن بالغراف، ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعت أن تكون واحدة من أكثر المنصات المُتابعة على صعيد تغطية الأحداث في الأرض المحتلة، واستطاعت دون أن تعتمد على أي نوع من أنواع التمويل الوصول إلى ملايين المشاهدات وآلاف المتابعين.

بل ونستطيع القول، أن بالغراف أسست مع شركائها وأصدقائها من الصفحات الفلسطينية الفاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي، قوالب صحفية جديدة، تفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وتسلط الضوء على جرائمه التي خالفت كل القوانين الدولية في قطاع غزة.

ووصلت مواد بالغراف المصورة والمترجمة، إلى ملايين المتابعين حول العالم، ما جعلها أيضاً تتعرض للعديد من المضايقات والتقييدات سواء على مواقع التواصل الاجتماعي، حظر وحذف وتقييد، أو في الميدان من خلال الملاحقة والتهديد.

وعززت بالغراف حضور الإعلام المسموع، من خلال تعزيز حضور البودكاست على الساحة الإعلامية الفلسطينية، وأنتجت بالتعاون مع عدد من المؤسسات برامج مختلفة ومتنوعة، حظيت بمتابعة كبيرة، وناقشت قضايا مهمة ومثيرة على الصعيدين المحلي والدولي.

كما حرصت بالغراف على مدار سنواتها الثلاث، على تطبيق رؤيتها التي انطلقت منها مؤسستها الأم، مؤسسة لمة صحافة للإعلام المجتمعي، فكانت منصة لكل الصحفيين الشباب، تعمل معهم غرفة تحريرها، وتساعدهم في ترويج موادهم الصحفية وتعمل معهم عليها.

كما كانت بالغراف باباً مفتوحاً لكل الخريجين الجدد، تترجم كل التدريبات التي يخوضونها مع “لمة صحافة” إلى مواد صحفية، مكتوبة ومرئية ومسموعة، تنشر بأسماء أصحابها الطامحين إلى فرص جديدة، مؤسسة لشراكة جديدة ومثمرة بين الصحفيين الخريجين والعاملين من ذوي الخبرة.

كما حاولنا جاهدين في بالغراف، أن نمد يد العون لكل زملائنا المتضررين من الحرب، والذي وجدو أنفسهم دون عمل بعد إغلاق مؤسساتهم واستهدافها من جهة، وقطع التمويل عن كثير من المؤسسات الإعلامية من جهة ثانية، فكانت أبواب بالغراف مفتوحة لهم، تستكتب أقلامهم وتحاول المساهمة معهم رغم محدودية التمويل.

ثلاث سنوات، مئات التقارير والقصص، آلاف الفيديوهات، وظلت بالغراف على أسسها التي انطلقت من أجلها، منصة مستقلة، تعتمد على صحافة مختلفة، لا تركضً وراء الأخبار العاجلة، بل تنتظر إجابات الأسئلة، وتقدم محتوى نعتقد ونتمنى أن يشكل محنىً جديداً كما نريد.

نكتب هذه الكلمات، ونحن نشحذ الأمنيات، بأن يكون عام بالغراف الرابع، عام خير على شعبنا وبلدنا فلسطين، وأن يكون الأمان قد عم على أهلنا وناسنا المكلومين في غزة والقدس والضفة الغربية، وأن نعزز موادنا الصحفية عن صمود شعبنا بمواد أجمل عن انتصارات كفه على مخرز الاحتلال.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة